فكرة الحضارة بين الحداثة و«الحداقة»
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

فكرة الحضارة بين الحداثة و«الحداقة»!

المغرب اليوم -

فكرة الحضارة بين الحداثة و«الحداقة»

حسين شبكشي
حسين شبكشي

كنت أتابع منذ أيام قليلة مضت برنامجاً حوارياً في إحدى القنوات الفضائية العربية، يدور الموضوع الرئيسي فيه ببساطة واختصار حول محاولة الإجابة عن سؤال واحد هو: «ما هي الحضارة الأفضل على مر التاريخ»؟ وبدأ كل ضيف من الضيوف في التسابق الشديد والحاد في تقديم الحجج والبراهين والأدلة على رجاحة اختياره، وتبادل السرد من الضيوف بإبراز أهمية أدوار الحضارة المصرية القديمة الفرعونية، وحضارة ما بين النهرين، وحضارة سوريا التاريخية القديمة، وحضارة فارس القديمة، وحضارة الصين، وحضارة الهند، مع عدم إغفال ما تم تقديمه من قبل الحضارة الأوروبية متمثلة في حضارتي أثينا وروما، بل حتى تم التطرق إلى دور حضارات الازتك والمايا والإنكا في مناطق أميركا اللاتينية.
والحقيقة أن النظرة المحدودة التي تصر على أن هناك حضارة أحسن من غيرها أو أن عرقاً أحسن من غيره أو أن شعباً أفضل من آخر، هي نتاج الجهل والجاهلية المتوارثة بأشكال متنوعة ومختلفة، ولكنها تصب جميعها في المصب الخبيث نفسه. فالحضارات الإنسانية عبر التاريخ مطلوب أن يتم التعامل معها على أساس أنه سباق تتابع من نوعية المسافات الطويلة جداً، كل حضارة تسلم نتاجها ومخرجاتها للحضارة التي تليها: الواحدة تلو الأخرى وكأنها تتسلم عصا التتابع.

إنها باختصار شديد حالة واضحة من التفاعل والتعاون البشري والتراكم المعرفي المتتابع. بناء معرفي على ما تم من قبل من دون الحاجة لإلغاء ما سبق أو إلى هدم ما تم بناؤه بشكل كامل. فالثراء العظيم الذي يعرف عن حضارة بلاد ما بين النهرين، كم أظهره خزعل الماجدي في كتبه القيمة أن هذه الحضارة كانت حضارة أممية شمولية تأسيسية، والشيء ذاته ممكن أن يقال عن حضارة سوريا التاريخية التي يقدمها لنا فراس السواح في كتبه المهمة واللافتة التي يظهر فيها عمق تلك الحضارة وعطاءاتها الثرية في مختلف المجالات.
عدا ذلك هناك حضارة فارس القديمة التي تألقت في الجوانب الروحية والفلسفية، فقدمت الديانتين الزادرتشتية والمانوية، بالإضافة لإبداعات عديدة في مجالات متنوعة. وهناك الحضارة المصرية الفرعونية القديمة، التي لا تزال إبداعاتها في مجالات المعمار والطب والتصميم ومجالات أخرى عديدة ومختلفة محيرة وتثير دهشة واستغراب العديد من الخبراء والعلماء حتى اليوم، وهو ما أشار إليه الباحث المصري الكبير الدكتور جمال حمدان.

وهناك الكثير مما يمكن أن يقال بحق الحضارة الأوروبية وأثرها المهم على العالم في مجالات العلوم والفنون والآداب والعمارة والطب والهندسة والحقوق والقانون، وقبلها كان العالم قد استفاد من نتاج وعطايا ومنتجات حضارتي الصين والهند.
العالم بحضاراته ليس بجزر منعزلة مستقلة عن بعضها البعض، ولكنها مترابطة إنسانياً وبتبادل المعرفة، التي فتحت مهارات الترجمة شِفرات العلوم الخفية من قبل وكان ذلك أشبه باكتشاف الجاذبية أو اكتشاف الكهرباء في أهميته. واليوم تقوم الشبكة العنكبوتية المعروفة باسم الإنترنت، بدور مهول وعظيم لتوحيد الحضارات وتقريب الجزر المعزولة عن بعضها البعض، فالناس يشاهدون الأفلام والمسلسلات نفسها، ويقرأون الكتب نفسها، ويسمعون الأغاني نفسها، ويحترمون القوانين نفسها والقوانين التي تعترف بخصوصياتهم وخياراتهم المختلفة.
لا تتحمل البشرية ولا يمكن تحميل الإرث الإنساني هم وثقل وعبء ووزر تفضيل حضارة على أخرى بعد اليوم، فتاريخ الخلافات والحروب الدموي الذي أشعلته هكذا طروحات يبرهن لنا العبثية الكبرى التي لا يمكن أن تغتفر لتلك الطروحات الهزلية. لا يخاف من النظرة المتقاربة لحضارات العالم المختلفة إلا المضطربون والخائفون على هوية هشة اعتمدت على صناعة سردية معينة لتبرير الوجود. واليوم مع الانفتاح التاريخي على الآخر على صعيد العالم وتبني نظرة موحدة وقيم موحدة، يصبح الرافض لهذه المنظومة الجديدة أشبه بكوريا الشمالية، فالكل يعرف أين تقع، ولكن لا أحد يرغب في الذهاب إليها.

مشروع صدام الحضارات حذر منه المؤرخ الأميركي الراحل صمويل هانتنغتون في كتابه الذي أثار جدلاً كبيراً في وقته «صدام الحضارات» وشاهدناه بعد ذلك يأخذ أشكالاً مختلفة في مناطق مختلفة حول العالم، وذلك بوجود خطاب انعزالي عنصري همجي يزيد من حرارة الانشقاقات الفكرية المؤيدة لمشروع صدام الحضارات المدمر.
لا توجد حضارة أفضل من أخرى... هذه هي الخلاصة التي يمكن الخروج بها، فالكل نتاج من سبقه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فكرة الحضارة بين الحداثة و«الحداقة» فكرة الحضارة بين الحداثة و«الحداقة»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib