الهجرة وسيلة أم غاية

الهجرة... وسيلة أم غاية؟

المغرب اليوم -

الهجرة وسيلة أم غاية

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

بعد أيام، يطل العام الهجري الجديد 1446. بالطبع، تزخر المكتبات في قارات العالم الخمس بمجلدات عدة، تتحدث لغات عالمية مختلفة، فتروي سيرة النبي الأُمي الأمين، خاتم الرسل والنبيين، بدءاً من البعثة إلى الوفاة، وما جرى بينهما من أحداث عِظام، كان بينها حدث الهجرة من مكة إلى المدينة، في عاشر أعوام بدء إشهار الدعوة إلى الإسلام. العِبَر التي تجلَّت في الانتقال من مكة، حيث وقع الجهر بالرسالة المحمدية، إلى المدينة، مقر انطلاق إرساء أسس أول دولة للمسلمين بتوجيه وإشراف نبيهم، كانت دائماً، والأغلب أنها ستظل، موضع درس باحثين وعلماء مهتمين بتقصي وفهم أبعاد تلك الحقبة التاريخية، كونها أسهمت بشكل أساسي، ومؤثر، في تغيير بدايات، ومجرى، وخواتيم كثير من جِسام الأحداث في المجتمع الإسلامي، أولاً، ثم في العالم ككل.

معلوم، وما هو موضع جدال إطلاقاً، أن هجرة الرُّسل والنبيين ليست كما هجرات غيرهم من البشر، إذ إن أولئك مأمورون، عند اتخاذ قراراتهم بالتوجيه الإلهي. بيد أن القياس على أفعال الأنبياء، والحرص على الاقتداء بمواقفهم، حتى في الخاص من أمور حيواتهم، أمر مُستحب، بل محبذ، من منطلق أنهم بُعثوا كي يكونوا قدوة لأقوامهم. ما دام الأمر هكذا، يبدو ممكناً طرح السؤال التالي: هل قرار هجرة فرد ما أو جمع من الناس ككل، من موطنهم الأساس، حيث أرض ومرقد الآباء والأجداد الأولين، إلى بلاد الآخرين في مشارق الأرض والمغارب، يُتَّخذ وسيلةً بغرض تحقيق غاية فرضها واقعهم، وربما الأصح اضطرهم إليها اضطراراً، أم أنها تصبح غاية في حد ذاتها، بصرف النظر عن أساس الاضطرار إليها؟ الأرجح أن يتوقف مضمون الجواب عند كل حالة، لأن اختلاف حالات الأفراد، وتباينها بين المجتمعات، واضح للجميع.

على صعيد الشخص، كثيراً ما يحدث أن طالب أو طالبة علم ارتحلا للدراسة بعيداً عن الوطن، تَبين لكل منهما، بعد انتهاء مراحل التعلم كافة، أن فرص التطور علمياً، والاستقرار عائلياً، تتوفر في ديار الاغتراب على نحو غير متاح في الوطن، الأمر الذي يرجح كفة البقاء في الموطن الجديد، مع حرص مستمر لجهة الإبقاء على التواصل مع الأهل لتجديد حيوية الانتماء إلى الوطن الأصل. حصل ذلك، وهو مستمر في الحصول، وليس من عيب في أن تغدو وسيلة الهجرة غاية يستفيد منها الوطن الأساس في نواحٍ عدة.

ثمة جانب محزن في موضوع الهجرة هذا، يتبدى مما يُروى عن بعض أهل قطاع غزة - كمثال، فهم ليسوا وحدهم - الذين غادروا بلدهم في هجرة اضطرتهم إليها وحشية حرب بنيامين نتنياهو المستمرة، إذ يُقال إن بينهم من غدا غير مقتنع بالعودة إلى القطاع، حتى بعد توقف الحرب. أيُعقل هكذا موقف؟ كلا، بالتأكيد. لكن التبرير يزعم أن قدر غزة هو أن تنعم بفترة هدوء بضع سنين، ثم تُدمر من جديد، فما الفائدة من العودة إلى مكان ليس معروفاً متى ستنهال عليه قذائف البر والجو والبحر من جديد؟ تُرى؛ هل لدى أحد منكم أي جواب مقنع؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهجرة وسيلة أم غاية الهجرة وسيلة أم غاية



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib