تأملات صيفية متفائلة
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

تأملات صيفية متفائلة

المغرب اليوم -

تأملات صيفية متفائلة

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

 

أعلم أن الحديث عن التفاؤل هذه الأيام ليس من الأفكار الحصيفة، وفى وقت ارتفعت فيه معدلات التضخم عالميًّا، وباتت فيه سلاسل الإمداد غير سلسة، فإن التشاؤم له أسباب ومشاهد.

«الجائحة»- الكورونا التى لا تتوقف- والحرب الأوكرانية، التى لا تبدو لها نهاية، تبثان البؤس واليأس فى النفس السوِيّة. ومع ذلك فإن هناك من المعلومات والمعرفة بعالمنا ما يقضى بأن العالم على الأقل ليس حاله بهذا السوء، بل يوجد مع كل الأخبار السيئة الكثير من الأنباء التى تقول إن ما هو قادم لن يكون فقط أقل سوءًا، وإنما يوجد ما يدعو إلى أننا سوف نكون أفضل حالًا.

لفت نظرى مقال فى الموقع الإلكترونى «فوكس VOX» بعنوان يتساءل: «لماذا الكوارث التى تزداد قسوة تقتل عددًا قليلًا من البشر؟».

المقال الذى كتبه «أومير إرفان»، فى ١٠ يوليو الجارى، يعتمد فى معلوماته على آخر تقارير اللجنة الحكومية الأمريكية للتعامل مع ظاهرة «التغير المناخى»، والتى تقول بوضوح يعتمد على المعلومات والأرقام إن الظواهر المناخية من الحرارة العالية والفيضانات والحرائق، وكلها كوارث مُميتة، زاد عددها خمس مرات خلال السنوات الخمسين الأخيرة، ورغم ذلك، فإن عدد الموتى منها قلَّ بنسبة الثلثين.

مثل ذلك يمثل إنجازًا كبيرًا بالنسبة للعاملين فى مواجهة هذه المصائب، ويجعلها أكبر قصص النجاح الإنسانى فى التاريخ المعاصر. المقال لا يقول شيئًا عن «الجائحة»، ولكن بمعيار المقارنة بعد ثلاث سنوات من الوباء فإن عدد الضحايا فيه أقل كثيرًا مما حدث فى الإنفلونزا الإسبانية قبل قرن من الزمان، وفى كل الأحوال لم يحدث تراجع سكانى كذلك الذى حدث بعد نوبات الطاعون فى أوروبا خلال العصور الوسطى.

.. ولمَن لا يعلم فإنه قبل أن ينقضى هذا العام فإن عدد سكان الأرض سوف يتجاوز ثمانية مليارات نسمة، وهى حالة كانت تكفى لظهور أفكار «مالثوس»، التى تقول إن الكوارث ليست كارثية بالضرورة لأن فضيلتها هى إعادة التوازن الديمجرافى للكرة الأرضية مرة أخرى.

والحقيقة هى أن بلاد الله واسعة للغاية، وخلقه كثيرون، ومَن يقل لك إن الأرض قد ازدحمت فلا تصدقه لأن الذى علّم الإنسان ما لم يعلم أعطاه القدرة على أن يجعل من مساحات صغيرة فيها ما يكفى فوق الأرض وتحتها ما يجعلها تضم وتستوعب جماعات كثيرة.

وفى واحدة من الدراسات، التى صادفتها قبل سنوات قليلة، وجدت أنه من الممكن للإنسانية كلها، أى قرابة سبعة مليارات نسمة وقتذاك، أن يعيشوا فى ولاية تكساس الأمريكية وحدها. الفكرة هنا أن المهم هو أن التنظيم الاجتماعى والاقتصادى والسياسى يكون من الفاعلية والبساطة بحيث يستوعب وينظم حياة الناس بطريقة تجعلهم يستغلون المساحات بقدرة فائقة.

«النانو» تكنولوجى جاءت حتى تُصغر الأشياء وتجعلها أكثر بساطة، وفى يوم من الأيام كان أول كمبيوتر يحتل عمارة كاملة، وعندما تم وضع نفس طاقة الكمبيوتر فى حجرة واحدة قبل انطلاق سفينة الفضاء أبوللو ١٣، فى مطلع السبعينيات، كان ذلك معجزة كاملة.

تعالَ الآن وراجع أحجام الكمبيوتر الشخصى، أو «الموبايل»، الذى يمكنه حمل معلومات كانت فى السابق تحتاج مدينة كاملة من الأرشيف. تَمَعّن فى تليفونك المحمول، الذى تستطيع أن تحمله وتتجول به حول العالم ما شاء لك التجول، بينما تستطيع أن تشاهد أحباءك، وتتابع أخبار شركتك من خلال شبكة «سكايب» أو «زووم» بالصوت والصورة والإنفوجرافيك.

وبالمناسبة، فإن كل هذه النظرة المتفائلة تنطبق على مصر، حيث إن «الجائحة» لم تتسبب فى ارتفاع معدل الوفيات فى مصر بصورة ملحوظة، ويُحسب ذلك لجهود الحكومة والقطاع الصحى، ولتعلم الجماهير أن تكون أكثر وعيًا ونظافة، ربما ليس بالقدر الذى يطلبه الكثيرون منّا، وإنما لكى نفهم ونقدر حقيقة ما جرى للمصريين. وحتى لا يخطئ أحد فى فهم ما نود ذكره، فإنه لا توجد دعوة هنا إلى التقليل من أهمية الزيادة السكانية، وإنما هى دعوة إلى فهمها بشكل أفضل.

فى أرقام أخيرة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن شعب مصر شابّ تمامًا، ومَن هم فوق سن الخامسة والستين لا يزيدون على ٤٪ من السكان، وهو ما يجعل القضية تنتقل إلى مستويات أخرى من التعليم وفهم العلاقة بين الشريحة العمرية والوضع الاقتصادى والمكانة الاجتماعية، فالمُلاحَظ هو أن الواقعين فى الطبقة الوسطى المصرية، وتتكون الأسرة فيهم من أربعة أفراد، يشكلون فقط ٧.٥٪ من الفقراء.

مَن لديهم مواليد أكثر من ذلك يشكلون أكثر من ٨١٪. على هذا الشكل فإن قضية الزيادة السكانية تصبح واقعة بشكل كافٍ فى زاوية التنمية المصرية وتخريج الطبقة العاملة من الفقر إلى الستر، بالعلم والتعليم والمشاركة فى زيادة الإنتاجية المصرية.

الانتشار السكانى فى المعمور المصرى وبراحه يقلل من الزيادة السكانية، التى تأتى فى معظمها من المناطق المزدحمة والأكثر فقرًا، وغالبيتها واقعة فى الوادى الضيق. هنا تحديدًا يبدأ الواقع المصرى الجديد فى الانتشار من النهر إلى البحر بمدن جديدة وذكية؛ وما بقى فقط هو متى ينتقل السكان، وكيف؟.

البساطة والتبسيط كانا دائمًا من أسرار التقدم الكبرى، ويحكى العلماء دائمًا كيف أنهم عندما يكتشفون شيئًا ينبهرون لأنهم لا يعرفون لماذا لم تكن هذه الفكرة الجديدة أول ما خطر ببالهم نظرًا لبساطتها المذهلة. فى هذه الأيام تتكرر المسألة مرة أخرى فى مصر والعالم أيضًا، حيث الإنجازات الكبرى والتقدم التكنولوجى المذهل، وكل ذلك واقع بسهولة فى محيط النظر البشرى.

ومع ذلك، فإن التشاؤم يكون قائمًا لأن الحياة أصبحت أكثر تعقيدًا لأننا قمنا بإصلاحات كثيرة، ليس من بينها النظام الإدارى للدولة، التى تعلم بيروقراطيتها كيف تلتف حول الثورة الرقمية، ولكنها لا تقدم الكثير فى مجال ممارسة الأعمال مهما كانت توجهات الدولة والقيادة السياسية عن دور جديد للقطاع الخاص.

وفى مطلع القرن الحالى بلغ عدد القوانين المصرية ٦٨ ألف قانون، وعدد لا متناهٍ من اللوائح والقواعد والمراسيم. وفى الوقت الراهن فإن العمل الأساسى للمؤسسات التشريعية هو تعديل القوانين القائمة بتعديلات جديدة لا تجعلها فى الواقع أكثر بساطة، بينما ما نحتاجه هو قوانين بسيطة تركيزها الأساسى على «مقاصد القانون»، كما بات يعرفها العالم وليس كما نعرفها نحن وسطية اشتراكية ورأسمالية وما بينهما «خمسون ظلًّا من الرماديات».

قانون العمل فى معظم العالم يقوم لغرضين: التشغيل والإنتاج، وكيف نزيد فرص العمل ونحقق الزيادة الإنتاجية التى تزيد من الموارد القومية. القضية الأساسية هنا علمية فى جوهرها تربط ما بين القانون وتحقيق مقاصده؛ فإذا كان «تجديد الفكر الدينى» يقوم على الوفاء بمقاصد الشريعة؛ فإن «تجديد الفكر المدنى» يقوم على تحقيق مقاصد القوانين.

المسألة بسيطة كما نرى، وهى تكريس الجهود تجاه مطالب العصر، وفى يوم من أيام مصر العزيزة كان شائعًا تعبير «الإدارة بالأهداف»، ووقتها لم تتحقق الأهداف، ولا كان هناك ما يؤكد الإدارة. الآن آن أوان الرحلة من التعقيد إلى التبسيط.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأملات صيفية متفائلة تأملات صيفية متفائلة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib