غياب السينما المصرية «كلاكيت خامس مرة»

غياب السينما المصرية.. «كلاكيت خامس مرة»!

المغرب اليوم -

غياب السينما المصرية «كلاكيت خامس مرة»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

السياسة جزء حميم ومؤثر في مهرجان برلين، وهكذا وقّع عدد من العاملين الفنيين داخل إدارة مهرجان برلين بيانا ضد استهداف المدنيين في غزة وطالبوا العالم بالتدخل الفورى، لإيقاف نزيف الدم والنيران التي تغتال الأبرياء.

في العام الماضى افتتح برلين في ذروة الحرب الروسية الأوكرانية وانحاز المهرجان الأوروبى في كل فعالياته إلى موقف أوكرانيا، وقدم فيلما تسجيليا للممثل والمخرج الأمريكى شون بين يحاور الرئيس الأوكرانى زيلينسكى، ولم يكتف بهذا القدر، بل منحه في نهاية اللقاء (الأوسكار) الشرفى، وشهدت السجادة الحمراء في الافتتاح انحياز نجوم العالم تأييدا لأوكرانيا، خفت هذه الدورة حضور التعاطف مع أوكرانيا، وصارت غزة هي العنوان.

أكد البيان الصادر عن قطاع من العاملين في المهرجان أن هذا هو الهدف الأسمى للمهرجانات، وتلك كانت أول رسالة عند انطلاق المهرجان عام 1951 في أعقاب هزيمة ألمانيا وتقسيمها إلى شرقية وغربية، ومهرجان برلين ينتمى إلى الجزء الغربى، ولاتزال أجزاء من سور برلين تعرض في العديد من ميادين برلين القريبة من فعاليات المهرجان لكى يستعيد العالم تلك السنوات قبل وحدة برلين 1990.

شعار المهرجان منذ البدء هو التصدى للتطرف والعنف في العالم، وهكذا استجابت الإدارة قبل ذلك لاحتجاج عدد من السينمائيين والمثقفين في ألمانيا، بعد أن وجهوا الدعوة لخمسة ينتمون لحزب يمينى متطرف (البديل من أجل ألمانيا) ليصبحوا ضيوف شرف للمهرجان، حيث إن الحزب له مواقفه ضد اللاجئين ويعادى الديمقراطية، ولديه نظرة ضيقة بقدر ما هي متطرفة ضد الأقليات، وجزء من الرأى العام في ألمانيا عبر عن غضبه بتوجيه رسائل على (السوشيال ميديا)، وتم إطفاء الحريق بإلغاء الدعوة، ولم يكن هناك حل آخر، وهذا يعد ذكاء من الإدارة، لأن الإصرار على الموقف بدعوتهم سيؤدى قطعا إلى سرقة الكاميرا من الأفلام والندوات، ويحيل الأمر إلى تراشق سياسى، ويخفت بعدها حضور المهرجان في (الميديا).

الانحياز للمرأة وجه مؤثر جدا في المهرجان، بل أراه أحد أهدافه، فهو يحرص في كل دوراته على حضور المرأة في مختلف التظاهرات، وبقسط وافر من الأفلام، تشكل ما يقترب من 50 في المائة من الأفلام الرسمية في مختلف المسابقات، ولا يعنى ذلك انحيازه للمرأة لكونها امرأة، ولكن الإبداع أولا والمرأة ثانيا، أي أنه يشترط تفرد العمل الفنى هذا العام مثلا اختيرت الممثلة السمراء لوبيتا نيونجو الحاصلة على جائزة الأوسكار ممثلة مساعدة قبل عشر سنوات، عن فيلمها (12 عاما من العبودية)، وذلك قبل نحو 8 سنوات وهو ليس انحيازا بسبب لون البشرة بقدر ما يحمل رسالة في المقام الأول إبداعية.

قبل سنوات ضرب المهرجان مثلا عمليا في توصيل رسالة أن ألمانيا في زمن المستشارة أنجيلا ميركل تفتح الباب أمام المهاجرين من العالم للشاطئ الآخر، خاصة السوريين تحديدا، وكانت الطباخة الرسمية للمهرجان سيدة سورية هربت هي وعائلتها إلى ألمانيا.

دأب المهرجان الذي تفتح مساء اليوم دورته رقم 74 على تحطيم كل ما دأبنا على اعتباره قواعد عصية على الاختراق، مثلا قبل ثلاث دورات تم إلغاء جائزة أفضل ممثل وممثلة، اعتبرت إدارة المهرجان أن الفصل في النوع (رجل أم امرأة) لا معنى له، وطالما لا توجد جائزة لأفضل مخرجة وأخرى لأفضل مخرج، فلماذا التفرقة بين الممثلين، وهكذا صارت جائزة واحدة تحمل اسم (التمثيل) يحصل عليها رجل أو امرأة.

يفتتح المهرجان بفيلم (أشياء صغيرة مثل هذه) بلجيكى أيرلندى مشترك، إخراج تيم ميلانتس وبطولة كيليان مورفى.. غيابنا حقيقة، مفروض أنها مؤلمة، لكن تعايشنا مع الغياب.هناك حضور عربى في العديد من التظاهرات، تونس (ماء العين) للمخرجة مريم جوبار، وأيضا موريتانيا (الشاى الأسود) عبدالرحمن سيساكو، لبنان في قسم البانوراما بفيلم (مثل قصص الحب) وغيرها.

عدد من زملاء المهنة من النقاد والصحفيين تحملوا المشقة المادية من أجل حضور فعاليات (برلين)، في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، ورغم ذلك ألاحظ في كل عام تواجد زملاء جدد سواء في برلين أو كان، مما يعنى أن الشغف بالمهرجانات الكبرى لايزال له سطوته على الزملاء، خاصة الشباب. قبل سنوات كانت قناة (نايل سينما) التابعة للتليفزيون المصرى تحجز مكانا لتقديم تغطية مميزة، أتصور أن الأمر بات صعبا هذه المرة.

عندما نتحدث عن (برلين) عبر التاريخ، نتوقف قطعا بكل تقدير أمام يوسف شاهين الذي شارك أكثر من مرة بأفلام مثل (باب الحديد) 1958 واقترب كما يحكى هو كثيرا من جائزة أفضل ممثل عن دوره الأثير (قناوى)، وهذا الفيلم الاستثنائى هو أيضا أول فيلم مصرى شارك في نفس العام ممثلا للسينما المصرية لاختيار أفضل فيلم في الأوسكار.

يوسف شاهين شارك بعدها بعام بفيلم (جميلة) الذي يتناول حياة المناضلة الجزائرية جميلة بو حيرد، ويومها نددت فرنسا بالفيلم وانتقدت المهرجان الألمانى الذي انحاز لفيلم يناصر المقاومة المسلحة ضد فرنسا، وقالت ماجدة الصباحى، في أكثر من لقاء، إنه كانت هناك خطة لاغتيالها، ولهذا كانت تصاحبها في المهرجان حراسة مشددة.

أما أهم الجوائز التي حصلنا عليها ليوسف شاهين لجنة التحكيم الخاصة (الدب الفضى) عن فيلم (إسكندرية ليه) عام 1979، الفيلم ضرب في كل الاتجاهات وتناول التسامح بين الأديان، انتقد الفساد ووجه الدعوة من أجل التوافق بين كل الجنسيات والأديان في مدينة الإسكندرية، كانت تعد نموذجا لمفهوم (الكوزموبوليتان)، وكالعادة هناك من حاول قراءة سياسية للفيلم لأنه يقدم الشخصية اليهودية بإيجابية.

ويبقى ماثلا أمامنا هذا الغياب السينمائى عن برلين وغيره من المهرجانات الكبرى، هل صار قدرنا الذي علينا التعايش معه هو حضور الغياب؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غياب السينما المصرية «كلاكيت خامس مرة» غياب السينما المصرية «كلاكيت خامس مرة»



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 21:52 2019 السبت ,03 آب / أغسطس

"الفيل الأزرق 2" يعيد قوة موسم الصيف

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 14:20 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

طارق مصطفى يساند المنتخب أمام ساحل العاج

GMT 00:51 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إسعاد يونس تعدّد صفات شريف مدكور برسالة دعم

GMT 09:39 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتسريحات الشعر الكيرلي في المنزل

GMT 05:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

قطر تُقرر مقاطعة نجوم " روتانا " بسبب الأزمة الخليجية

GMT 03:41 2015 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ستيفن كاري يشيد بجهود ليونيل ميسي مع "برشلونة" في الدوري

GMT 01:31 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحمد صلاح حسني يشيد بشخصيته في مسلسل "أبواب الشك"

GMT 18:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الديكورات الفرنسية الكلاسيكية لمنزل أكثر أناقة

GMT 14:23 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان الإيطالي يبدأ التفاوض مع لاعب تشيلسي فابريغاس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib