«داهومى» يفتح الباب للعالم الثالث لاستعادة التراث المسروق

«داهومى» يفتح الباب للعالم الثالث لاستعادة التراث المسروق!

المغرب اليوم -

«داهومى» يفتح الباب للعالم الثالث لاستعادة التراث المسروق

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

فاز الفيلم الإفريقى التسجيلى (داهومى)، للمخرجة السنغالية ماتى ديوب، التى تحمل الجنسية الفرنسية، بجائزة (الدب الذهبى)، أفضل فيلم فى المسابقة الرسمية.

الفيلم يدين سرقة التحف الأثرية من إفريقيا، لم تكن حكاية الفيلم هى عن عودة تحف بقدر ما شاهدنا إضافة من الخيال تصاحب الحوار مع تلك القطع الأثرية، ورسالة الفيلم واضحة، وهى أن الحق لا يموت مهما بات بعيدًا عن الأيدى والعيون، وهى تحمل دعوى للكثير من دول العالم الثالث للمطالبة بما سرقه منهم المحتل.

رئيسة لجنة التحكيم، لوبيتا نيونجو، من أصل كينى، والفائزة سنغالية ماتى ديوب، حتى لو حملت الجنسية الفرنسية، فهى من أصل سنغالى، والاثنتان يجمعهما اللون الأسود، إلا أن الأمر لا يستقيم على هذا النحو، كما أن تكرار فوز الأفلام التسجيلية فى مهرجان برلين لا يقرأ أبدا على هذا النحو المباشر، بأن المهرجان يفضل التسجيلى، ولكن لأنها الأفضل فنيا.

الفيلم يحرض على استعادة الذاكرة والتمسك بالماضى، ليس من باب الانتقام من الذى استحل، أو بالأحرى قنن السرقة، لكى تظل حقيقة الأشياء ماثلة أمامنا، وهى ألا ننسى، الفيلم يتناول واقعة سرقة 26 قطعة أثرية من دولة (بنين)، فى نهاية القرن التاسع عشر، هو يتحدث عن الحق الذى لا يموت، والرغبة فى إقرار العدالة التى أبدا لن تغيب، مهما أوغلنا فى السنين، برؤية فنية أضافتها المخرجة للحكاية لتمنح للقطع حضورًا يتجاوز كونها مجرد جماد لنستشعر فى كل تفاصيلها الحياة نفسها.

لا أتصور أن رئيسة لجنة التحكيم تستطيع توجيه اللجنة وفقًا لإرادتها الخاصة، ولا هو قطعًا انحياز إلى لون ولا حتى جنس، امرأة سوداء تنحاز لامرأة سوداء، معادلة ساذجة جدًا، بقدر ما هى سخيفة، بداية لم يختر المهرجان لونًا ولا جنسًا لرئيسة لجنة التحكيم، هذا يفسد الأمر تمامًا، قيمة أى مهرجان تتحقق من العدالة فى تطبيق كل التفاصيل، وهذه الدورة مثلا كانت هناك 6 مخرجات فقط ضمن التسابق على أفضل فيلم فى المسابقة الرئيسية، بينما عدد الأفلام فى المسابقة الرسمية 20، نصيب المرأة فى الدورات السابقة كان يقترب من النصف، تعود مهرجان (برلين) على زيادة نسبة النساء المخرجات فى جوائزه، عمليا الرصد صحيح، ولكن هل هناك توجيه بذلك؟، مستحيل، إلا أن ما يمكن أن نلاحظه هو أن المخرجات فى العالم صرن يفضلن (برلين)، ولهذا تزداد فرص المرأة فى الحصول على جائزة، هذا قطعًا وارد جدًا، ولهذا على الجانب الآخر تزداد فرص إدارة المهرجان فى اختيار الأفضل بين الأفلام التى تخرجها النساء، إلا أننا فى كل الأحوال بصدد دورة لم يحسن منظموها اختيار الأفلام المشاركة، وتعامل مدير المهرجان المستقيل على المكشوف، لأن تلك هى دورته الأخيرة.

على الجانب الآخر، كان هناك ترقب للفيلم الإيرانى (كعكتى المفضلة) للحصول على أكثر من جائزة، نظرًا لأن هناك موقفًا سياسيًا من الدولة الإيرانية معلنًا مسبقًا ضد الفيلم، ومخرجا الفيلم ممنوعان من السفر، وبطلا الفيلم سيتم أيضًا التحقيق معهما بمجرد وصولهما من برلين لمطار طهران، الحجة المباشرة هى أن الفيلم سافر بدون موافقة الرقابة، كما أن جرأة الفيلم لم تتعود عليها السينما الإيرانية، ولا يوجد ترحيب أبدًا بارتداء نصف حجاب، حتى لبطلة الفيلم التى تؤدى دور امرأة سبعينية، هذا من الممنوعات فى السينما، كما أن الفيلم أشار إلى قضية يدركها كل من سافر إلى طهران، أقصد بها ازدواجية المجتمع الخاضع لحكم فرض فى الشارع، زيا وسلوكا، بينما هذا التزمت الذى تراه فى العلن لا يعبر عن الحقيقة الاجتماعية التى يعيشها الإنسان الإيرانى فى البيت، أو مع الأصدقاء، الانتفاضة التى تابعناها مؤخرًا هى واحدة من تداعيات تلك المواقف التى يتناقض فيها الظاهر مع الباطن، المواطن يريد أن يعيش الحياة فى الشارع كما هى فى البيت، فهو مثلًا يستمع إلى الموسيقى الراقصةـ بينما مثلًا غير مرحب بها رسميًا فى أى لقاءات اجتماعية معلنة.

المهرجان حقًا يفقد بريقه، ولكن لا تزال التغطية الصحفية كما هى حتى الصحافة العربية لم تتوقف عن منج المهرجان مساحات متميزة، وأغلب الزملاء الذين تعودت على رؤيتهم فى الأعوام الماضية لا يزالون كما هم على العهد، رغم أن الفضائيات العربية، والتى كانت تحرص فى الماضى على التغطية، بات وجودها شحيحا، كان عدد منهم يقتنصون الفرصة للذهاب بأقل الإمكانيات المتاحة.

مهرجان (برلين) أغلق بلا بريق الدورة رقم 74، وينتظر أن يستعيد البريق بفريق عمل جديد فى الدورة القادمة، والتى تحمل رقم 75)!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داهومى» يفتح الباب للعالم الثالث لاستعادة التراث المسروق «داهومى» يفتح الباب للعالم الثالث لاستعادة التراث المسروق



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 16:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك
المغرب اليوم - مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 08:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:18 2022 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

« بكتيريا متطرفة » لإزالة التلوث النفطيِ

GMT 23:41 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

هامبورغ أكثر الأماكن المذهلة لقضاء شهر العسل

GMT 14:14 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

اتحاد طنجة يخطط لضم نعمان أعراب من شباب خنيفرة

GMT 16:18 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الإتحاد الأوروبي يطلّق تحقيقاً مع تيك توك ويوتيوب

GMT 22:58 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

الأحرش بطلا للمغرب في القفز على الحواجز

GMT 02:12 2021 الجمعة ,17 أيلول / سبتمبر

أجمل المعالم السياحية في جزيرة كريت اليونانية

GMT 16:08 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

بني ملال تبحث تدبير ما بعد فترة "الحجر الصحي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib