هكذا قُتل الفيتوري في الخرطوم
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

... هكذا قُتل الفيتوري في الخرطوم!

المغرب اليوم -

 هكذا قُتل الفيتوري في الخرطوم

عثمان ميرغني
بقلم - عثمان ميرغني

«كان سقفَ رَصَاصٍ ثقيلاً

تهالَكَ فوق المدينة والنّاس

كان الدّمامَة في الكونِ

والجوعَ في الأرضِ

والقهرَ في الناسِ»

كأنَّما شاعرنا محمد الفيتوري الذي توفي عام 2015 يصف في هذه الأبيات من قصيدته «التراب المقدس»، شيئاً من أحداث السودان في مأساة حربه الراهنة. فللشاعر أكثر من فجيعة في هذه الحرب. قبل أيام قليلة تناقلت الوسائط خبر مقتل ابنه الشاب تاج الدين (أو إيهاب كما عرفه أصدقاؤه وزملاؤه) في منزله بالخرطوم بحري، وقال معارفه إنه قتل برصاص أفراد من قوات الدعم السريع بعدما رفض تسليم ممتلكاته.

قبلها بأشهر، وفي بدايات الحرب، حلت فاجعة أخرى ببيت الفيتوري، إذ قُتلت زوجته آسيا عبد الماجد الكتيابي، وهي من رائدات المسرح السوداني ومن السيدات اللائي أعطين اهتماماً كبيراً بتعليم الصغار. وأثارت وفاتها حزناً كبيراً في الأوساط الثقافية السودانية بعدما تردد أن أسرتها اضطرت وقتها لدفنها في منزلها، إذ تعذر دفنها في مقابر المدينة بسبب القتال.

لو كان الفيتوري حياً اليوم لبكى بحرقة على آسيا التي كان لها أثر كبير في مسيرته ورمز لها في بعض قصائده بالأبنوسة والسمراء، ولبكى على ابنه إيهاب (تاج الدين) الذي كان يسير على خطاه في دروب الشعر، وله إبداعات متنوعة وقصائد في المديح النبوي.

ليس هذا كل شيء، فهذه الحرب الكارثية التي أحدثت دماراً غير مسبوق وتسببت في جروح غائرة مست كل سوداني، كان لها فاجعة أخرى في مسقط رأس الفيتوري في مدينة الجنينة ووسط أهله من قبيلة المساليت التي استهدفت بمذابح إبادة عنصرية أدانها العالم وحمَّل قوات الدعم السريع مسؤوليتها. ولن ينسى الناس بسهولة مقاطع الفيديو التي وثقت لتلك التصفيات العرقية، ومن بينها فيديو دفن مجموعة من شباب المساليت وهم أحياء وتحت تهديد السلاح.

وفي ظل تعقيدات الحرب أبدى بعض الناس مخاوفهم من أن يكون مقتل إيهاب (تاج الدين) في منزله مرتبطاً بكونه من جذور قبيلة المساليت، وأن من داهموا المنزل أطلقوا عليه النار بعدما اكتشفوا خلفيته، أو أنهم كانوا يعرفون ذلك قبل استهدافهم المنزل، وأن رفضه تسليم ممتلكاته كان مجرد ذريعة.

آخرون يرون في مثل هذه الهجمات مبرراً للاستنفار الشعبي والمقاومة المسلحة، في الوقت الذي يستمر فيه تمدد قوات الدعم السريع.

الواقع أنه بينما يتفق الناس على وجود الانتهاكات الواسعة، فإنهم يختلفون حول موضوع المقاومة الشعبية المسلحة، وسط تحذيرات من المعارضين للخطوة من مخاطر أن يؤدي الأمر إلى حرب أهلية. المؤسف أن ما يحدث في السودان ينطبق عليه بالفعل مفهوم الحرب الأهلية التي تُعرّف على أنها «صراع مسلح بين مجموعتين أو أكثر داخل الدولة»، وتتنوع الدوافع والأسباب من محاولة السيطرة على الدولة، والحكم، أو الموارد، وقد تتداخل أو لا تتداخل معها دوافع جهوية، أو قبلية، أو عرقية، أو طائفية.وحتى إذا تجاوزنا إشكالية التعريف فإن من يعارضون فكرة الاستنفار الشعبي للمقاومة لا يقولون للناس كيف يحمون أنفسهم في ظل هذه الظروف، مع إدراك أن الجيش بقدراته الماثلة لم يعد قادراً على توفير الحماية في كل رقعة.

الحقيقة أن الناس بعد تسعة أشهر على الحرب، يقدمون على التسلح مضطرين وهاجسهم الأول هو الدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم وأعراضهم، بعدما شاهدوه في الخرطوم ودارفور وأخيراً في الجزيرة، وبعدما رأوا أن الذين تركوا بيوتهم ومنازلهم ولجأوا إلى ولايات أخرى وجدوا الحرب تلاحقهم، ما جعل كثيرين يتساءلون إلى متى، وإلى أين يستمر الناس في الهروب؟

فعدم التسلح لم يضمن للمدنيين أماناً، لا سيما في الوقت الذي تتواصل فيها عمليات اقتحام قوات الدعم السريع لمدن وقرى في ولاية الجزيرة لا توجد فيها حاميات للجيش أو مظاهر عسكرية، ويقوم المسلحون بنهب ممتلكات المواطنين وسرقة سياراتهم، على الرغم من تعهدات قادة هذه القوات بمحاسبة «المتفلتين» من عناصرهم.

المفارقة أن قوات الدعم السريع ذاتها انضمت إلى حملات الهجوم الرافضة للاستنفار للمقاومة الشعبية على أساس أنها تجر البلاد إلى حرب أهلية، هذا في حين أنها (أي هذه القوات) لو أرادت طمأنة الناس بالفعل، وعدم دفعهم لحمل السلاح، بمقدورها وقف توسعها واستهداف المناطق الآمنة، وإعطاء فسحة للمفاوضات وجهود وقف النار. فالجيش لا يهاجم منذ أشهر، بل يدافع، بينما الطرف الذي يهاجم ويتوسع هو قوات الدعم السريع.

بالتأكيد ليس هناك من عاقل يود أن يرى أي سلاح خارج سيطرة الدولة، لكننا للأسف الشديد تجاوزنا مرحلة انتشار السلاح، وتكاثر الحركات المسلحة، وأصبح السودان كله على المحك وتحت رحمة السلاح. في ظل هذا الوضع يصبح الدفاع عن النفس وعن البلد حقاً مشروعاً مقدماً على أي اعتبارات أخرى.

الاستنفار الشعبي للمقاومة لن يعود ضرورياً إذا زال الخطر وتوقفت الحرب، لكن حتى ذلك الوقت فإن المقاومة الشعبية يمكن أن تصبح عامل ردع، وعنصر موازنة على الأرض يمنع التمدد الحاصل الآن في الحرب، الذي إن استمر، فلن يصعب الحل التفاوضي فحسب، بل سيكون الكارثة التي لا يعرف أحد إلى أين ستقود البلد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 هكذا قُتل الفيتوري في الخرطوم  هكذا قُتل الفيتوري في الخرطوم



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib