إيران ونهاية حقبة الاسترضاء الأميركي

إيران ونهاية حقبة الاسترضاء الأميركي

المغرب اليوم -

إيران ونهاية حقبة الاسترضاء الأميركي

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

هل الأصوات التي وصفت إدارة الرئيس بايدن مؤخراً، بأنها تُغرق البلاد في الفوضى؛ لا سيما على صعيد السياسات الخارجية، والملفات الحساسة الملتهبة، وفي القلب منها الملف النووي الإيراني، تتجاوز الحقيقة والواقع؟ أم أنها تباشر تحليلاً عقلانياً منطقياً؟
الجواب يحتاج لتحليل الرؤية الأميركية الملتبسة، تجاه مستقبل الاتفاق النووي الإيراني؛ حيث المواقف متضاربة، ما يجعل الأمر صعب الفهم على الأميركيين أنفسهم في الداخل، بينما يترك حلفاء وأصدقاء واشنطن في الشرق الأوسط والخليج العربي، في ترقب وحيرة.
قبل أسابيع قليلة، كان مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، يتحدث عن الحلول الأخرى على الطاولة الأميركية في التعاطي مع إيران، حال مضت قدماً في غيها وعنادها السادرين، ورفضت الشروط الأميركية لتوقيع اتفاقية نووية جديدة.
فجأة، تتناول وسائل الإعلام في الداخل الأميركي حديثاً مثيراً عن 3 لقاءات، على الأقل، جمعت بين الموفد الأميركي الخاص بالشؤون الإيرانية، روبرت مالي، والسفير الإيراني لدى الأمم المتحدة في نيويورك، سعيد إيرواني.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، أشار وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إلى أن بلاده قد تلقت رسائل من أطراف موقعة على الاتفاق النووي، تفيد بالتزاماتها، وذلك عبر الوسيط القطري.
يعن للمراقب للمشهد الأميركي – الإيراني أن يتساءل: لماذا هذا الاسترضاء الأميركي، غير المفهوم أو المبرر، من قبل واشنطن؛ لا سيما أنها ترى ما تقوم به إيران حالياً من قلاقل تتجاوز نطاقها الجغرافي الإقليمي من ناحية، وما تخطط له في المستقبل القريب من جهة ثانية؟
حُكماً كانت تصرفات إدارة بايدن تستلفت انتباه المؤسسات الأميركية الساعية لتقييم موازينها، ومنها «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن» التي حذرت مؤخراً من أن الاسترضاء الأميركي، وكذا تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، غروسي، سيؤديان إلى زعزعة استقرار المنطقة، وزيادة حملات القمع في الداخل الإيراني، تجاه الشباب الساعي للخلاص من عبودية الملالي.
التقرير الذي صدر مؤخراً عن هذه المؤسسة لجأ إلى حديث الأرقام المالية المخيفة التي يمكن أن تتوفر للإيرانيين حال التوصل إلى اتفاق جديد، وما يمكن أن تستخدم فيه من مسار للخطر.
في العام الأول من التوقيع على اتفاق نووي جديد، سوف تحصل إيران على عائدات مالية تصل إلى 275 مليار دولار، وخلال 7 سنوات، أي بحدود عام 2030 ونهاية العقد الحالي، سيكون لدى طهران تريليون دولار في خزائنها.
الأرقام المتقدمة تجعلنا نطرح علامة استفهام عن التزام إيران المستقبلي بأي صيغ تحقق تجاه القيود النووية التي ستفرض عليها.
هنا غالب الظن، فإن طهران سوف تضرب عرض الحائط بأي اتفاق؛ إذ لم يصبح لسيف العقوبات الاقتصادية أي مفاعيل رادعة، وفي الوقت نفسه فإنه ما من أحد سيكون قادراً على إيقاف البرنامج النووي لإيران، وخصوصاً في ظل امتلاكها الخبرة العلمية اللازمة لتخصيب اليورانيوم، حتى مستويات الوصول إلى القنبلة النووية، والتي باتت قريبة منها.
لم يعد خافياً على أعين مجمع الاستخبارات الأميركية، مخططات إيران العسكرية لتجاوز مقدراتها الجغرافية والديموغرافية، ومنها التعاون مع قوى دولية كبرى، بهدف تعزيز تجاربها التقليدية والكفيلة بإرباك المنطقة وما حولها.
ليس سراً أن طهران دعمت موسكو في الأشهر الماضية، بأسراب من الطائرات المُسيَّرة، استخدمتها الأخيرة في مواجهاتها مع أوكرانيا، والتي أحدثت بالفعل تأثيراً واضحاً في ميدان المعارك.
لاحقاً، وفي تقرير استقصائي نشرته شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، نجد حديثاً عن تجارب إيرانية تجري على قدم وساق، بهدف تمكين تلك المُسيَّرات من حمل رؤوس حربية متفجرة، قادرة على أن تلحق أضراراً قصوى بأهداف البنية التحتية داخل أوكرانيا.
يتساءل المرء، بعد مطالعة التقرير الذي نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن شراكة قادمة في الطريق بين الإيرانيين والروس، لإقامة مصنع يمكنه إنتاج آلاف المُسيَّرات، على الأراضي الروسية: ما هي انعكاسات مثل هذا التوجه على أمن وسلام جيران إيران ومحيطها الإقليمي أول الأمر، وقبل النقاش حول تغير المشهد في الحرب الدائرة بين موسكو وكييف؟
وبينما تسترضي إدارة بايدن الإيرانيين، طمعاً في إنجاز يمكن أن يزخم فرص الديمقراطيين للبقاء في البيت الأبيض بعد 2024 لأربع سنوات أُخر، وسواء كان الرئيس هو بايدن أو مرشح آخر، تستيقظ واشنطن على المخاطر الإيرانية في الخلفية الجغرافية التاريخية لها، أي أميركا اللاتينية.
في توقيت مواكب لانتخاب لولا دا سيلفا، كانت طهران تعلن إرسال سفينة حربية إلى البرازيل، قبل أن تغير خط سيرها لجهة المحيط الهادئ.
ما الذي تفكر فيه إيران؟
من الواضح أنها تبادر للهجوم كوسيلة للدفاع، واللعب على أوتار الرافضين للهيمنة الأميركية في القارة الجنوبية، مثل فنزويلا، ونظام مادورو الذي رحب بالتعاون مع طهران لإنتاج صواريخ باليستية بعيدة المدى.
هناك من يتساءل عن تفكير إيران المحتمل في إجراء تجارب نووية، أو توقيع شراكات ما بعد تقليدية، وجميعها تفتح الباب واسعاً لتغيير ميزان الانتباه العسكري في أقصى الجنوب الغربي من العالم.
هل استرضاء طهران يفيد النفوذ الأميركي؟
بالقطع سوف يرتد الأمر عكسياً، إذ سيدفع خصوم واشنطن؛ لا سيما الصين وكوريا الشمالية، بنوع خاص للمضي في طريق مزيد من المغامرات المفتوحة، والجرح التايواني حاضر على الدوام.
هل تنهي المؤسسة العسكرية الأميركية حقبة استرضاء واشنطن لطهران؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران ونهاية حقبة الاسترضاء الأميركي إيران ونهاية حقبة الاسترضاء الأميركي



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 21:24 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 09:02 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 18:10 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 07:57 2016 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هافانا ذات الجو الحارّ غارقة في التاريخ ونابضة بالحياة

GMT 06:44 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

هنيئا لنا برئيس حكومتنا الذي يُضحكنا..!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib