هل يحق لبايدن إزاحة بوتين

هل يحق لبايدن إزاحة بوتين؟

المغرب اليوم -

هل يحق لبايدن إزاحة بوتين

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

في ختام خطابه الذي ألقاه في العاصمة البولندية وارسو نهار السبت الماضي، أشار الرئيس الأميركي جوزيف بايدن إلى أن «بوتين يجب ألا يظل في السلطة».
لم تكن الكلمات موضوعة في نص الخطاب، وإنما ارتجلها بايدن، مكلفاً السياسة الخارجية الأميركية عبئاً ثقيلاً، حاولت أركان إدارته تخفيف أثره... هل يكرر التاريخ نفسه؟
في أوائل ثمانينات القرن المنصرم، وعلى غير انتباه منه، أعلن الرئيس الجمهوري رونالد ريغان، أن أميركا قد أبادت جمهورية الشر، في إشارة إلى الاتحاد السوفياتي وقتها، ولم يكن الأمر سوى مجرد استعراض لفظي من رئيس بدأ حياته عبر شاشة هوليوود.
تصريح بايدن قاد المحللين السياسيين حول العالم في طريقين: الأول موصول بزلات اللسان المتكررة لبايدن، والموصولة بحالته الصحية، وما إذا كان الأمر يؤثر على أكثر من عامين ونصف متبقين من ولايته الأولى، وعلى حظوظ الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، عطفاً على انتخابات الرئاسة في 2024.
والثاني يدور حول النوايا الحقيقية لأميركا الرسمية اليوم، تجاه الرئيس الروسي، الذي تمنى له السيناتور البارز ليندسي غراهام أن تتم تصفيته على يد بروتوس روسي، أو عقيد حظوظه أنجح من العقيد شتاوفنبرغ الذي حاول اغتيال هتلر وأخفق.
المثير للغاية وما يمكن أن يجعل الروس يصدقون أن التصريح ليس زلة لسان، هو مواكبته لما فاه به السيناتور غراهام من جديد، في منتدى الدوحة بقطر، من أنه إذا انتهت الحرب في أوكرانيا وبوتين ما يزال واقفاً وهو أقوى، فإن العالم سيكون قد فشل، والنظام العالمي الذي نحن بشأنه سيضحى مطموساً.
هل لبايدن أن يقرر بقاء بوتين من عدمه أول الأمر؟
الرئيس الأميركي في وارسو يتحدث عن روسيا التي خنقت الديمقراطية، وكيف أن المستقبل رغم ذلك سيكون أكثر إشراقاً ومتجذراً في الديمقراطية، غير أنه فاته أن أبجديات الدمقرطة الحقيقية غير الأبوكريفية، تتمثل في احترام حق الشعوب في اختيار حكامها، وبوتين رئيس منتخب من الشعب الروسي، وليس أحد غير هذا الشعب قادراً على إرساله بعيداً عن الكرملين.
ينسى البعض أحياناً، لا سيما في الداخل الأميركي، المبادئ الأربعة عشر، التي أعلنها الرئيس وودرو ويلسون، في الثامن من يناير (كانون الثاني) من عام 1918، من أجل إحلال السلام في العالم وإنهاء الحرب العالمية الأولى، وفي قلبها حق الأمم والشعوب في تقرير مصيرها، وهو المبدأ الذي يبدو أن واشنطن تنكرت له في العقود الأخيرة، وتصريح الرئيس بايدن الأخير يصب في هذه الخانة غير الديمقراطية شكلاً وموضوعاً.
يمكن أن يحاجج الكرملين بأن التصريح متعمد ومقصود وليس زلة لسان، وذلك بالرجوع إلى ما قاله الرئيس بايدن خلال حملته الانتخابية من عبارات تتصل بما يتوجب أن يقوله الرئيس الأميركي، وما لا يتوجب عليه أن يقوله، من عينة: «الوزن الثقيل الذي تحمله كلمات الرؤساء»، وكيف أن «كلام الرؤساء مهم»، «يمكنهم تحريك الأسواق»، «يمكنهم إرسال رجالنا ونسائنا الشجعان إلى حرب»، «يمكنهم إرساء السلام».
هنا فإن البديل الوحيد لإنكار الدلالات الحقيقية لتصريح بايدن، لا يعني سوى أمر واحد، وهو أن سيد البيت الأبيض أخفق في التفريق بين ما هو في صالح أميركا، وما هو في طالحها، وهذه إشكالية كبرى، في مثل هذا التوقيت الحرج والحساس، حيث أمن العالم وسلامه على حافة الهاوية.
ورغم أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن قد حاول تخفيف حدة تصريح بايدن، إلا أن حديثه جاء ولو من باب خفي يحمل دفعاً في طريق تصديق الروس لما يدور في أذهان أميركا الأخرى وراء الكواليس، لا سيما بعد أن أكد بدوره أن قرار تغيير بوتين يعود للشعب الروسي وليس لأميركا.
على أن بعضاً من أصحاب التفسير التآمري للتاريخ يرون أن دفع واشنطن أوكرانيا للمزيد من الصمود في المواجهة العسكرية مع موسكو، وبخاصة من خلال تزويدها بالأسلحة النوعية، وإطالة أمد الحرب، هو محاولة غير مباشرة للخلاص من بوتين، من خلال الفخ الأوكراني المشابه للمستنقع الأفغاني، عطفاً على أن الأول يحمل ملمحاً وملمساً جديداً وخطيراً خاصاً بالعقوبات الاقتصادية، التي تعجل من فورة ثم ثورة الروس في الداخل، على التبعات الحياتية السلبية، التي سيخلصون إلى أن بوتين هو السبب فيها.
يصف ريتشارد هاس الدبلوماسي الأميركي المخضرم، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، الرئيس بايدن بأنه «نزيل البيت الأبيض، الذي جعل الوضع الصعب أكثر صعوبة، والوضع الخطير أكثر خطورة»، وهذه كلمات لو يدري بايدن كارثية في حقه.
وفي كل الأحوال ستعزز دعوة بايدن كل ما يؤمن به بوتين ونخبته، وينقل الصدام إلى دائرة الكرامة والهوية الوطنية والقومية الروسية، وهو حدث جلل لو يدرك سيد البيت الأبيض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يحق لبايدن إزاحة بوتين هل يحق لبايدن إزاحة بوتين



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib