بين المشروع الفارسي والمشروع العثماني أين المشروع العربي

بين المشروع الفارسي والمشروع العثماني... أين المشروع العربي؟

المغرب اليوم -

بين المشروع الفارسي والمشروع العثماني أين المشروع العربي

عوني الكعكي
بقلم : عوني الكعكي

عندما عاد الخميني الى إيران عام 1979، على متن الخطوط الجوية الفرنسية، محاطاً بحماية جوّية وأرضية غربية، بعد سقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي، توهّم المتابعون داخل إيران وخارجها، أنّ رجل الدين الإيراني الذي عاش في المنفى قرابة 14 عاماً، زاهد حقاً في الحكم بل إنّ أقصى ما يطمح إليه الخميني هو أن يكون المرشد الروحي للثورة الإسلامية. ولقد تبيّـن بعد بضع سنوات، أنّ لا فرق بين الشاه والخميني إلاّ في تسمية الحكم، وأنّ هناك تشابهاً كبيراً على مستوى السياسات الكبرى للامبراطورية الفارسية، بل إنّ الخميني كان مصمّماً على تحقيق ما فشل فيه آخر حكام آل بهلوي، وهي إعادة التمدّد الفارسي في المنطقة، وهو ما سمّي بـ»تصدير الثورة».
وبعدما استقوى النظام، دخل مرحلة مدّ الأذرع العسكرية في الخارج عبر إنشاء «حزب الله» ودعم حركة حماس، ولاحقاً «الحشد الشعبي» في العراق و»أنصار الله» في اليمن.
وبعد اندلاع ثورة «الربيع العربي»، وتحديداً بعد تحوّل الأزمة في سوريا من انتفاضة شعبيّة سلميّة مطالبة بالإصلاح الى صراع مسلّح، دخلت إيران بكل ثقلها ضمن سياسة تبدو في ظاهرها داعمة لنظام بشار الأسد، لكنها في باطنها تطمح لاستكمال مشروع التمدّد الذي بدأ بشكل جزئي بوجود «حزب الله» في لبنان، ثم حقق خطوات كبيرة وتاريخية إثر الإحتلال الاميركي للعراق عام 2003، والذي أعقبه تدخل إيران بشكل مباشر في هذا البلد. ولن ننسى ما قامت به إيران لتجنيد ميليشيات تقاتل باسمها في العراق وسوريا واليمن... وهي تطمح الى توسيع رقعة تمدّدها الى جنوب آسيا، وصولاً الى أفريقيا، حيث تبنّت سياسات مماثلة. وتجنّد إيران المئات من الشيعة الأفغان للقتال في أمكنة يختارها لهم الحرس الثوري الايراني، كما أنشأت إيران لواء الزينبيين ويضم شيعة باكستانيين ينفذون ما يُطلب منهم.
إنّ الطموح الإيراني القومي الفارسي الذي ألبسه الخميني لباس التشيّع، يتضخم يوماً بعد يوم. وللوصول الى هذا الحلم وضع الإيرانيون جملة خطوات أهمها:
1- أولى الخطوات تتمثّل في تسييس التشييع من خلال فكرة ولاية الفقيه.
2- عملية «صناعة العدو»، وهي عملية لجأ إليها النظام باختراع عدو وهمي كبير وقوي يوفّر له فرصة الظهور.
وفي خِضَمّ اضطراب البلدان العربية يمكن القول إنّ تركيا وإيران قسمتا بينهما النفوذ في المنطقة.
فمع احتدام الوضع في ليبيا، تتفاعل على تداعيات تمدّد المشروع التركي. فمنذ قرن من الزمن، كانت الامبراطورية العثمانية رجلاً مريضاً، تقسّمت تركتها العربية بين الأوروبيين المنتصرين في الحرب العالمية الأولى. وها هي تركيا تتمدّد من جديد، من خلال «الإخوان المسلمين»، ما جعل من تركيا الأردوغانية قوّة صاعدة، دخلت جزءًا من سوريا، ودخلت ليبيا، كما تحاول تركيا التمركز في بعض المناطق اللبنانية من خلال مدّها بالمال، بحجة مجابهة «حزب الله»، بل لمحاولة لعب دور بديل عن الأدوار العربية التاريخية. وما يلفت النظر أنّ تركيا قدّمت مستشفى في صيدا بميزانية 20 مليون دولار عام 2006.
وهنا لا بد من تحميل المسؤولية الى «العرب»... وتوجيه سؤال محوري إليهم... أين المشروع العربي مقابل هذا كله...؟
إنّ العرب يتحمّلون جزءًا كبيراً من مسؤولية التمدّد الإيراني... لأنّ إيران رسمت نفوذها في المنطقة عبر استخدامها لكافة الأزمات التي تعاني منها شعوب ودول المنطقة. كما ان توظيف إيران للمسألة الشيعية ساعدها في تهديد استقرار المنطقة نتيجة لأخطاء عربية في التعامل مع بعض الفئات العربية، في ظلّ غياب سياسة إحتواء عربية شاملة لمكوّنات المجتمع.
لقد تناسى العرب تنسيق مواقفهم لمواجهة التدخلات الإيرانية... كما ان إفشال المشروع الإيراني في المنطقة لا يتمّ إلاّ من خلال محاربة إيران وتركيا بنفس الأسلحة وذلك بمساعدة الشعوب المضطهدة في الداخل.
إنّ ما آلت إليه الأمور، بعد وجود مشروعين: فارسي وتركي، يتطلب صحوة عربية، ودراسة معمّقة للواقع العربي الراهن... في محاولة جادّة لوضع مشروع عربي متكامل، يحول دون نجاح المشروعين المذكورين أعلاه...
فهل يُقْدِم العرب على تنفيذ هذه الخطوة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين المشروع الفارسي والمشروع العثماني أين المشروع العربي بين المشروع الفارسي والمشروع العثماني أين المشروع العربي



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024
المغرب اليوم - طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية الوطنية

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib