السيولة الجيوسياسية والأزمنة الغرامشية
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

السيولة الجيوسياسية والأزمنة الغرامشية

المغرب اليوم -

السيولة الجيوسياسية والأزمنة الغرامشية

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

كيف يمكن للمراقب السياسي المحقق والمدقق، أن يصف أوضاع العالم، في الأوقات الأخيرة، لا سيما في ظل حالة السيولة الجيوسياسة المتجلية في زوايا الأرض الأربع، وبعد نحو ثلاثة عقود، من تصور لنظام عالمي أحادي التوجه، بقيادة أميركية منفردة، وبعد شبه استقرار أممي، مكنت له توازنات القوة ما بين حلفي وارسو والناتو؟

لا يحتاج الأمر لذكاء فائق حتى يدرك أن هناك توزيعات وتنويعات للقوة، تحدث فوق سطح البسيطة، وليس أدل على تغير المشهد العالمي مما جرى خلال الأيام القليلة الماضية في كامب ديفيد بولاية ميرلاند الأميركية، ذلك اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي ورئيس كوريا الجنوبية، ورئيس وزراء اليابان، والذي اعتبرته الكثير من الدوائر الدولية، إرهاصات لتوسع الناتو، أو ما بات يعرف بالناتو الآسيوي.

من ناحية ثانية، وخلال اليومين القادمين، سوف يلتئم شمل دول مجموعة البريكس، في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، بهدف لا يغيب عن أعين الجميع، وهو البحث عن تحالف دولي جديد، يخفض من انفراد الغرب بالمقدرات العالمية.
هل أصاب الفيلسوف الإيطالي انطونيو غرامشي كبد الحقيقة في تحليله لتغير المجتمعات حين قال: "تتجلى الأزمة تحديدا في أن القديم آيل إلى الزوال، بينما لا يستطيع الجديد أن يولد، وفي فترة التريث هذه، يبرز عدد كبير من الأعراض المرضية"... هل اليوم شبيه بالأمس، وهل حاضرات أيامنا نسخة مكررة مما جرى بعد الحرب العالمية الثانية؟
لم يعد عالمنا المعاصر مشابها لما كانت عليه الكرة الأرضية عشية انتصار دول الحلفاء على الفريق المنافس لهم أي دول المحور، والمتضمن ألمانيا النازية، وإيطاليا الفاشية، بالإضافة إلى اليابان الإمبراطورية.

في ذلك الوقت لم يكن العالم قد شهد العديد من التطورات التكنولوجية، لا سيما وسائل الاتصالات الحديثة، والأقمار الاصطناعية التي جعلت الكون قرية كونية واحدة، فقد كانت الأخبار تنتقل ببطء شديد من دولة إلى أخرى، ومن قارة إلى ثانية، ما جعل مسألة اتخاذ القرارات الدولية، تأخذ مسارات ومساقات هادئة إن لم تكن بطيئة، الأمر الذي اختلف طولا وعرضا شكلا وموضوعا عما نعيشه، وبخاصة بعد الانفلاش المعلوماتي والإخباري عبر الهواتف الذكية.

في نهاية الحرب العالمية الثانية لم يكن نموذج أشباه الدول معروفا ولا مؤثرا ونافذا كما هو الآن، ونقصد بأشباه الدول التجمعات الاقتصادية المالية العالمية، مثل كارتلات النفط، أو جماعات الضغط الخاصة بالسلاح، وفي مقدمها المجمع الصناعي العسكري الأميركي بأضلاعه الثلاثة: صناع السلاح في المصانع، وجنرالات الحروب في البنتاغون، إضافة إلى المشرعين في الكونغرس بغرفتيه الأعلى الشيوخ والأدنى النواب.

هذا النموذج من أشباه الدول هو ما يعرف بالشركات المتعددة الجنسيات، أو المتعدية الجنسيات، بمعنى أنها باتت فوق الانتماءات إلى دول بعينها، وأضحت كيانات اقتصادية أخطبوطية تسيطر على مقدرات العالم، بل لا نغالي إن قلنا إنها تمد أذرعها علانية وخفية للتحكم في صناع القرارات السياسية، من مشرق الأرض إلى مغربها، ومن شمالها إلى جنوبها.

الحاجة إلى نظام عالمي جديد، أمر ربما باتت تفرضه "الأشياء الحديثة في مجال الاقتصاد حول الكرة الأرضية، إذ يبدو للناظرين أن نظام "بريتون وودز" الذي تبلور في أعقاب الحرب الكونية الكبرى الثانية، لم يعد قادرا على السيطرة على الأحوال المالية والتوجهات الاقتصادية للعالم بصورته المعاصرة، وحتى مقدمته الضاربة المتمثلة في صندوق النقد والبنك الدوليين، لم تعد قادرة على متابعة مولد اقتصاد عالمي جديد، والسؤال هنا لماذا؟

باختصار غير مخل لأن قلب العالم القديم، ذاك الذي كان محلا للتراكم الرأسمالي في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، قد تغير وتحرك إلى الشرق، هناك حيث آسيا الصاعدة بقوة، وحيث الصين على سبيل المثال مرشحة خلال سنوات قليلة لأن تقود العالم ماليا، وحيث الدولار لن يبقى طويلا ذلك "اللورد الأخضر" القادر على أن يأمر فيطاع.

تحتاج الإنسانية في الوقت الحالي إلى نظام عالمي جديد قادر على التعاطي مع التهديدات التي تشكل نوازل، والتي تؤثر تأثيرا خطيرا على مستقبل الإنسانية، ومن غير أن توفر أحدا من سكان البسيطة.

ولعله من بين المسببات التي تستدعي البحث عن معالم وملامح عالم جديد، تطفو على السطح قضية "الذكاء الاصطناعي"، هذا التطور الخطير والمثير الذي يحاول إزاحة العنصر البشري، لصالح الروبوتات التي تهدد باحتلال وظائف العالم، ما ينذر بثورة جديدة بين البلاشفة والمناشفة، إن جاز لنا استعارة اللغة الروسية بمعناها المجرد وليس الأيديولوجي، أي بين الأغلبية والأقلية، أغلبية جموع العمال والفلاحين وأقنان الأرض، كما كان يقول أديب روسيا الكبير "فيودور دويستفسكي"، كما ستتشكل من المطحونين والمعذبين في الأرض، أولئك الذين باتوا عبيدا للرأسماليين من الإقطاعيين أصحاب رؤوس الأموال الحالمين بإحلال الروبوتات محل العنصر الإنساني.

يضيق المسطح المتاح للكتابة عن سرد المتغيرات التي تجعل من الحاجة إلى نظام عالمي جديد أمر واجب الوجود، ما دعا بالفعل البروفيسور الروسي "ديمتري يفستاييف"، إلى أن يتساءل مؤخرا عن محاولة روسيا الاتفاق على نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يحكم العالم.

هل من حاجة إلى يالطا جديدة تولد من رحم التغيرات الجيوبوليتيكة الأخيرة، ومن غير مدعاة لحرب عالمية ثالثة؟
مؤكد أن الزمن لا يعيد نفسه، وعليه فإن سيرورة يالطا لن تمضي بها الأيام من جديد على النحو الذي يتوقعه البعض، ولهذا يبقى الاجتهاد الدولي مفتوحا حول التساؤل الرئيس: "كيف للبشرية أن تبلور نظاما عالميا جديدا أكثر إنسانوية؟
حكما يبقى الانتظار سيد المشهد إلى حين نهاية حالة السيولة الجيوسياسية، وانتهاء فرضية الأزمنة الغرامشية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيولة الجيوسياسية والأزمنة الغرامشية السيولة الجيوسياسية والأزمنة الغرامشية



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib