هل من طريق إلى السلام

هل من طريق إلى السلام؟!

المغرب اليوم -

هل من طريق إلى السلام

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

قد يكون الحديث عن السلام في زمن الحرب من الأمور غير المستساغة، وربما تكون فتنة تسعى للخروج عن الموضوع لأنه في لحظات الصدام فإن الشائع هو أن الحق بَيِّن والباطل أشد بيانًا، فعلى ماذا يكون الحديث عما هو غير مقبول من جميع الأطراف؟. الدولة المصرية كان لديها من الشجاعة أن تعقد مؤتمرًا عن السلام في العاصمة الإدارية، وإذا كان الجمع لم يصل إلى قرار، فإن بيانًا من دول عربية تسع حاول أن يضع إطارًا مبدئيًّا للموضوع يحدد حدوده وأسقفه أيضًا.

ومنها ست دول ذات علاقات سلام مع إسرائيل، ودول أخرى لديها سبل للحديث والحوار في تغيير الواقع الحالى إلى واقع آخر أكثر سلامًا. مكان المؤتمر كان مقصودًا، فلا تزال العاصمة الإدارية رغم منتقديها تمثل رمزًا لعملية بناء جبارة تجرى في مصر لم يكن ممكنًا أن تحدث ما لم تكن مصر تعيش لحظات سلام وأمان. ربما الأكثر غرابة هو أن التجربة المصرية كانت مع الاحتلال البريطانى لمصر (1882) قد مرت بخطوات كثيرة، حتى تم الجلاء الكامل (١٩٥٦).

كانت منها خطوة إنشاء الدولة المصرية وفقًا لتصريح ٢٨ فبراير ١٩٢٢، ثم معاهدة ١٩٣٦، التي دفعت بالقوات البريطانية إلى قناة السويس، وظلت فيها حتى رحلت في ١٨ يونيو ١٩٥٦.

الأغلبية في الأمثلة العالمية في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية لم تكن قائمة على المواجهات العسكرية على النمطين الجزائرى أو الفيتنامى، اللذين كانت أمثلتهما الملحمية أساطير ظلت دائمًا استثناء؛ وإنما قامت على التفاوض وتبادل المصالح واقتسام المكان والزمان. ومع ذلك، فإنه عند مناقشة القضية الفلسطينية كثيرًا ما يذهب المتحاورون إلى الأنفاق التي تجعل فكرة السلام مستحيلة، ومثلها التساؤل منذ أولى اللحظات عما إذا كان الطرف الآخر سوف يقبل بهذا وذاك؛ فإذا كانت الإجابة بالسلب فإن التعليق الفورى هو ألم أقل لكم إنه لا يريد السلام أبدًا.

الراجح أيضًا هو أن السلام جاء من رحم الحرب؛ وقبل حرب السادس من أكتوبر، أعلن الرئيس السادات مبادرة جريئة لفتح قناة السويس، وفتح قنوات مع الولايات المتحدة تجسدت في لقاءين بين حافظ إسماعيل، مستشار الرئيس للأمن القومى، وهنرى كيسنجر، مستشار الأمن القومى للرئيس ريتشارد نيكسون. وعندما توقفت المدافع بعد حرب أكتوبر، فإن كثيرين منّا اندفعوا فورًا لإعلانها حرب «تحريك» وليست حرب «تحرير»؛ وبعدما جرى فصل القوات الأول، تدافع جمع إلى أن الخطوط التي وقفت عندها القوات الإسرائيلية سوف تكون هي الحدود النهائية بين مصر وإسرائيل.

وتكرر الأمر عندما حدثت اتفاقية فصل القوات الثانية، فقد كان ذلك أيضًا آخر الحدود؛ وعندما وصلنا إلى الانسحاب الكامل لم يعد هناك حديث إلا عن قيود التسلح في سيناء، وعندما تغير البروتوكول العسكرى الذي يحدد ذلك لم يلاحظ أحد أن القوات المصرية باتت تنتشر في كافة أرجاء سيناء. سوريا فعلت العكس تمامًا، وهو أنها بعد أن قبلت اتفاقية فصل القوات الأولى، رفضت محاولات عقد اتفاقية ثانية؛ ولا تزال الأرض السورية محتلة حتى الآن، بل إن إسرائيل أعلنت ضمها.

الفلسطينيون ظلوا- بعد رفضهم قرار التقسيم ١٩٤٧- يرفضون كل خطوة أخرى على أساس أن الكفاح المسلح هو السبيل لاستعادة فلسطين غير منقوصة. فقط عندما جرى العرف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة إسرائيل، أصبحت هناك أول سلطة وطنية فلسطينية على الأرض الفلسطينية في التاريخ. كان تنظيم «حماس» هو الذي انقلب عليها.

وأنقص من شرعيتها، تمامًا كما كان يفعل الإسرائيليون. الآن ونحن- العرب- نقاوم الغزوة الإسرائيلية لقطاع غزة، علينا في خضم الحرب والدماء والتدمير أن نبحث عن السلام، الذي هو ضرورة لكل مشروعات الإصلاح الجارية في المنطقة. وفى الجعبة توجد ست معاهدات سلام وتاريخها ودروسها، ومشروع الملك فهد في الثمانينيات من القرن الماضى، والمبادرة العربية للسلام في مطلع القرن الحالى، وتاريخ طويل من التفاوض الفلسطينى الإسرائيلى؛ ومع كل ذلك علينا أن نعرف أن ٢١٪ من الإسرائيليين فلسطينيون؛ وأنه بين نهر الأردن والبحر المتوسط يوجد ١٣ مليون نسمة.

نصفهم من اليهود، ونصفهم الآخر فلسطينيون، يشكلون منطقة اقتصادية واحدة. وحتى قبل العمليات العسكرية الإسرائيلية، فإن آلافًا من الفلسطينيين- بمَن فيهم هؤلاء من قطاع غزة- ٢٣٠٠٠- وأن إسرائيل وفلسطين عضوان في منتدى شرق «المتوسط» للغاز، وأن إسرائيل وقّعت، بمباركة حزب الله، تخطيطًا للحدود البحرية بينها وبين لبنان لاقتسام استغلال حقل غاز مشترك. هل يمكن أن نتعلم من التجربة الأوروبية أو الآسيوية؟.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل من طريق إلى السلام هل من طريق إلى السلام



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib