مفيد فوزي رائد صحافي مفيد

مفيد فوزي... رائد صحافي مفيد

المغرب اليوم -

مفيد فوزي رائد صحافي مفيد

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

ورد اسم مفيد فوزي بعدد «الشرق الأوسط»، الصادر أول من أمس، كما يلي: «صاحب مدرسة الاستفزاز الإيجابي»، «صوت البسطاء» و«كاتم أسرار النجوم». تلك أوصاف مِهنية تليق بالراحل الكبير، أحد كبار رواد عصر شبابه الصحافي، ولوجاً إلى منتصف العمر، حين تألق عطاء إبداعه وتعدد، متواصلاً طوال سنوات الخواتيم. حقاً، بدأ مفيد فوزي ناجحاً، وتفوق مُعلماً، وتميز رائداً، وختم مشوار الحياة وقد فاز، إنساناً، بمحبة واحترام كل من حظي بالتعرف عليه عن قرب، وبالحصول منه على اعتراف بوجود موهبة ما واعدة، تنتظر فرصة اكتمال النشوء حتى تتطور فتنطلق كي تحلق في فضاء إمكاناتها. مفيد فوزي حقيق أيضاً أن يُعطى وصف الرائد الصحافي المفيد، فهو عبر المراحل كلها كان اسماً على مُسمى. أفاد في كل المجالات التي صال فيها وجال، من الصحافة إلى الإذاعة والتلفزيون. عمم فوائد خبرته فلم يحتكرها، ولم يبخل بها، بل علمها للراغبين والراغبات في التعلم بين الأجيال الشابة، التي شدها حب الصحافة، أو التي وقعت في غرام فضاءات الإعلام على اختلاف مشاربها.
أجائز القول إن عشائر الصحافيين، وقبائل الإعلاميين، تضم ثمة مَن هم غير مفيدين لغيرهم؟ يجوز افتراض أن البعض قد يثير هذا السؤال لاستغراب الاحتمال في حد ذاته. الإجابة، باختصار شديد، هي نعم. وقبل القفز إلى أي استنتاج مُسبق، وبالتالي اللجوء إلى منهج إطلاق الجاهز من أحكام، سوف أبادر إلى القول إنني لستُ أقصد الإعلام والصحافة في العالم العربي، حصراً، أو على وجه التحديد. كلا، هذه حالة وُجدت، كما يعرف أصحاب الخبرة الأقدم من خبرتي وأهم، مذ وجد فن التواصل الإعلامي الحديث، باختلاف المنابر والمنصات. على صعيد ذاتي، وبحكم مشوار صحافي طويل أرادته الأقدار أن يبدأ مبكراً، منذ سِني مطالع الشباب في قطاع غزة، قبل أن أبدأ الاحتراف في مدينة بنغازي، ثم أنتهي مهاجراً في لندن، قيض لي أن أجالس صحافيين كانوا أعلاماً في زمانهم، بعض منهم لا يزال متألق العطاء، وكذلك كتاباً كانوا نجوماً، وأيضاً شعراء أبدعوا ورددت أشعارهم أجيال، في حيواتهم وبعد رحيلهم. في معظم تلك المجالس كان أغلب الكبار رواداً تزداد قاماتهم عُلواً كلما بالغوا في تواضعهم إذ يكررون ذكر أفضال من سبقوهم من الرواد عليهم فيما وصلوا إليه من علم ومعرفة. كان ذلك من حُسن أقداري، فمن أولئك تعلمتُ، واستوطن العقل مني، أن قليل الخُلق وحده هو من ينكر فضل السابقين على اللاحقين في الحقول كلها، وليس في مجالات الإعلام وحدها.
بيد أن المجالس، بكل زمان، وأي مكان، لم تخل، ممن ليس فحسب يبخل في أن ينسب الفضل لمن يستحق، بل تراه يوحي، إما تلميحاً بخجل، أو صائحاً بتفاخر، أن الفضل في كل أمر يعود إليه، وربما يمُن على نفر عمل إلى جانبه فيذكر بعضهم. تكراراً، لاحظت هذا بين غير العرب كذلك. الأسوأ مما سبق، هو عدم الاكتفاء بأنانية تغييب الغير مقابل النفخ المستمر في «أنا» الشخص، وإنما الذهاب إلى حد تبخيس أعمال الآخرين، والاقتراب من نفي وجودهم كلياً. سمعت شيئاً من ذلك في جلسات مع إعلاميين غير عرب أيضاً. إذنْ، كيف يمكن لأي إعلامي، من ذلك الصنف تحديداً، أن يحرص على إفادة غيره؟
مستحيل، لأن الذي ليس مِن خير فيه لمن سبقوه، أو عاصروه، ممن هم وهن أهل مقدرة، وأصحاب فضل عليه وعلى غيره، لن يعنيه من قريب أو بعيد أن يفيد الآخرين، بعلمه أولاً، وحصيلة وفوائد تجاربه، ثانياً. ولأن مفيد فوزي، كان بعيداً عن ذلك الصنف، أمكنه أن يفيد غيره. سمعت هذا عنه من بعض الذين عرفوه عن قرب، وتأكد لي خلال المرة الوحيدة التي التقيته فيها. جرى ذلك مطلع ثمانينات القرن الماضي. كنت يومها أعمل في صحيفة «العرب»، وإذ بلغني أن مفيد فوزي يزور لندن، سارعت إلى فندق «PENTA» في «غلوستر رود» أتطلع للقاء أحد كبار رواد مجلة «صباح الخير»، إلى جانب مؤسسيها العمالقة، بدءاً بالفنان الكبير الرسام حسن فؤاد، الذي كان معنا في لندن زمنذاك، ثم يوسف فرنسيس، وصلاح حافظ، وغيرهم. كما قيل دائماً، سماهم على وجوههم. ولا شك أن السمات الطيبة تبقى بعد رحيل أصحابها، إنها ذكراهم التي تذكر بطيب خصائلهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفيد فوزي رائد صحافي مفيد مفيد فوزي رائد صحافي مفيد



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib