أميركا حديث الوثائق وازدواجية المعايير

أميركا... حديث الوثائق وازدواجية المعايير

المغرب اليوم -

أميركا حديث الوثائق وازدواجية المعايير

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

هل كانت الولايات المتحدة في حاجة للمزيد من القضايا الشقاقية والفراقية، حتى تظهر إشكالية وثائق بايدن السرية، وكأنها رجع صدى مقابل لوثائق ترمب؟
فجأة ودون مقدمات، أعلن فريق الرئيس بايدن أن هناك وثائق سرية تم العثور عليها في مركز أبحاث بواشنطن، مرتبط بجامعة بنسلفانيا، استخدمه بايدن حين كان نائباً لأوباما، وبعد ذلك في الفترة ما بين منتصف 2017، وحتى بداية حملته الانتخابية الرئاسية لعام 2020.
المثير في أمر تلك الوثائق هو موعد اكتشافها في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وعدم الكشف عنها في ذلك الوقت، ما يعني أن هناك من احتفظ بسرية المشهد، إلى حين انتهاء الانتخابات النصفية للكونغرس، وضمان ألا يتأثر الحزب الديمقراطي سلباً.
والشاهد أنه ما إن بدأت التساؤلات ترتفع في الأفق، حتى فوجئ الأميركيون، مساء الأربعاء الماضي، بإعلان جديد من شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، يفيد، نقلاً عن مصدر لم تسمِّه، بأن معاوني بايدن اكتشفوا مجموعة أخرى من الوثائق السرية في موقع آخر غير مركز أبحاث واشنطن.
لم يتوقف الأمر عند حدود الموقع الجديد، بل امتد إلى تصريحات من معاوني الرئيس، عن احتمالات وجود مواقع أخرى بها وثائق، ما يفتح الباب على المزيد من أبعاد القصة المثيرة للجدل والقلق معاً.
ما الذي يحدث في الداخل الأميركي، ولماذا في هذا التوقيت تحديداً، وقبل نحو أسبوعين من احتمال إعلان الرئيس بايدن ترشحه لولاية ثانية، والمتوقع له توقيت قريب من إلقائه خطاب حالة الاتحاد.
لا تبدو هناك شفافية واضحة حول عدد تلك الوثائق، ولا مضمونها، ذلك أنه فيما يقول البعض إنها لا تحوي أسراراً عالية الأهمية أو شديدة الحساسية، فإن مصادر داخلية أميركية أخرى، تشي بأنها كذلك وتشمل معلومات حساسة، لا سيما عن الصين وإيران، بالإضافة إلى أوكرانيا وبريطانيا.
حين تم الكشف عن وثائق ترمب، قال بايدن مستنكراً ومستهجناً: «كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ كيف يمكن لأي شخص أن يكون غير مسؤول إلى هذا الحد؟»
يبدو التصريح طبيعياً ومنطقياً في ضوء الصراع الحادث بين الرجلين، ويظهر أيضاً أن هناك إمكانية ما للسهو أو الخطأ، في حال وثائق مركز أبحاث واشنطن، سيما أنه تم العثور عليها ضمن مستندات تخص عائلة بايدن.
غير أن ما لن يفهمه عموم الأميركيين، وسيتوقف عنده رجالات الحزب الجمهوري، وبخاصة في مجلس النواب، هو كيف يمكن اكتشاف وثائق أخرى في موقع آخر، عطفاً على احتمالات لوجود المزيد منها في مواضع غير معلنة بعد، بحسب مساعدي بايدن، الأمر الذي يخرج عن إطار السهو والنسيان المبررين إنسانياً، ويدخل في سياق دوائر تالية قد يتوجب معها التفكير جنائياً في المشهد.
هل ارتكب الرئيس أمراً مخالفاً؟
ذلك كذلك قولاً وفعلاً، سيما أن قانون السجلات الرئاسية ينص على ضرورة تسليم أصحاب المناصب الفدرالية جميع الوثائق الرسمية والسجلات السرية عند انتهاء خدمتهم الحكومية، إذ إنها مملوكة للولايات المتحدة وليس للرئيس أو نائبه.
والثابت أنه على الرغم من إنكار بايدن علمه بمحتوى هذه الوثائق، فإنه سيواجَه بتساؤلات جذرية ينبغي أن يقدم عنها إجابات، وبخاصة للشعب الأميركي، إن لم يتطور المشهد ويدخل التحقيق في سياقات الجريمة المنصوص عليها في القوانين الأميركية.
يتساءل الإعلام الأميركي، والشارع من ورائه، هل كان يحق للرئيس أن يحصل على تلك الوثائق من الأصل، أم أن حصوله عليها أمر مخالف للقانون؟ ثم لماذا لم يتم تسليمها سابقاً؟ وفي أي إطار جاء التسليم؟
سوف تعلو علامات الاستفهام حول الطريقة التي تم بها حفظ تلك الوثائق لسنوات، وما إذا كانت قد حظيت بشكل آمن، أم أن هناك أيدياً طالتها، وعيوناً قرأت سطورها، وشخوصاً سبروا أغوارها؟
أما الطامة الكبرى التي ستفتح أبواب العواصف العاتية على بايدن فموصولة بتوقيت الإعلان، ولماذا لم يتم بمجرد العثور عليها، مع علمه بأن الأمر يمثل حساسية كبيرة، في ظل وجود تحقيق مماثل يجري مع الرئيس السابق ترمب؟
يبدو من الطبيعي الآن أن قضية بايدن، مع ما يستجدّ منها بعد كتابة هذه السطور، سوف يوفر مادة دسمة لترمب للدفاع عن موقفه، فيما يستعد لخوض سباق الرئاسة 2024.
لم يتوان ترمب بالفعل عن استغلال الفرصة، وتساءل عبر شبكته الاجتماعية «تروث»، بالقول: «متى سيقوم مكتب التحقيقات الفدرالي بمداهمة العديد من منازل جو بايدن، وربما حتى البيت الأبيض؟».
سوف يرتفع الجدل، ويدور النقاش حامياً جداً حول ما إذا كانت وثائق بايدن هي المكافئ الموضوعي لوثائق ترمب أم لا؟
سيقول أنصار بايدن إن المشهد لا يقارَن، فقد تم اكتشاف الوثائق من قِبل فريق الرئيس، وتم تسليمها بشكل رسمي، أما في حال ترمب فهناك شبهات عديدة تتعلق بإعاقة العدالة، وليس فقط حفظ الوثائق بشكل غير صحيح.
لكن في كلتا الحالتين، ذهبت معلومات سرية إلى مكان لا ينبغي أن تذهب إليه، وخالف الرجلان القانون بشكل واضح ومباشر، ومع الاكتشافات المتوقعة للمزيد من الوثائق الخاصة بفترة بايدن كنائب للرئيس، يتصاعد في أعلى عليين تساؤل جوهري ومصيري: «هل ستقوم وزارة العدل الأميركية بما هو مطلوب منها تجاه الرئيس، أم أن ازدواجية المعايير سوف تفعل فعلها؟»
رصيد بايدن ليس بكثير، سيما أن هناك لطمة تلقّاها من إيلون ماسك، إذ فضح تدخل عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي في أعمال شركة تويتر، لقطع الطريق على نشر الفضائح المتعلقة بما وجد على كومبيوتر هانت بايدن، وبخاصة علاقات الأسرة مع أوكرانيا، وشفافية الرئيس الحالي.
لن يوفر الجمهوريون، ولا شك، حديث الوثائق، وسيُسخرونه في مواجهة بايدن بشكل رهيب، لكن البعض من أصحاب التاريخ المتآمر في الداخل الأميركي يقول ربما للديمقراطيين يد في أمر كشف الوثائق، بهدف الخلاص من بايدن الذي بات عبئاً ثقيلاً عليهم.
ماذا بعد؟
تبدو الولايات المتحدة أمام نهاية مرحلة، ربما تتطلب الخلاص منهما معاً، وبداية صحوة سياسية جديدة تنهي عصر الاضطراب الداخلي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا حديث الوثائق وازدواجية المعايير أميركا حديث الوثائق وازدواجية المعايير



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib