خيارات غزة ما العمل

خيارات غزة: ما العمل؟

المغرب اليوم -

خيارات غزة ما العمل

مأمون فندي
بقلم - مأمون فندي

منذ ما يقرب من ستة أشهر وإسرائيل تشن حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى الآن ما يقرب من 32 ألف قتيل، وكل ساعة يزيد العدد، أكثرهم من النساء والأطفال، وتركت ما يصل إلى 50 ألف جريح، وأيضاً في كل ثانية يزيد العدد، هذا فضلاً على صور الدمار الهائل والمجاعة غير المسبوقة، والأخطر أن كل هذا مذاع على الهواء مباشرة؛ إذ تصل الصور وبشاعتها إلى كل بيت، وهذا له تبعاته الكارثية على إدراك أهل المنطقة لما يجري داخل الدولة الواحدة وعلى مستوى الإقليم إجمالاً، والأهم هو تبعات ذلك على أمن الدول وأمن الإقليم مجتمعين، وتحديداً على أمن الخليج؛ إذ إن الحرب الممتدة من باب المندب إلى غزة قد تتقاطع مع الحركات من «حزب الله» إلى «الحشد الشعبي» في العراق، والخلافات البينية بين دول المنطقة.

من أهم تداعيات حرب غزة على الأمن الإقليمي هو انكشاف منظومة الأمن الإقليمي في صيغتها العربية، هذه الحالة من الانكشاف وتباين الرؤى فيما يبدو تنافساً بين المحاور المختلفة، لها تأثير مباشر على المصالح الأمنية لكل دولة على حدة. إن حجم التحولات الجارية واحتمالات تأثيرها على أمن الإقليم، يحتاج إلى فهم أعمق مما هو مطروح الآن، ويحتاج لكثير من الإبداع ورجاحة العقل لا التوصيات التي قد أطرحها في هذا المقال وفى مجملها قد تكون غير مريحة، وربما تخالف في مجملها خط السياسة المعلنة لمعظم الدول العربية. ولكن بهدف تركز العقل لا بد من طرح تصورات بديلة للتحرك في هذه الأزمة التي أراها مفصلية في إمكانية رسم ملامح الأمن الإقليمي.

كثير من الدول ترى في أزمة غزة وكأنها مفرغة من جوهرها السياسي، أو كأنها مشكلة إنسانية وشيء أشبه بتبعات الكوارث الطبيعية مثل البراكين والفيضانات أو العواصف. إن التركيز على البعد الإنساني أمر مهم، ولكن جوهر القضية سياسي وقانوني. فرغم المأساة الإنسانية في غزة من مجاعة وإبادة جماعية، فإن القضية ليست قضية إنسانية، بل قضية سياسية أساسها شعب وأرض تحت الاحتلال. إن انخراطنا في أنسنة القضية يبعدنا عن شقها السياسي والقانوني والجنائي، ويجعل المحتل يفلت بجريمته. حتى الانخراط مع إدارة بايدن في الحديث الإنساني والهدنة المؤقتة والأسرى أيضاً يأخذنا بعيداً عن الجوهر، فبعد الزيارة السابعة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لم نرَ جديداً، فمعادلة بلينكن جوهرها الرهائن مقابل وقف إطلاق النار المؤقت. لا يعنيه حجم القتل والدمار في غزة، الرهائن أولاً، أو على الأقل هذا فهمي وتفسيري لأحاديثه العلنية.

القضية الفلسطينية بالنسبة لنا غيرها بالنسبة لبلينكن؛ فهي قضية سياسة بين احتلال ومحتل، بين محتل يريد لدولته أن تكون يهودية فقط، وما تبقى يصبح حالة من فصل عنصري على غرار جنوب أفريقيا البيضاء قبل مجيء نيلسون مانديلا للرئاسة. أنسنة القضية مهم كأداة من أدوات كسب تأييد دولي وعالمي، ولكنْ هناك مسار سياسي وقانوني تتحمله الدول العربية، ولهذا يكون مهماً هذه الأيام أن تشترك بعض الدول العربية اليوم مع جنوب أفريقيا في دعوتها، وكذلك اتخاذ إجراء عبر الأمم المتحدة للتأكيد على الجانب القانوني للقضية، كما أن هناك فرصاً متاحة لعدد من الدول العربية للتهديد أو التلويح بكروت ضغط تملكها؛ إذ لا بد للدبلوماسية العربية أن يكون لها أسنان.

لكي ننقذ ما تبقى من المشهد الفلسطيني ونساعد أنفسنا والمجتمع الدولي في الوصول إلى الدولة الفلسطينية المستقلة، لا بد من التحرك على محاور عدة تلفت نظر الجميع. على غرار ما فعلته دولة جنوب أفريقيا.

كما يجب علينا التركيز والعودة إلى مبادرة السلام العربية كمرجعية حاكمة للدبلوماسية العربية؛ فهي المبادرة التي تمثل الإجماع العربي وحدود ما هو مقبول وما هو غير مقبول في إطار سلام إقليمي أوسع، وهذا يتطلب أيضاً المزيد من الخشونة في الدبلوماسية العربية.

وهذا قد يتطلب قمة مصغرة لإعادة تركيز مخرجات قمة الرياض المنعقدة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. إن إعادة بلورة مخرجات القمة ومنحها الأسنان اللازمة لدبلوماسية أكثر خشونة، يمكن أن تأخذنا إلى بلورة مقاربة عربية ومسار واضح يربط بين نهاية الحرب فى غزة، واستئناف مسار تفاوضي فلسطيني - إسرائيلي جاد (استناداً إلى مرجعية المبادرة العربية للسلام)، وصولاً إلى قيام الدولة الفلسطينية فى إطار تسوية نهائية ومستدامة للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

هناك دول محورية مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والأردن تستطيع الإسهام بشكل فاعل في تصحيح المسار والدعوة لهذه القمة المصغرة.

كما تستطيع بعض الدول التي لها علاقات ثنائية مع إسرائيل أن تنخرط مع إسرائيل في حوار استراتيجي جاد، لتنبه إسرائيل إلى التبعات الكارثية لحرب الإبادة والتجويع التي تشنها على أهالي غزة.

هذا في رأيي بعض مما يمكن عمله لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في غياب تصور واضح للأمن الإقليمي، في ظرف أزمة قد تتسع خارج ما يمكن أن نتصوره أو نتحسب له.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات غزة ما العمل خيارات غزة ما العمل



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية الوطنية

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib