مفتاح جنوب البحر

مفتاح جنوب البحر

المغرب اليوم -

مفتاح جنوب البحر

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

يظل الشاطئ الشمالى للبحر المتوسط أوروبيا بامتياز، ويظل الشاطئ الجنوبى إفريقيا بامتياز أيضا، وتظل المحروسة الدولة الأهم فيه.

ومن هذه الزاوية يمكن فهم العلاقة بين الشاطئين، ويمكن النظر إلى اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، التى وقّعتها القاهرة مع رئيسة المفوضية الأوروبية، ومعها خمسة من المسؤولين الأوروبيين الكبار الذين جاءوا إلينا يتقاطرون.

الاتفاقية تقضى بتقديم دعم أوروبى لمصر يصل إلى سبعة مليارات و٤٠٠ مليون يورور على عدد من السنوات.. أما وجوه التعاون فهى ستة ومُقسمة كالتالى: العلاقات السياسية، الاقتصاد، الاستقرار، الاستثمار، الأمن، ثم الهجرة.

وأنت إذا تأملت الوجوه الستة ستجد أن الخمسة الأولى منها تهمنا نحن بشكل مباشر، ومن المهم أن نظل نعمل عليها مع الاتحاد الأوروبى، ومع غير الاتحاد الأوروبى، أما الوجه السادس الخاص بالهجرة فهو يهم عواصم القارة العجوز بالدرجة الأولى، وقضية الهجرة من جنوب البحر إلى شماله هاجس لا يفارقها ولا تفارقه.

ومن حُسن الحظ أن المصالح المشتركة بيننا وبين الاتحاد قد التقت على هذه الوجوه الستة، فجاء رؤساء الحكومة فى إيطاليا، واليونان، وبلجيكا، والمستشار النمساوى، ورئيس قبرص، ورئيسة المفوضية الأوروبية.. جاءوا يوقّعون الاتفاقية ويكتبون السطر الأخير فيها مع الرئيس.

ورغم أن اتفاقيات شبيهة قد جرى توقيعها مع تونس باعتبارها إحدى دول جنوب البحر، إلا أن الاتفاقية معنا تبقى هى الأضخم، كما أن هاجس الهجرة كان هو تقريبا الطريق الوحيد إلى توقيع اتفاقية مع تونس.. أما فى حالتنا، فلقد كنا أمام أكثر من طريق، وكانت الطُرق متنوعة، وكان الأهم فيها هو طريق الاستثمارات الأوروبية على أرضنا، والتى تستحوذ وحدها على ما يقرب من مليارين من اليوروهات من بين إجمالى قيمة الاتفاقية الموقّعة.

ومن قبل كان الأوروبيون قد أدركوا أن مصر هى مفتاح جنوب البحر، وكان ذلك قد تجسد فى «الاتحاد من أجل المتوسط» الذى لما قام فى زمن سابق، قام بجهد مصرى فرنسى مشترك، ونشأ برئاسة مصرية فرنسية مشتركة، وضم دول جنوب البحر مع دول الشمال المُطلة عليه.. وعندما اكتشفت دول أوروبية غير مُطلة على البحر أهمية الاتحاد سارعت تطلب العضوية فيه، وكانت ألمانيا على سبيل المثال فى المقدمة من الدول التى سارعت وانتسبت للاتحاد من أجل المتوسط.

وإذا كانت مصر قد استقبلت ملايين المهاجرين إلى أرضها من دول شتى، فإنها لم تشأ أن تتاجر سياسيا بهذه القضية، ومارست مسؤوليتها تجاههم كما تراها، ولم تدفع بهم فى اتجاه شمال البحر ولا سمحت بذلك، وأظن أن الاتحاد الأوروبى قد أدرك هذا مؤخرا، فأراد أن يكافئها على وجه من الوجوه، ورغم أنه قد فعل ذلك متأخرا فالمهم أنه فعل، والأهم أنه عندما راح يتطلع للخريطة قد وقعت عيناه على الرهان الصحيح.. فمصر كانت هنا وسوف تظل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفتاح جنوب البحر مفتاح جنوب البحر



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib