رقمنة العالم ساحة القتال الجديدة
أخر الأخبار

رقمنة العالم... ساحة القتال الجديدة!

المغرب اليوم -

رقمنة العالم ساحة القتال الجديدة

حسين شبكشي
بقلم : حسين شبكشي

مع انتهاء أحداث ووقائع المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الذي انتهت فعالياته منذ أيام قليلة، سرت مشاعر سلبية عند الكثيرين من الذين حضروا، مفادها أن المنتدى الذي كان قِبلة المقتنعين بفكرة نظام العولمة وأهميتها في تأسيس منهجية للتجارة البينية العابرة للحدود والثقافات، بات اليوم فاقداً لمكانته وقدرته التأثيرية في ظل صعود جديد وقوي ومخيف للصراعات بين القوى الكبرى، التي تتفاوت حدتها بين الحروب الباردة وساحات الحرب الساخنة.
وإذا كان الحذر لا يزال هو الفيصل حتى الآن في عدم حصول توسع كارثي للحرب الحاصلة بين أوكرانيا وروسيا لتصبح حرباً عالمية ثالثة بشكل حقيقي ومتكامل، وبالتالي بات المراقبون على قناعة بأن التركيز سيكون على الساحة الرقمية العريضة، التي ستكون عليها أحداث الحرب العالمية الثالثة بشكل مختلف تماماً عن سابقتيها.
كانت هناك قناعة عظيمة في السابق مفادها أن الشبكة العنكبوتية المعروفة بالإنترنت ستكون أداة ووسيلة فاعلة ومؤثرة لتسريع حركة التجارة البينية والعولمة، وأن العصر الرقمي سيصنع تاريخاً جديداً للعالم. بعد أن قدم لتلك الفترة بأنها نهاية للتاريخ فإن الصورة مغايرة تماماً اليوم... القوة الرقمية باتت مركزة في أيدي القلة من شركات التقنية العملاقة، وتحديداً في كل من الولايات المتحدة والصين والبعض منها في تكتل السوق الأوروبية، الذي أدى إلى تفتت رقمي أعظم في العالم. والتنافس المتزايد والمحموم بين الصين والولايات المتحدة في القطاع التقني تحديداً أدى إلى ضربات سيبرانية متزايدة في أعدادها وآثارها، وإن كانت محدودة الأهداف على أطراف ثالثة محسوبة على أحد الفريقين، كما زادت السرقات للأفكار والأموال الرقمية بشكل مخيف. وبينما تزداد أهمية ما يحدث على الساحة الرقمية من تطورات لافتة ومهمة تزداد معها أهمية شركات التقنية الكبرى وتزداد خطورة دورها، وبالتالي تزداد معها حظوظها في فرض شروط أفضل لصالحها في مفاوضاتها المستقبلية مع الحكومات لتتحول هذه الشركات إلى كيانات لا يمكن الاستغناء عنها. وبينما يستعد العالم لحدث رقمي واعتداء سيبراني يشبه أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) في أهميته أو حتى حدث رقمي بأهمية الاعتداء على بيرل هاربور وأدى إلى دخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، يخرج علينا رأيان؛ الأول من العالميين أنصار العولمة مفاده أن الحكومات لن تتمكن من الحفاظ على الميزة التنافسية اقتصادياً وتقنياً إذا استمرت عقلية «التخندق» تسيطر عليها، ومن الصين أيضاً هناك صوت عولمي يقول إن الشرعية لقوة الصين الصاعدة يجب أن تكون في قدرتها على تأسيس مركز عالمي لتطوير التقنية في الصين، وبالتالي ستحسم المواجهة بين الأصوات العولمية والأصوات الوطنية بمن ينتصر مسخراً التقنية الحديثة لأهدافه، وهي أهداف لن ترى إلا في الساحة الرقمية.
لم يعد من الممكن الحديث عن شركات التقنية الكبرى بأنها أدوات في أيدي حكوماتها، ولكنها تحولت إلى لاعبين مؤثرين في الخريطة الجيوسياسية الدولية، ومن المهم جداً ملاحظة أن ثقافات شركات التقنية الكبرى هي مرآة لمجتمعاتها، فهي تعكس الصراعات الآيديولوجية، وبها الوطنيون والعالميون والتقنيون الفضلاء، وهو مسمى يطلق على مَن يعتقد أن التقنية قادرة على تحويل المجتمعات إلى مجتمعات مثالية وفضلى. شركات التقنية الكبرى تواجه ضغوطاً غير مسبوقة من حكوماتها لتكون أسلحة في ترسانتها، وبينما يعرف الكثيرون عن أهداف العالميين والوطنيين فإن الفريق الثالث المسمى التقنيين الفضلاء لا يقل أهمية عنهم، فهو باختصار يضم الرؤساء التنفيذيين النافذين والفاعلين والمؤثرين في شركات التقنية الكبرى، الذين لديهم أهداف وطموحات وأحلام تتخطى الأطر التقليدية لأهداف أعمال شركاتهم فيصبحون بها المسؤولين عن القضاء على الأمراض وتوزيع اللقاح وإنقاذ مناخ الكوكب وغيرها من الأهداف الكبرى، ليصبحوا في بعض الأحيان في مواجهات مباشرة مع بعض الحكومات. ويبقى السؤال القائم الذي يشغل المتابعين لهذا الشأن، وهو هل ستتغاضى الحكومات عن أحجام وقوى ونفوذ شركات التقنية الكبرى المتعاظم أم ستسعى لتفتيتها وإضعافها مما سيهدد مزايا تنافسية أتاحتها وكانت داعمة للاقتصاد؟ الإجابة المنتظرة عن هذا السؤال ستكون مفتاحاً لمعرفة شكل الحرب الرقمية العالمية المقبلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رقمنة العالم ساحة القتال الجديدة رقمنة العالم ساحة القتال الجديدة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 05:39 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

نتائج آخر 4 مباريات بين الإنتر وفيورنتينا

GMT 05:34 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

أبرز أرقام ديبالا ضد بارما

GMT 01:55 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميريام فارس تعود إلى محبيها بعد إصابة قدمها اليمنى

GMT 01:43 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أردنية تبدع في صناعة حلوى الدونات بطريقة جذابة

GMT 09:36 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

إيطاليا تمنحُ نصف مليون يورو إلى مخيمات تندوف

GMT 15:30 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

كوبا... هل هي نهاية جيل سييرا مايسترا؟

GMT 16:17 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

المجموعة الثانية : البرتغال- اسبانيا - المغرب - ايران

GMT 13:02 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نهضة بركان يقيل مدربه رشيد الطاوسي بسبب سوء النتائج

GMT 02:17 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التكنولوجيا يكشفون عن موعد طرح الدمية الجنسية

GMT 07:17 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في مرتيل‎

GMT 19:19 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

نجلاء بدر تكشف عن استكمال تصوير مسلسل "ستات قادرة"

GMT 05:29 2015 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

جينفر لورانس تلفت الأنظار بثوب أبيض أنيق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib