ويجز وعبد الحليم وشيء من التنمر

ويجز وعبد الحليم وشيء من التنمر

المغرب اليوم -

ويجز وعبد الحليم وشيء من التنمر

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

صار «النت» مشاعاً لكل من يريد تصفية حسابه مع أحد، كما أنه منح مدمني «التريند» فرصة ذهبية لاختلاق حكايات صاخبة.    

كلما كنت عنيفاً وحاداً حققت نجاحاً، لو وصفت مثلاً تلك الفنانة بأن أداءها كان باهتاً، ستجد عشرات أو في الحد الأقصى مئات يتابعونك، استبدل بصفة البهتان السقطة أخلاقية، ستنتقل لقائمة الستة أصفار، والمتابعة المليونية.

مؤخراً تعرضت الإعلامية منى الشاذلي لقصة مختلقة تدعي أنها استضافت في برنامجها الممثلة القديرة إنعام سالوسة، وقالت لها «أول مرة أعرف إنك مسلمة».

ردت عليها أنعام «وهل يفرق معك، وبعد أن عرفتِ ديانتي هل ازداد حبكِ لي أو تضاءل؟»، الواقعة لم تحدث ولم تستضف أساساً منى الفنانة القديرة، وكذبت إنعام سالوسة على صفحتها الحكاية برمتها.

هل كل من شارك في التعقيب وانهال بالشتائم ضد منى، سأل عن أصل الحكاية؟ لا أحد أساساً كان يبحث عن الحقيقة ولكنه «التريند» ولا شيء غير «التريند».

لاحظت مؤخراً حالة من التنمر على مطرب «الجاز» ويجز، الذي حقق في الأعوام الأخيرة نجاحاً استثنائياً، مصرياً وعربياً، وصار ورقة رابحة في كل الحفلات الغنائية، ويتابعه الملايين من الشباب.

ويجز لا يعد بمقياس البعض وسيماً، ينشرون صورته «وهاتك يا سخرية»، يضعون بجواره عبد الحليم حافظ، ويتحسرون على هذا الزمن الذي منح لهؤلاء النجاح، ولا بأس من التنمر «فوق البيعة» على مطربي «المهرجانات» أمثال حمو بيكا وكسبرة وحنجرة وشاكوش.

كل زمن يطرح مفرداته في الكلمة والنغمة والملابس، في بداية ظهور عبد الحليم، مطلع الخمسينات، كان يحلو للصحافة أن تنشر صورة تجمعه مع المطرب الشعبي الكبير محمد عبد المطلب مرتدياً الطربوش والبدلة الكاملة، بينما عبد الحليم، يرتدي بجواره قميصاً وبلا طربوش أو وردة في «عروة الجاكت».

الطربوش كان دلالة على الشياكة قبل أن تلغيه «ثورة 23 يوليو»، وإن كان البعض وبينهم عبد المطلب ظلوا في مرحلة الخمسينات يحرصون على ارتدائه.

ولم يسلم الطرفان من السخرية عبد الحليم كونه يغني بحداثة ورقة مفرطة، وعبد المطلب لأنه لا يزال متمسكاً بالكلاسيكية وغناء المواويل.

هل كانت هناك شائعات مغرضة؟ قطعاً انتشرت العديد منها، الفارق أننا في الزمن الحالي، صار الانتشار أسرع، وبرغم أن الوجه الآخر من المعادلة، يؤكد أن تكذيب الشائعة صار أسرع، إلا أن الناس عادة تميل لكل ما هو سلبي، وتسعى لتصديقه وتضخيمه.

طبيعة الإنسان لم تتغير، رغم أننا دائماً نردد بأن هذا هو زمن القبح، وهو يسعد من عاش الزمن القديم، رغم أنهم أول من يعلم أن تلك مجرد أكذوبة كثيراً ما رددوها حتى صدقوها.

لا يوجد ما يستحق أن نطلق عليه زمن الفن الجميل، يقابله زمن الفن القبيح، لو راجعت عدداً من أغانينا القديمة ستجد أن القبيح منها يستحق مرتبة (الأبيح)، التجاوز في الكلمات والمعاني فاق كل الحدود، ولا تصدقوا أنها كانت حكراً على عدد محدود من ملحني ومطربي الدرجة الثانية، أغلب من عاش الزمن الماضي، شاركوا فيها أمثال كبار الملحنين سيد درويش وزكريا أحمد ومحمد القصبجي، وستجد بعضها بأصوات أم كلثوم وعبد الوهاب، وبالمناسبة لا تزال الإذاعة المصرية الرسمية تقدم لعبد الوهاب «طقطوقة» شهيرة «فيك عشرة كوتشينة في البلكونة... لاعبني عشرة إنما برهان»، وكما ترى تحمل دعوة صريحة للعب القمار، عبد الوهاب وحتى رحيله عام 1991، لم يُبدِ أبداً ندمه على تلك الأغنية.

ملحوظة لست من سميعة أغاني الراب ولا المهرجانات، ولا تزال أذني تقف على شاطئ الأغنيات الطربية، ورغم ذلك ليس من المنطقي أن نصادر جيلاً، ولا أن نفتح صفحات التنمر ضد ويجز وإخوته.

لو افترضنا جدلاً أن عبد الحليم امتد به العمر حتى هذه الأيام، ليس عندي شك أبداً أنه كان سيغني «جاز» و«مهرجانات» راقصاً على إيقاعهم، مرتدياً ملابسهم!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ويجز وعبد الحليم وشيء من التنمر ويجز وعبد الحليم وشيء من التنمر



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib