طلع السفاح إللى جواك

طلع السفاح إللى جواك

المغرب اليوم -

طلع السفاح إللى جواك

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

نجاح جماهيرى استثنائى حققه مسلسل (سفاح الجيزة) للمخرج هادى الباجورى، التقط الباجورى قضية لا تزال ساخنة، مضى على اكتشافها نحو ثلاثة أعوام حتى الآن، وبرغم صدور حكم الإدانة لم يتم إعدام السفاح.

ما سر هذا التلاقى الجماهيرى مع العمل الفنى، الذى كتبه محمد صلاح العزب مع فريق عمل؟ دعنا أولًا نتوقف أمام تلك الادعاءات التى نراها بين الحين والآخر من جماعة صارت منتشرة عبر (النت) تريد تقديم شاشة بيضاء، بلا تعاطى مخدرات ولا كلمة متجاوزة ولا حتى خناقة، فما بالكم بالقتل.

نجح الباجورى فى إحالة الحالة الدموية إلى شريط فنى جاذب، تلعب فيه حركة الكاميرا وتقطيع اللقطات والإضاءة والديكور والموسيقى دور البطولة، دائمًا ستلمح حالة من الترقب يعبر عنها (الكادر)، أيضًا توظيف الأغانى مثل المطربة الشعبية الراحلة بدرية السيد (بدارة) بموال (العدل فوق الجميع)، والمطربة والملحنة والشاعرة الصاعدة سمر طارق بأغنية (العتمة) تتر النهاية.

الرهان خارج الصندوق يبدأ منذ أن أُسند دور السفاح إلى أحمد فهمى، متجاوزًا تمامًا كل الترشيحات التقليدية لتلك الشخصية، والتى قد يراها البعض بنظرة متعجلة أخطأت الطريق، لباسم سمرة الذى يؤدى على الجانب الآخر باقتدار دور المحقق، وهو ما يحسب للمخرج وأيضًا لباسم.

أتقن أحمد فهمى تقمص حالة الثبات الانفعالى التى برع فى تصديرها للجمهور، فهو دائما يخبئ مشاعره الحقيقية بنظرة محايدة.

السيناريو يقدم كل شخصية ولها دائرة درامية وليست مجرد جزء من حكاية البطل، ولكن تتعانق مع تتابع الحلقات كل الحكايات.

الشخصية التى توقفتُ عندها كثيرًا حنان يوسف فى دور أم السفاح، حنان تألقت ووصلت لذروة فن التقمص بحالة من الألق الوجدانى، بداخلها شخصية دموية قتلت زوجها أمام عين ابنه الطفل، الذى ورث عنها التلذذ بالدماء، أيضًا اختيار رائع للقديرة ميمى جمال، التى تؤدى دور عمة السفاح، وكيف يقدم لها طبق البسبوسة، ثم بعد أن تطمئن إليه يخنقها بكل برود، ليشبع بداخله لذة القتل.. الممثل القدير يستطيع أن يترك بصمة ولو فى مشهدين أو ثلاثة وهذا هو ما حققته ميمى جمال، وأجاد المخرج توظيف الممثلة الموهوبة ركين سعد بحالة من الغموض، لا تزال تثير أسئلة أظنها ستجيب عنها مع نهاية الحلقات.

الشر جزءٌ من التكوين النفسى للإنسان، مع اختلاف الدرجة والنوع، نقاومه بالضمير وأيضًا بالخوف من العقاب. لا يغادر الإنسان السوى دار العرض ليقلد ما يجرى على الشاشة. (ريا وسكينة) مثلًا، وهى أكثر حكاية قدمتها الدراما المصرية وبأكثر من معالجة، السينما والمسرح والتليفزيون والإذاعة، لم تصبح النساء فى بلادنا (نصفهن ريا ونصفهن سكينة).

أثناء مشاهدة (سفاح الجيزة) سوف تستدعى لا شعوريًا (اللص والكلاب) قصة لنجيب محفوظ، التقطها فعلًا من السفاح محمود أمين، أصبح فى الرواية الأدبية وعلى الشاشة فى فيلم كمال الشيخ (سعيد مهران)، أدى دوره شكرى سرحان، بينما الصحفى (رؤوف علوان) المخادع اليسارى، أدى دوره كمال الشناوى تلك هى الإضافة التى عمقها نجيب محفوظ، ليجعل من السفاح لصًا بينما الكلاب هم من دفعوه لارتكاب الجريمة، وأعيد تقديم الرواية برؤية أخرى مع المخرج أشرف فهمى (ليل وخونة).

اللمحة الخاصة فى (سفاح الجيزة) هى إجادته للطهى وتفننه فى الاعتناء بكل المفردات والشكل العام للصينية، العين تأكل قبل الفم، ولكن هذا قطعًا لا يكفى.

هل هناك بعد فكرى آخر سنراه فى الحلقات القادمة، ليمنح سفاح الجيزة مدلولًا أبعد من كونه فقط عملًا فنيًا جاذبًا للجمهور؟.

أحمد فهمى يعيش حاليًا ذروة نجاحه، فيلمه (مستر إكس) يحقق أرقامًا مرتفعة فى شباك التذاكر السعودى، كما أنه مع (سفاح الجيزة) على منصة (شاهد) يصل لأعلى درجة مشاهدة.

فى الحالتين السينما والمسلسل، يصنع اسمه ويقدم نفسه كممثل موهوب قادر على أن يطور من أدواته يسرق العين ويسكن القلب!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طلع السفاح إللى جواك طلع السفاح إللى جواك



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib