في مقاعد المتفرجين على الإبادة
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

في مقاعد المتفرجين على الإبادة

المغرب اليوم -

في مقاعد المتفرجين على الإبادة

مأمون فندي
بقلم - مأمون فندي

في عدد سبتمبر (أيلول) 2001 لمجلة «النيويوركر» الأميركية كتبت سامانثا باور (Samantha Power) مقالاً مفعماً بالحقائق والسرد الإنساني المقنع عن الإبادة الجماعية في رواندا، بعنوان «المتفرجون على الإبادة»، وحازت جائزة «بوليتزر» المرموقة للصحافة عن كتابها المعنون «مشكلة من الجحيم»، الذي كان ذلك المقال جوهره. سامانثا باور اليوم وزيرة في إدارة الرئيس جو بايدن ومسؤولة عن المساعدات الأميركية من خلال «USAID» أو «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية». ومع تقلُّدها المنصب، اختفت إنسانيتها وشغفها الإنساني كشاهد على الإبادة الجماعية التي صنعت اسمها في بداية الألفية الثالثة، تُرى ماذا جرى لإنسانيتها وإنسانية أمثالها؟ وهل إبادة قوم غير إبادة أقوام أخرى؟ أم أن العدالة أمر يتجزأ؟ وهل الإبادة شرّ في رواندا، ولكن الإبادة خير في غزة؟

أسئلة سامانثا باور لإدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون التي حدثت في عهده كانت أسئلة محرجة للإدارة الأميركية، وهي أسئلة جديرة بالتكرار هنا، من أجل تذكِرة سامانثا وإدارة بايدن بأن ثمة إبادة بشعة تُبث يومياً وعلى الهواء مباشرة ولمدة تسعة أشهر؛ فهل اختلف الحال في غزة عندما يكون الجاني شريكاً لك.

فما أسئلة سامانثا لإدارة كلينتون التي لا تجرؤ أن تسألها لحكومة هي عضو فيها؟ سألت السيدة باور أسئلة كثيرة، منها: لماذا لم تفعل أميركا شيئاً تجاه الإبادة في رواندا؟ وهل من المعقول أن الرئيس كلينتون لم يكن يعلم بالإبادة، كما ظهر من خلال ملاحظاته التي كتبها على هامش تقرير لساندي بيرغر مسؤول الأمن القومي؟ ثم مَن المسؤول من الساسة الذين أُنيطت بهم أمور الحياة والموت والذين أداروا السياسة الخارجية في تلك الفترة؟ وهل كانت هناك أصوات داخل الإدارة أو خارجها تندد بالإبادة الجماعية؟ ولماذا لم تفعل أميركا شيئاً لوقف الإبادة؟ ولماذا حتى عندما قدم كلينتون اعتذاراً أثناء زيارته لرواندا كان اعتذاراً باهتاً؟

هذه أسئلة السيدة باور التي يستطيع القارئ أن يبدل فيها كلينتون ببايدن، ورواندا بغزة، ويسأل الأسئلة ذاتها لسامانثا، المسؤولة في الإدارة الأميركية اليوم، لا صحافية الأمس.

أعرف أن السيدة باور لن تقرأ هذا المقال، وأننا نكتب على هامش التاريخ؛ فهم يمتلكون المتن، ولنا الهامش. ومع ذلك، فلا بد أن نذكِّرها وأنفسَنا بأننا متفرجون على الإبادة معاً.

الخزي الأميركي والنفاق ليس حالة منفردة تتجلى في مقال سامانثا باور أو كتابها، ولكن الأمر أعمق ويحتاج إلى نقاش جاد بيننا وبينهم.

أذكر عندما ذهبت لأميركا أول مرة كانت الطبقة السياسية والثقافية في المجتمع الأميركي غارقة في الاحتفال بحصول إيلي فيزال Elie Wiesel على جائزة نوبل للسلام (1986) كأميركي يهودي ناشط في تذكير العالم بإبادة اليهود المعروفة بالهولوكوست. كان وجه فيزال يملأ الشاشات الأميركية، ومع ذلك في أول مواجهة لفيزال مع المثقف العربي الأميركي إدوارد سعيد، فشل فيزال في أول اختبار له عن عنف اليهود ذاتهم ضد الشعب الفلسطيني.

كان إيلي فيزال من أشد المنافحين عن إسرائيل وسياساتها الاستيطانية، ورأى أن إقامة دولة إسرائيل ردّ فعل طبيعي لما جرى في المحرقة (الهولوكوست)، وكان إدوارد سعيد يرى تناقضاً في سيرة فيزال التي تمجد تجربته كأحد الناجين من المحرقة وتشجيعه إسرائيل على العنف ضد الفلسطينيين.

رغم انتقادي لإدوارد ذات مرة، فإنه كان يمثل صوتاً ثقافياً مهماً في الساحة الأميركية قل تكراره ضمن العرب الأميركان؛ فقد كان شخصاً نادراً في الثقافة عموماً، من الموسيقى إلى النقد الأدبي، مما مثَّل رمزاً حياً مضاداً لما كان يرويه يهود نيويورك عن تخلُّف العرب.

بين إيلي فيزال الناجي من المحرقة والآيرلندية الأميركية سامانثا باور الناجية من مجاعة البطاطس مرة، ومن عنف الإنجليز في آيرلندا مرة أخرى، هناك نوع آخر من المتفرجين عن الإبادة، ولكن في مقاعد المقصورة وليس المقاعد العادية للمتفرجين؛ متفرجون برؤية منقسمة يرون الحق بعين واحدة ونصف قلب وربع عقل، يحصدون الجوائز؛ من «بوليتزر» إلى «نوبل» على رواية انتقائية للظلم.

الظلم ظلمات، ومن ظلماته أنه يحجب الرؤية، حتى لو كان المتفرجون في المقاعد الوثيرة للدرجة الأولى. غزة خطيئة الغرب الثقافي الذي لم ينطق بشيء ذي بال ضد إبادة تُبَثّ بثاً حياً على مدار الساعة، ولا تحتاج إلى مؤرخين أو رواة لينقبوا عن قصة من الأرشيف، مثل إيلي فيزال أو سامانثا باور، فكلنا نشاهدها، ولكن كمتفرجين؛ كل حسب موقعه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مقاعد المتفرجين على الإبادة في مقاعد المتفرجين على الإبادة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib