هانى شنودة طبطبة من يد القدر

هانى شنودة طبطبة من يد القدر

المغرب اليوم -

هانى شنودة طبطبة من يد القدر

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

قبل نحو شهر، فى حفل (روائع الموجى) بالرياض، جاء مقعدى بجوار عازف الأورج مجدى الحسينى الذى كان يستمع إلى (قارئة الفنجان) ويستعيد الزمن عندما قدمت هذه القصيدة على المسرح عام 1976، وكيف أنه وهانى مهنا كانا يتقاسمان المقاطع الفردية (الصولو)، والتى كان محمد الموجى حريصًا فى لحنه على أن يبرز من خلالها قدراتهما الإبداعية.

اكتشفت أن ما كنا نعتقد أنه تنافس بين أبناء (الكار) الواحد وربما يدفع إلى ضربات تحت الحزام، إلا أن هذا لم يكن أبدًا يشوب العلاقة بين مهنا والحسينى، بل كل منهما كان سعيدا بإنجاز الآخر. وفى الاستراحة قلت لمجدى: البدايات نهاية الستينيات فى فرق موسيقية متمردة على السائد، ما الذى تبقى فى ذاكرتك من تلك الأيام؟، قال لى: كنا أقرب لمغامرين تدفعنا الموهبة.

ولم يكن لنا قسط وافر من التعليم الموسيقى، الوحيد الذى كان يحيل كل شىء ننجزه إلى قاعدة علمية هو «هانى شنودة».. تلك الحقيقة كثيرا ما كان يشرح لنا، ولى أنا تحديدا ببساطة، الكثير من القواعد العلمية الموسيقية.. أغلبنا تعامل بالفطرة، بينما شنودة كان يجمع بين الفطرة والعلم. تذكرت هذا الحوار عندما قرأت اسم هانى شنودة بعد تتويجه بجائزة الدولة التقديرية.

وقبلها كُرّم فى حفل أسطورى بالرياض أقامته هيئة الترفيه برئاسة المستشار تركى آل الشيخ.. وشاهدنا عمرو دياب ومحمد منير وأنغام وأحمد عدوية، وغيرهم فى احتفال لم ينل مثله أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم فى حياتهم. قلت لهانى: وكأنها طاقة من السماء انفتحت أمامك، طبطبة من يد القدر على عطاء قدمته على مدى تجاوز 60 عاما.

«شنودة» محارب بالنغمة، ثورى بالفكر، موهوب بالسليقة، يؤمن بأن الموهبة وحدها لا تكفى، يجب أن يحميها العلم، مؤسس (فرقة المصريين) التى أحدثت انقلابًا موسيقيًا منذ نهاية السبعينيات واستوقفت الأديب الكبير نجيب محفوظ، بل لعب دورا كبيرا فى توجيه هانى شنودة من الموسيقى الغربية إلى الشرقية، عندما طلب منه أن يتجه لهذا النوع من الغناء.

قدموا أغنيات خارج القاموس الشعرى والموسيقى التقليدى مثل: (ما تحسبوش يا بنات) أو (بنات كتير كده من سنى)، (ماشية السنيورة) وغيرها. أنصف المرأة فى أغانيه المبكرة، ضرب «هانى شنودة» فى كل الاتجاهات العاطفية والسياسية، مستعينًا بعقول مخضرمة وأخرى شابة كانت أيضًا تؤمن بنفس المنهج.. وهكذا تجد معه من البداية الشعراء «صلاح جاهين» و«عصام عبدالله».

كان تأثير «هانى شنودة» هو الأعمق، ليس بسبب نجاح فرقته، ولكن لأنها أحدثت تيارًا موسيقيًا، وولدت من رحمها فِرق أخرى مثل: «فور إم» عزت أبوعوف، «الأصدقاء» عمار الشريعى، و«طيبة» للأخوين الإمام «حسين» و«مودى».

وغيرها عشرات الفرق. حالة غنائية امتلكت كل ربوع مصر، وأحالها شريط الكاسيت بانتقاله من بلد إلى آخر إلى حالة عربية، كل الفرق انقسمت على نفسها أو اتجه صُناعها إلى مجالات أخرى، بينما استمر هانى، لم يكتف بالأغانى الجماعية لكنه قدم أغنيات فردية مثل «أنا بعشق البحر» لنجاة، كلمات «عبدالرحيم منصور»، اللحن متمرد تمامًا على طبيعة «نجاة».

ورغم ذلك تحمست، ولا يعلم كُثر أن «محمد منير» هو الذى قام بتحفيظ «نجاة» هذه الأغنية، ولا ننسى له واحدة من أروع أغانينا (زحمة يا دنيا زحمة)، قال لى إن الوحيد الذى تحمس للحن هو عدوية، بينما صاحب شركة الكاسيت عاطف منتصر كان يرى أنها ستموت ليلة تقديمها، وعندما انتهت البروفة الأولى، طلب عدوية الكلمات حتى يستعيدها فى بيته، كتبها له شنودة بخط يده، فاكتشف أن عدوية لا يقرأ واعتقد أن مدير أعماله سيقرؤها له.

ولكن عدوية قال له بحنكة ابن البلد: «لا يمكن أن أستعين بمدير أعمال يكتب ويقرأ، ممكن ساعتها (يشتغلنى). تفاصيل يلتقطها هانى شنودة من الحياة والناس، تظل فى ذاكرته، يتأملها مهما كانت عفوية وبسيطة.. إلا أنها بعد ذلك تنساب فى موسيقاه. مبروك هانى شنودة »التقديرية» التى جاءت حقًا لمن يستحقها!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هانى شنودة طبطبة من يد القدر هانى شنودة طبطبة من يد القدر



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib