عش سعيدًا على طريقة محمود المليجى

عش سعيدًا على طريقة محمود المليجى

المغرب اليوم -

عش سعيدًا على طريقة محمود المليجى

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

قال عنه يوسف بك وهبى (محمود المليجى هو الممثل الوحيد الذى أستطيع أن أقول عليه إنه أفضل من يوسف وهبى).

اسم «محمود المليجى» يظل هو العنوان الأكثر تعبيرًا فى عالمنا العربى عن التمثيل السينمائى، إنه الوجه الأكثر تكرارًا وعمقًا فى السينما المصرية، يكفى أن نذكر أنه قدم 700 فيلم روائى وهو ما يتجاوز 15% مما أنتجته السينما المصرية طوال تاريخها، رقم غير مسبوق وأتصوره أيضًا غير ملحوق، قيمة «محمود المليجى» تجاوزت الكم إلى الكيف، ترك بصمات لا تمحى فى تاريخنا السينمائى، صحيح لم يحظ طوال مشواره بلقب نجم للشباك، إلا أن كل نجوم الشباك يضعونه فى مقعد أستاذ نجوم الشباك.

رشدى أباظة مثلًا كان يحرص فى الاستديو على أن يقبل يده أمام الجميع تقديرًا وعرفانًا، التصق به لقب (شرير السينما)، وحتى رحيله، كان يستمع فى الشارع إلى شتائم الجمهور، الذين اخترقوا الجدار الفاصل بين الشاشة والحياة.

ورغم ذلك فأنا أراه دائمًا يتجاوز التعبير عن وجه واحد فقط، من الممكن أن يصبح بزاوية ما زعيمًا للأخيار، دولته الإبداعية امتدت تخومها إلى كل الأطياف، لتجده وقد استقر رمزًا لها، فأنت عندما تقول السينما المصرية يقفز أمامك على الفور اسم «محمود المليجى»، مثلما تقول الغناء لتجد أمامك اسم أم كلثوم، إنه المواطن السينمائى الأول (آدم السينما المصرية)!.

أين يكمن سر وسحر «محمود المليجى»؟ كل لمحة من إبداعه من الممكن أن تقدم لنا مفتاحًا وتكشف لغزًا، «محمود المليجى» بحساب السنين كان شاهد إثبات على بداية تاريخ السينما المصرية، ثم إنه صاحب مساحة عريضة امتدت نحو نصف قرن من الزمان لم يغادر خلالها موقعه فى البلاتوه، ولم يسمح له الجمهور بأن يترك مكانته على الشاشة، والأرقام لا تكذب.

من قال إن الفن بالعدد؟، هذا يمثل بعدًا واحدًا للصورة ويبقى الأهم التأثير.

وُلد «محمود المليجى» عام 1910 فى حى المغربلين وهو أحد الأحياء الشعبية بمدينة القاهرة، كانت أمنية «محمود المليجى» أن يصبح مطربًا، فى المدرسة الخديوية الثانوية غنى وطرده أستاذ الموسيقى فى تلك السنوات- نهاية العشرينيات- الموسيقار «محمد عبدالوهاب» لأن صوته نشاز.. ملحوظة نفس هذا الموقف تكرر مع الأخوين «مصطفى» و«على أمين» والشاعر «مأمون الشناوى» والروائى «إحسان عبدالقدوس» كانوا جميعًا من أصحاب الأصوات النشاز وطردهم «عبدالوهاب» من حصة الموسيقى ليصبحوا بعد ذلك علامات فى مجالات إبداعهم المختلفة!.

بدأت حياته الفنية مثل الكثيرين مقلدًا أساتذته فى الفصل الدراسى، مر زمن ليصبح «المليجى» هو الهدف الأول للمقلدين لما يتمتع به من ملامح صوتية وشكلية وأدائية مميزة، وهكذا تعرف الناس على «أحمد زكى» لأول مرة عندما قلد «المليجى» فى مسرحية «هالو شلبى».

هل كان «محمود المليجى» مجرد ملامح تنضح بالشر، أم أنه يمتلك شيئًا أبعد؟ من المؤكد أن قوة التأثير لا تخضع فقط لقسمات الوجه ونبرات الصوت؛ هناك الإحساس والإشعاع اللامرئى بين الممثل والجمهور و«محمود المليجى» كان لديه هذا الفيض من الوميض السحرى.

ما الذى كان ينقص «محمود المليجى» لكى يصبح نجمًا للشباك والاسم الأول على الأفيش وفى التترات؟ مهما حاولنا أن نعثر على أسباب منطقية لمقومات نجم الشباك لن نستطيع سوى أن نحيلها إلى إرادة لا شعورية تتجمع فى لحظة داخل مجتمع فيتجهون إلى هذا الفنان ليصبح معبرًا عنهم.

هل شعر المليجى بالغضب لأن القدر لم يكن عادلًا معه، منحه موهبة استثنائية وضن عليه بنجومية الشباك التى تتحول أيضًا إلى رقم فى التعاقد يسبقه حاليًّا ستة أصفار؟ لا أتصور المليجى، حتى اللحظة الأخيرة عند رحيله أثناء تصوير فيلم (أيوب) بطولة عمر الشريف سوى أنه كان يعيش متوازنًا راضيًا، إذا أردت أن تعيش سعيدًا فعش حياتك على طريقة المليجى!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عش سعيدًا على طريقة محمود المليجى عش سعيدًا على طريقة محمود المليجى



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib