بكائيات التغيير
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

بكائيات التغيير

المغرب اليوم -

بكائيات التغيير

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

أصبحت هناك ظاهرة فى المجتمع المصرى يوجد فيها مَن يعبرون عن الأسف الشديد والحسرة الدائمة على أن المصريين تغيروا وأصبحوا فى حالة غير تلك التى كانوا عليها. المقارنة فى معظم الأحوال تأخذ منحى أن الماضى كان جنة، أما الحاضر والأرجح فى المستقبل أيضًا، فهو جهنم وبئس المصير. المقارنة دائمًا تأخذ من الأحداث اليومية الوقود الذى تغذى به الفكرة حينما تتحول أحداث القتل والاغتصاب والعنف الدموى تجاه الأسرة والعائلة والجيرة إلى حالة عامة كانت مصر بريئة منها فى عصور سابقة. فى أحوال أخرى تكون المقارنة فى مجال الفن والأدب والسلوكيات العامة، حيث يبدو فى أيامنا هذه غريبًا وضجيجًا وخارجًا على الناموس العام، الذى ازدهر فيه الأمراء والأميرات من أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم ومحمود مختار وطه حسين وعباس محمود العقاد والأميرة التى تبرعت لبناء جامعة القاهرة، وهكذا طابور طويل ممن أسهموا فى ازدهار حياتنا.

ولكن هؤلاء على كل ما قدموه كانوا نخبة صغيرة لا تتعدى عشرات أو مئات من المتميزين، الذين بزغوا وسط شعب تراوح ما بين عشرة ملايين نسمة فى بداية القرن العشرين وعشرين مليونًا فى منتصفه. وهؤلاء لم ينته نفوذهم وتأثيرهم عند قيام ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، وإنما ظلوا على قيادتهم للنخبة الفكرية حتى العقد الثامن من القرن عندما باتت مصر ٤٠ مليونًا فى عام ١٩٨٠، ووصلت إلى ٧٠ مليونًا عند نهاية القرن وبداية القرن الواحد والعشرين. الآن نعلم الرقم المئوى وما هو أكثر، ولكن المنتج المصرى لم يعد أفرادًا، وإنما مؤسسات كبيرة للتعليم والثقافة والنشر، والفهم المتأثر بعالم واسع من المعرفة الذائعة، والمسابقات والتنافس الكونى فى مجالات كثيرة. ربما أصبحت مصر مصرية بأكثر من أى وقت مضى، فمنذ عام ١٩٨٢ فقط باتت مصر، ولزمن قدره أربعون عامًا كاملة، متحررة من كل احتلال أو استعمار أو تبعية أو قيادة قادمة من الخارج، منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام.

لم تعد مصر حرة فقط وأهلها أحرارًا فحسب، وإنما أكثر من ذلك معبرة عن نفسها ومتصلة مع غيرها من بقاع الأرض بأكثر من أى وقت مضى فى التاريخ. نتاج ذلك كله فى الإبداع والتعبير تراكم خلال العقود الماضية، ولكن فحص ذلك ودراسته فى جميع المجالات لا يزال فقيرًا، ومع الفقر استمرت البكائية على التغيير المتجه إلى أسفل فائزة على إدراك ما هو أعلى. المعضلة الكبرى هى أن مَن عاشوا تحت تأثير مصر فى النصف الأول من القرن العشرين يخلقون فجوة شاسعة مع مَن وجدوا أنفسهم داخل القرن الواحد والعشرين. وإذا علمنا أن مَن هم أعلى سنًّا من ٦٥ عامًا يشكلون تقريبًا ٧٪ فقط من المصريين، فإن بكائياتهم على ما مضى تقف حائلًا أمام التقدم بما فيها من حزن ويأس. الأكثر خطورة أن فجوة من عدم الثقة تجرى بين شيوخ مصر وشبابها، وهى فى جانب منها فجوة حقيقية بحكم الفارق الكبير فى المعرفة التكنولوجية، التى تتيح بسهولة التواصل مع أيقونات العصر القديم، حيث نجد لكل النجوم مكانتهم مُقاسَة إحصائيًّا بالملايين للنغم ومئات الألوف للفكر. ولكن المساحة الكبرى بالطبيعة مفتوحة لكل ما هو جديد فى عالم اليوم من حيث اللغة والعلم والتكنولوجيا والفنون المختلفة، وكلها لم تعد متاحة فقط لقلة قليلة، وإنما لملايين من الشباب المصرى.

الخطورة الكبرى فى هذه الفجوة أن التواصل بين أجيال مصر لا يقع فقط فى بئر تركيز «الشباب» على التعامل والتفاعل مع «فيسبوك» الدائر طوال الوقت ساعة التقاء العائلة؛ وإنما من الممكن له أن ينجرف إلى التماسّ مع الجماعات المتطرفة والإرهابية، التى تريد لمصر حالة من الانحباس فى ماضٍ ولّى وراح، أو البقاء رهينة تقاليد لم يعد لها معنى فى العصر الحديث. بعض ما يجرى نتيجة البكائيات أنه يحرف بعيدًا عن المشروع الوطنى العام للتقدم، ويقع أسير عدد من القضايا المراد منها نتائج سياسية رجعية ومتخلفة. إثارة موضوع «الحجاب» وما سوف يتلوه عن «النقاب» ليست مجرد انتهاز فرصة حادثة قتل مروعة، وإنما تحولها من هذا الجوهر إلى جوهر آخر يأخذنا جميعًا إلى الساحات المظلمة من الماضى. هنا نعود مرة أخرى إلى التساؤل حول المساواة بين الرجل والمرأة مرة أخرى، ومثل هذا التساؤل يعيد كَرّة تالية من النظر فى «المواطنة»، التى هى الركن الأساسى للدولة الحديثة، والعلم الذى هو أساس المجتمع المتقدم. القضية بصراحة أكبر كثيرًا من حادثة قتل، إنها قضية التقدم فى بلادنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بكائيات التغيير بكائيات التغيير



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib