الرابطة التي أحيتها الحرب على غزة

الرابطة التي أحيتها الحرب على غزة

المغرب اليوم -

الرابطة التي أحيتها الحرب على غزة

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

على غير موعد، التقى قرار أقدمت عليه بلدية برشلونة الإسبانية، مع تصريح لرئيس وزراء إسبانيا، بدرو سانشيز، عند موقف واحد تجاه قطاع غزة.

كان سانشيز قد زار القاهرة في 24 نوفمبر الماضي، برفقة رئيس وزراء بلجيكا، ومنها توجها إلى معبر رفح في اليوم نفسه، وعقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً هناك، ورغم أن كلامهما معاً قد أثار غضب الحكومة في تل أبيب، إلا أن كلام رئيس وزراء إسبانيا، هو الذي أغضبها أكثر.. وقد وصل الغضب من ناحيتها إلى حد أنها استدعت سفيري البلدين في تل أبيب لتوبيخهما، على حد تعبير البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، في أعقاب المؤتمر الصحافي.

وعندما تعود إلى كلام سانشيز، ستكتشف أن غضب تل أبيب منه لا مبرر له، لأن كل ما قاله الرجل، أن حق الدفاع عن النفس بالنسبة لإسرائيل، لا يمنحها الحق في قتل المدنيين في القطاع، ولا في استهداف النساء، ولا في القضاء على الأطفال.

وهو في تصريحه، كان يستند على إحصائية ثابتة، تقول إن عدد الذين سقطوا في غزة طوال الحرب التي دامت 49 يوماً، بلغ 15 ألفاً، وأن 39 ٪؜ منهم هُم من بين الأطفال والنساء.

ورغم أن بلدية برشلونة جزء من إسبانيا لا يتجزأ، إلا أنها اتخذت خطوة شجاعة من تلقاء نفسها، فقررت وقف كل العلاقات المؤسسية بينها وبين إسرائيل. وهي لم تبادر إلى خطوة كهذه، إلا على أساس اعتبار إنساني خالص، لأنه لا شيء يجمعها مع الفلسطينيين سوى الرابطة الإنسانية، التي تظل تجمع بين كل الناس.

التصريح الذي أدلى به رئيس وزراء إسبانيا أمام معبر رفح، كان تصريحاً سياسياً في أوله وفي آخره، لأن صاحبه جاء القاهرة بصفته، لا بشخصه، ولكن ما أقدمت عليه البلدية، لم يكن ذا لون سياسي، بقدر ما كان ذا طابع إنساني، في مبتدئه وفي منتهاه.

ومن حُسن حظ أبناء غزة، أن هذه الرابطة نشطت طوال أيام الحرب، وتابعنا مواقف هنا وهناك، لا صلة بينها وبين السياسة، ولكن الصلة فيها كلها، كانت بينها وبين الإنسانية، التي لا تتقيد باللون، ولا باللغة، ولا بالدين، وتقفز فوقها كلها في مختلف الأحوال.

رأينا جنوب أفريقيا، من موقعها هناك في أقصى جنوب القارة السمراء، تقرر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وتستدعي السفير الإسرائيلي لديها، وتطلب منه المغادرة إلى بلاده، لا لشيء، إلا لأن الحكومة الجنوب أفريقية، رأت أن مقتضيات الإنسانية، تُلقي على كاهلها مسؤولية تجاه ما أصاب أبناء القطاع من المدنيين، وأن عليها أن تتصرف وفق ما تفرضه عليها حدود هذه المسؤولية، بمعناها الإنساني لا السياسي.

وتابعنا كيف أن دولاً في أقصى جنوب الأرض، قررت الشيء نفسه تقريباً تجاه إسرائيل، وإذا شئت فراجع موقف بوليڤيا، وموقف كولومبيا، ومواقف غيرهما من بقية الدول في أمريكا الجنوبية، التي تقع على مسافة تُقاس بآلاف الأميال من غزة، في موقعها على البحر المتوسط.

لا شيء كان يحرك برشلونة في قرارها، ولا شيء كان يدفع جنوب أفريقيا إلى ما اتخذته، ولا شيء كان يقف وراء دول أمريكا الجنوبية في مواقفها، سوى رابطة الإنسانية، بكل عمقها بين البشر، وبصرف النظر عن مواقعهم على خريطة الكوكب.

ما عاناه أهل القطاع من المدنيين، على مدى ما يقرب من الشهرين، قد أيقظ هذا الضمير في مناطق متفرقة على امتداد الأرض، وكانت هذه العلامات التي أضاءت في سماء عالمنا، من أول برشلونة، إلى جنوب أفريقيا، إلى أمريكا الجنوبية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرابطة التي أحيتها الحرب على غزة الرابطة التي أحيتها الحرب على غزة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib