المغرب المحسود

المغرب المحسود

المغرب اليوم -

المغرب المحسود

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

لا يعرف جمال المغرب إلا الذى رآه، والذين سمعوا عن جماله سوف يكتشفون إذا ذهبوا إلى هناك أن «مَنْ رأى ليس كمن سمع»، وأن عبارة الإمام على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، عن أن «مَنْ ذاق عرف» تنطبق أكثر ما تنطبق على المغرب.

وأهل المغرب محبون للحياة، لكنهم لا يحبون أى حياة، وإنما الحياة الجيدة فى الأساس، وسوف تجد ذلك أمامك فى الشوارع النظيفة، وفى الإقبال على الدنيا والناس، وفى المقاهى التى تنافس مقاهى باريس فى حيويتها وطقوسها، وفى أصناف الطعام التى تميزهم ولا تستطيع أن تتذوقها إلا عندهم، وفى اللهجة المحلية المحببة إلى النفس تماما كلهجة أهل الشام، وفى الوسطية الدينية التى تعتمد المذهب المالكى فى كل الأمور.

وعندما زار طه حسين المغرب أعجبته لهجة المغربيين، واستوقفته بعض الكلمات التى لا يستخدمها إلا أبناء المغرب، ومنها كلمة «ديالكو» التى لما سمعها عميد الأدب العربى للمرة الأولى استغربها ولم يفهمها، فلما أدرك معناها استلطفها جدا وراح يستعملها فى أحاديثه مع مثقفى المغرب، وتكلم عنها وعن زيارته المغربية فى لقاء تليفزيونى شهير مع ليلى رستم.

والطبيعة التى غضبت على المغرب فضربت مراكش كانت سخية من قبل فيما أعطت البلاد من شواطئ طويلة، وطقس بديع أغلب السنة، ومناظر طبيعية فى ايفران تنافس مثيلتها فى سويسرا، وجغرافيا ممتدة على طول البحر والمحيط من الشمال إلى الجنوب.

والذين رأوا الشواطئ، وعاشوا الطقس، وتأملوا المناظر، وجلسوا على المقاهى، وتجولوا بين المدن المغربية الكثيرة، وتذوقوا طعامها.. هؤلاء كلهم يتعاطفون مع ضحايا الزلزال العنيف، ويشاركون الأهل هناك مشاعر الحزن والفقد، ويتمنى كل واحد فيهم لو استطاع أن يمد يده ليخفف من وطأة الكارثة على الذين واجهوها بصدورهم العارية.

وكما تعاطف العالم فى فبراير ٢٠٢٢ مع الطفل المغربى ريان، الذى سقط فى بئر فأبكى الناس فى كل مكان، فإن العالم نفسه يعود ليتعاطف مع أكثر من ريان وجد نفسه تحت أنقاض الزلزال.

وفى نوفمبر من السنة الماضية كان المغرب يدق باب كأس العالم بقوة، وكان على وشك أن يدخله عن جدارة، وكان قد فرح وأشاع البهجة بين العرب جميعا، ولابد أن «عين حسودة» قد أصابته فضربه الزلزال الذى اختار مراكش الغنية بكل ما هو عتيق دون بقية المدن، ولكن إرادة الحياة لدى كل مغربى سوف تعلو على يد الزلزال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغرب المحسود المغرب المحسود



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib