حصانة تحميه ولا تستثنيه

حصانة تحميه ولا تستثنيه

المغرب اليوم -

حصانة تحميه ولا تستثنيه

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

فى كل مرة أسافر فيها إلى أى بلد، أظل أتابع تفاصيل اقتصاده بالذات، لا لشىء، إلا لأن الاقتصاد هو المحرك لما سواه فى كل مكان.

وفى القلب من الاقتصاد أظل أفتش عن التفاصيل التى تتصل بالاستثمار، أو التى تشده وتجذبه إلى بلد، ثم تبعده عن بلد آخر فى المقابل.. وهذه التفاصيل تظل كلها منشورة على الناس ولا تبقى فى نطاق الأسرار.

ولو أنت تابعت هذا مثلى أو مثل غيرى، فسوف تكتشف أن تخفيض معدل الضرائب على المستثمر الأجنبى، ومن قبله على المستثمر المحلى، وسيلة فعالة لإغراء الثانى بالمبادرة إلى العمل وتوظيف ماله وقدراته، ثم إغراء الأول بأن يقتفى أثر الثانى وهو مطمئن.. ولكنك ستجد فى اللحظة ذاتها أن قضية الضرائب، مع أهميتها بالنسبة لكل مستثمر سواء كان محليًّا أو أجنبيًّا، ليست هى العامل الأول فى الجذب والإغراء.

سوف ترى أن هناك أشياء أخرى تغرى وتشد الاثنين معًا، وسوف تجد أن هذه الأشياء كثيرة ومتعددة، وأنها تبدأ من تجنيب المستثمر أى بيروقراطية حكومية تعطله، وتصل إلى تجميع الإجراءات المطلوبة منه فيما يسمى «الشباك الواحد»، وتنتهى بإعطائه بعض المزايا التشجيعية، كأن تعفيه من دفع الضرائب لفترة مثلًا، إذا قرر الذهاب للعمل خارج العاصمة.

وأذكر أنى رأيت أن مثل هذا الإعفاء معمول به فى دولة مثل بولندا، وأنى استمعت إلى تفاصيل عنه فى زيارة إليها ذات يوم.

سوف يستوقفك هذا كله، وسوف تجده فعالًا فى دفع أى مستثمر محلى إلى المسارعة لتوظيف كل ما يملك من جهد أو مال أو طاقة.. وسوف يتبعه المستثمر الأجنبى وهو مغمض العينين فى توظيف المال والجهد والطاقة. ولكنك ستكتشف أن هناك، رغم ذلك كله، ما هو أهم بالنسبة للمستثمر بنوعيه.. أما هذا الأهم دون منافس فهو القانون.. أقصد خضوع الجميع للقانون العادل نفسه دون تفرقة، واحترام الدولة لتعهداتها وللقانون الذى تطبقه، وإيمان الدولة.. أى دولة.. بما نراه على واجهات المحاكم ونحن نمر عابرين من أمامها.

إننا نرى العدالة على واجهات المحاكم فى صورة سيدة معصوبة العينين، بينما الميزان فى يدها تتعادل فيه كل كفة مع الثانية فلا تميل هنا ولا هناك.. هذا على وجه التحديد هو ما يجعل كل مستثمر يطمئن تمامًا، وهذا هو أول شىء يُطمئنه.. هذا أول شىء إذا رتبنا أولويات الموضوع أمام كل مستثمر.. وهذا ما لا بد أن تكون الحكومة الجديدة على وعى كامل به وهى تتشكل، ثم وهى فيما بعد تعمل.. فالمستثمر باحث دائمًا عن حصانة تحميه ولا تستثنيه، ولا شىء يجعله يستشعر هذه الحماية إلا إحساسه بأنه مع أى جهة أو شخص فى الدولة أمام القانون سواء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حصانة تحميه ولا تستثنيه حصانة تحميه ولا تستثنيه



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib