على أبواب عالم جديد

على أبواب عالم جديد!

المغرب اليوم -

على أبواب عالم جديد

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

أغمض عينيك وافتحهما وسوف تجد نفسك فى عالم جديد حتى ولو لا تزال هناك أيام كثيرة تبعد عن نهاية العام وإضاءة الأضواء الملونة التى ربما سوف تكتفى بتخيلها واستعادة ذكريات قديمة. لم تعد هناك أعوام داعية إلى التفاؤل على أية حال؛ ومن المعصية أن يكون استقبالك للعام الجديد متشائمًا، ولكن ماذا تفعل إذا ما كان كل عام يكون له عنوان من الحرب والبارود، وعندما لا يكون هناك ذلك يكون فيه الوباء. وعندما انعقد «كوب ٢٨» فى دولة الإمارات وللاهتمام بالاحتباس الحرارى فإنه جرى تسجيل أن العام ٢٠٢٣ كان الأكثر حرارة؛ وفى مصر فإنه حتى وقت كتابة هذا المقال بعد أسبوع من ديسمبر فإن الشتاء لم يأت. ولا توجد نية هنا للبكاء على أيام هنية سبقت، أو توقع أيام أكثر سعادة تلحق، الشعار هو الدعاء إلى الله ألا يرد القضاء وإنما اللطف فيه. ومركز الموضوع هو النظر إلى مصر من منظور مصرى ونحن على أبواب انقلاب الزمن بين عامين ونجد له أربعة محددات لا يمكن تجاهلها:

أولها أن مصر تمر بنقطة المنتصف تقريبًا فى تطبيق رؤية مصر ٢٠٣٠مما يستلزم قراءة وتقييم المرحلة السابقة من ٢٠١٥ حتى ٢٠٢٣ أى ثمانى سنوات من العمل والإنجازات والتعامل مع تحديات صعبة مثل الإرهاب وكورونا والحرب الأوكرانية وحروب غزة المتوالية. وثانيها أن مصر تنتقل إلى فترة رئاسية جديدة يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى؛ ومع أنه حقق الكثير خلال ولايته السابقة بما يدخله التاريخ المصرى من أوسع أبوابه اللامعة، فإن الولاية الثانية كما سوف يلى تشير إلى ما هو أكثر لمصر. وثالثها أن تجربة السنوات السابقة من التاريخ المصرى (٢٠١٣-٢٠٢٣) تجعل مصر أكثر نضجًا واستعدادًا لأنها الآن تسلم بأن الزمن لا يخلو من مفاجآت الداخل (الربيع العربى وحكم الإخوان والإرهاب) والإقليم (الأزمات المتوالية فى السودان وليبيا وفلسطين مؤخرًا) والعالم (الحرب الأوكرانية ووباء كورونا). ورابعها أن تجربة السنوات السابقة تفرز دروسًا كثيرة فى الداخل المصرى من الإنجازات التى تحققت، ومن نوبات القصور عن استغلال ذلك فى تلافى أزمات اقتصادية تعرض المشروع الوطنى المصرى للأذى.

وفى العموم فإن مصر نجحت نجاحًا ملحوظًا فى التعامل مع الأزمات التى تعرضت لها خلال الفترة الماضية، كما نجحت فى تحقيق درجات غير قليلة من التقدم على مسارات الحداثة (دعم الهوية المصرية، اختراق الإقليم المصرى، تعبئة الموارد البشرية والمادية المصرية، تحقيق درجة من المشاركة السياسية والاقتصادية)؛ ولكنها فى ذات الوقت لم تحقق بشكل كامل الأهداف التى رصدتها المرحلة الماضية سواء ما تعلق بمعدلات النمو، أو التكيف مع ضرورات السوق الاقتصادية، وكان ذلك راجعًا إلى أن العديد من المشروعات المصرية لا يزال فى دور الإنجاز، وعددًا آخر تم إنجازه ولكن لم يتم استثماره بالقدر الكافى. وثبت خلال السنوات الماضية أن هناك تراجعًا فى التقديرات الاقتصادية لشركات التقييم العالمية للاقتصاد المصرى؛ والثابت هو أن الأصول والثروات المصرية قد زادت، ولكن عائد تشغيلها لا يزال دون المستوى المطلوب. وهناك على الجانب الآخر فرص كامنة فى القدرات والثروات المصرية التى إذا ما أحسن استغلالها فإنها سوف تعطى مصر الطاقات والقدرات التى تجعلها قادرة على تجاوز أزماتها ولكنها تحتاج قرارات لإصلاح النظام الإدارى للدولة بحيث تتماشى مع النظم الإدارية للدول المتقدمة خاصة تلك التى خرجت من الفقر والتخلف إلى آفاق التقدم.

وبينما تبدو الفرص قائمة فيما يتعلق بالداخل المصرى لأنه فى الأول والآخر يعتمد على قراراتنا الداخلية، فإن المحيط الإقليمى والدولى وحتى الكونى تبدو مخيبة للآمال المصرية لأنها تقع خارج الإرادة المصرية. والحقيقة أن هناك عددًا من الأزمات المتوقعة خلال المرحلة المقبلة والتى يمكن أن تولد عددًا من المخاطر مثل السعى الإسرائيلى لتهجير الفلسطينيين فى غزة إلى مصر، فضلًا عن احتمالات توسيع نطاق حرب غزة الخامسة إلى إطار إقليمى يشمل باقى منطقة الشام وربما الخليج والبحر الأحمر؛ وسعى إثيوبيا إلى إبقاء الحقوق التاريخية المصرية فى مياه النيل معلقة دون حل؛ ورغم تحسن العلاقات مع تركيا فإن هناك تناقضات فى المصالح داخل ليبيا وإزاء الغاز فى شرق البحر المتوسط؛ وبينما كل ذلك قائم فإن الحرب الأهلية فى السودان مستعرة.

صحيح أن هناك العديد من الفرص أيضًا فى الإطار الإقليمى لمصر من خلال التعامل مع دول الإصلاح العربية خاصة المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج، والعراق، والأردن، وهى فرص استراتيجية بقدر ما هى فرص اقتصادية وتنموية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على أبواب عالم جديد على أبواب عالم جديد



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib