رونالدو فى السعودية

رونالدو فى السعودية

المغرب اليوم -

رونالدو فى السعودية

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

قد يبدو خبر انتقال اللاعب العالمى الشهير كريستيانو رونالدو إلى صفوف نادى النصر السعودى نوعا من الأخبار الرياضية التى تليق بالصفحات الرياضية فى الصحف، وبرامج التحليل الرياضى المستفيضة عن اللاعب الذى حصل على الكرة الذهبية لأفضل لاعب فى العالم خمس مرات. العصر الرياضى لكرة القدم الذى نعيش فيه بات عصر ليون ميسى وكريستيانو رونالدو اللذين يجمعان معا دستة كاملة من الكرات الذهبية. ولكن كل ذلك على لمعانه ليس كافيا من الناحية الرياضية، فكلا اللاعبين قررا معا البقاء فى ساحة اللعب، كل منهما على طريقته الخاصة. طريقة كريستيانو الظاهرة مادية بحتة لها علاقة بتعاقد مالى يثير حسد الحاسدين؛ ولكن الموضوع أعقد من ذلك وأكثر أهمية؛ فالتعاقد مع نادى النصر وهو مؤسسة اقتصادية خاصة تملك أيضا نادى نيو كاسل الإنجليزى والساعى بقوة للمشاركة فى كأس الأندية الأوروبية التى يرغب اللاعب العالمى فى المشاركة فيها مرة أخري. إذا ما أضفنا إلى كل ذلك أن اللاعب الشهير سوف يدير ـ كما ذكرت التقارير ـ ملف السعودية لاستضافة كأس العالم عام ٢٠٣٠؛ فإن الموضوع يصبح أكثر تعقيدا وتركيبا مما يبدو، ولو صدقت الأنباء أن السعودية سوف تشمل مصر فى نفس الملف، وربما اليونان أيضا، فإن المسألة سوف تشمل من النواحى الإقليمية والدولية أبعادا سياسية واستراتيجية تتعدى بكثير سحر الساحرة المستديرة ونجومها. وهكذا فإن انتقال كريستيانو وعائلته إلى الرياض يكون قد تعدى بكثير مواسم الميركاتو الشتوية والصيفية إلى مستويات أعلى من الظنون الأولية. ولكن المرجح أن الأخبار ربما تكون أكثر تعقيدا مما هى معقدة بالفعل. هناك جانب اقتصادى يمكن استشفافه من الدعوة السعودية الكريمة للاعب عالمى مشهور، فمن الثابت ولأسباب اقتصادية بحتة برعت دولة الإمارات العربية خاصة دبى فى استضافة المشاهير وأهل الفن والرياضة، حيث تمنح الفيلات مجانا بشرط واحد وهو الوجود لمدة أسبوع أو لفترات زمنية محددة كل عام فيما منحت به، شىء من ذلك جرى من قبل رجال أعمال مصريين باستضافة هؤلاء ومنهم كريستيانو فى السابق لزيارة المناطق السياحية فى شرم الشيخ والغردقة للترويج السياحى والتقاط الصور من الشواطئ إلى الأهرامات. ومنذ توقيع الاتفاق السعودى مع اللاعب لم تتوقف الآلة الإعلامية الضخمة فى العالم عن ترديد الأخبار الخاصة باللاعب البرتغالى وأسرته وأطفاله الكثر والبهجة من انتقالهم إلى الأراضى السعودية.

لم يكن فى كل هذا الاهتمام والإنفاق ما هو ضائع وإنما هو فى صميم التنمية المستمرة للسمعة التسويقية للمملكة العربية السعودية فى العالم خلال المرحلة الحالية من تاريخ المملكة. المؤكد أن للمملكة سمعتها من جغرافيتها التى تحتوى على المناطق المقدسة فى مكة والمدينة، قبلة المسلمين فى مشارق الأرض، ومغاربها، وإليها يذهب الحجيج من كل فج عميق. هذا الفضل محفوظ، ولكن السعودية فى نهضتها الحالية تريد ما هو أكثر وله علاقة بما يسمى براند Brand المملكة الذى تأثر سلبا خلال عقود كثيرة بسمعة المحافظة الشديدة التى تطارد المرأة فى الأسواق وتمنعها من السفر والحركة. أكثر من ذلك أن التطرف الدينى ولد حركات سياسية عنيفة ذهب بعض منها إلى شمال أمريكا لكى يطيح ببرجى مركز التجارة العالمى فى نيويورك ومقر قيادة الدفاع الأمريكية ـ البنتاجون ـ فى العاصمة واشنطن. التخلص من كل ذلك، ليس فقط بالنسبة للسعودية، وإنما لكل العالم الإسلامى، ولا يجرى التخلص منه فقط بالإعلان عن ذلك، أو باستبدال النهضة الاقتصادية والعمرانية وتجديد الفكر الدينى بالجمود والتشدد، وإنما الحركة المستمرة فى العالم كله لتأكيد أن المملكة جزء مهم من العالم المعاصر بعلمه وحداثته وليست جزءا من عالم قديم متكلس ورجعي. ولا توجد صدفة أن ولى العهد السعودى محمد بن سلمان يتحدث عن مولد أوروبا الجديدة فى داخل الحركات الإصلاحية الجديدة والجارية ليس فقط فى السعودية وإنما فى مصر والإمارات والأردن والمغرب والبحرين وغيرها من الدول العربية الشرق أوسطية.

لا أدرى شخصيا متى وكيف ولماذا كان القرار المتعلق باستضافة كريستيانو إلى السعودية؛ فذلك سوف يقع فى ذمة المؤرخين الذين يرصدون صعود الدول وتراجعها. ولكنه ليس مستبعدا إطلاقا أن ذلك جزء لا يتجزأ من مشروع رؤية السعودية ٢٠٣٠ لتنويع مصادر الدخل فى المملكة بحيث تكون السياحة، وصدق أو لا تصدق، واحدة من المصادر التى تجلب من الدخل ما هو أكثر من البترول مادام المستهدف هو ١٠٠ مليون سائح. التفسير هكذا يكتمل، فلم يحدث فى تاريخ العالم أن فتحت بلاد أبوابها كما فتحت السعودية والإمارات وقطر أبوابها بحيث يكون المرور بها رهنا بتذكرة مباراة فى كرة القدم أو الحصول على فيزات مسبقة من الولايات المتحدة الأمريكية أو منطقة الشنجن الأوروبية. الثابت أن ذلك ليس تفريطا فى الأمن وإنما هو اعتماد على قواعد للبيانات لا يوجد لها مثيل فى العالم، تكشف المجرمين والإرهابيين وكل من فى ذهنه سوء لكاميرات الذكاء الاصطناعى. ضع كل ذلك مع خطوات التنمية الأخرى وسوف تجد أن الأهداف العظمى ليست ببعيدة. وفى مصر رغم كل ما نعانيه الآن فإن الواقع، وعلى الأرض كما يقال، هناك الكثير الذى يمكن الفخر به، كل ما نحتاجه هو أن تكون لدينا فضيلة التعلم من الآخرين، بمن فيهم القريبون منا، ولا يوجد بيننا وبينهم إلا خليج العقبة والبحر الأحمر، كلاهما رابطة لمشروعاتنا الكبرى فى سيناء، وإحدى وثمانون جزيرة تنتظر من ينميها على جانبنا من البحر، ويخلق الشبكات الجوية والاتصالية بوادى النيل حيث البراند المصرى عريق وعميق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رونالدو فى السعودية رونالدو فى السعودية



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib