«مجموعة السبع» وقمة اللامعجزات

«مجموعة السبع» وقمة اللامعجزات

المغرب اليوم -

«مجموعة السبع» وقمة اللامعجزات

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

على مدار ثلاثة أيام، وفي قلعة إلماو ببافاريا بحضن جبال الألب الباردة، والبعيدة عن سخونة ما يجري في شرق آسيا من حرب تبدو مرشحة للتمدد وتهديد أمن العالم وأمانه، اجتمع قادة دول مجموعة السبع، التي كانت مجموعة الثماني قبل أن تلفظ الديمقراطيات الرأسمالية الكبرى روسيا من إطارها، وفي محاولة لمعالجة الجرح الأوكراني المفتوح في الجسد العالمي النازف اقتصاداً وطاقة وأمناً، حتى وإن بدا واضحاً أن الخرق اتسع على الراتق، وأن أحداً لم يعد يملك أوراق اللعبة كافة، أو القدرة على فرض ما يراه حقيقة مطلقة.
جاءت القمة هذه المرة، وأوروبا تعيش كابوساً مخيفاً، ربما لم تعرف مثله منذ نهايات الحرب العالمية الثانية وفيما الحليف الناتو عاجز عن الدخول في مواجهة عسكرية مع القيصر، لا تبدو العقوبات الاقتصادية قادرة على تغيير أوضاع الأزمة على الأرض، لتعيش أوروبا أول الأمر، ومن بعدها حكماً الولايات المتحدة، منعطفاً هو الأصعب، ووجه الصعوبة يتمثل في عدم القدرة على توقع الأسوأ الذي لم يأتِ بعد، وبدون أدنى مغالاة أو نظرة تشاؤمية.
ولعله يتوجب على غير المصدق أن يراجع مواقيت الضربات الروسية للعمق الأوكراني، وتحديداً في العاصمة كييف، ففي عشية انعقاد القمة تحرك بوتين على غير العادة إلى الكرملين ليلاً، وهي خطوة نادرة ولا يفعلها إلا إذا كانت هناك تطورات مهمة وحساسة، ثم أخذت القوات الروسية في توجيه ضرباتها الصاروخية إلى ما قيل إنها مخازن أسلحة غربية وغرف القيادة والسيطرة في حي شفشيكسفسكي في قلب كييف، فيما مال البعض الآخر إلى القطع بأنها استهدفت شبكة من الجواسيس والقوات الخاصة من الجنسية الأميركية والدول الغربية التي تعمل على الأرض لدعم الأوكرانيين.
مهما يكن من أمر، فإن تصريحات المستشار الألماني أولاف شولتس، المضيف ورئيس المجموعة لهذا العام عن القمة ورغم أنها تعقد وسط الجبال، لكن قدرة المجتمعين بالتأكيد لن تصل إلى حد نقل الجبال عينها، ما يعني أنها ليست قمة صنع المعجزات.
والشاهد أن مجموعة السبع لا تبدو وللمرة الأولى منذ تأسست في منتصف السبعينات، على قلب رجل واحد، وهذا طبيعي في ظل تضارب مصالح وإن لم يظهر على العلن دفعة واحدة، ومع ذلك حاول شولتس إنقاذ المشهد بالإشارة إلى أن القمة ستسعى لأكبر قدر من الحسم والحزم في مواجهة سيد الكرملين.
ما الجديد في جعبة السبعة تجاه روسيا، وهل يكفي لوقف تطورات أو بمعنى أدق تدهورات الموقف؟
كل الأفكار التي طرحت دارت وتدور في سياق حرمان روسيا من أي مداخيل مالية عالية وغالية، بدءاً من محاولة تخفيض أسعار النفط الروسي، ووصولاً إلى وقف استيراد الذهب من موسكو، مع التضييق إلى أبعد حد ومد على الجماعة الأوليجاركية المحيطة ببوتين، ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم، ومن غير تقدير موقف مستقبلي حول انعكاس الأمر على المستثمرين سواء في أوروبا أو في الولايات المتحدة، وهروب رؤوس الأموال الجبانة بطبعها، من احتمالات مواجهة سيناريوهات مشابهة عند أي خلاف سياسي.
في زيارته الأولى لألمانيا رئيساً للولايات المتحدة، حمل جو بايدن معه ثلاثة أهداف؛ الأول هو زيادة الضغط على روسيا، والثاني تقديم مقترحات ملموسة للاستجابة لارتفاع أسعار الطاقة، وتأمين سلاسل الإمداد الغذائي ومواجهة مخاطر تصدير الحبوب، والثالث يتمثل في إطلاق شراكة على صعيد البني التحتية مع البلدان النامية.
على أن علامة الاستفهام: ما مدى الثقة الأوروبية في بايدن كرئيس، وفي إدارته، وهل هناك رهان مطلق من الجانب الأوروبي على القدرات الأميركية في هذه الآونة؟
في مقدمة أهداف بايدن من المشاركة في هذه القمة تحسين صورة بلاده في أعين العالم الحر، ومواطنيه من قبلهم، وفي هذا السياق كان من الواضح جداً أنه يحمل مقترحين؛ الأول ما تقدم بشأن مقارعة روسيا، فيما الثاني يتعلق بالتصدي للصين، محاولاً تسويق الهدفين بوصفهما أمرين متكاملين وغير متعارضين، والعهدة على الراوي، منسق التواصل الاستراتيجي في البيت الأبيض، جون كيربي.
رؤية بايدن تؤكد أن روسيا هي الطريق التكتيكي، والصين تظل الهدف الاستراتيجي، ولهذا تحدث بايدن عن برنامج استثماري جديد لتعبئة المليارات من الموارد العامة والخاصة لدعم المشاريع الكبرى في الدول النامية كبديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية.
معركة بايدن الكبرى مع الصين على المدى البعيد، رغم أهمية إحداث أكبر خسائر بروسيا، غير أن ما أوردته وكالة «بلومبرغ» عن القلق الذي يشعر به حلفاء أميركا بشأن المشاكل التي يواجهها بايدن في الداخل، تجعل من الصعب على الأوروبيين الرهان المطلق على بايدن، لا سيما إذا خسر الديمقراطيون انتخابات التجديد النصفي، وبعدها الرئاسة في 2024، وساعتها ربما تواجه القارة العجوز ترمب، أو أشباهه وأشباحه مرة أخرى.
هل من خلاصة؟
السبعة الكبار أصغر من أن يقرروا مصير العالم. ماذا لو أشركوا القيصر واستمعوا له؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مجموعة السبع» وقمة اللامعجزات «مجموعة السبع» وقمة اللامعجزات



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib