التكريم قبل أن نصل للشاطئ الآخر

التكريم قبل أن نصل للشاطئ الآخر

المغرب اليوم -

التكريم قبل أن نصل للشاطئ الآخر

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

مهما كانت المرحلة العمرية التى يعيشها الفنان ومهما بلغ رصيده من النجاح تظل كلمة شكرًا لها عمقها فى النفس البشرية، على شرط أن يستشعر حقًا نبلها ونزاهتها.

تابعت الأيام الماضية دموع الممثل عمر شريف وهو يبكى بعد تكريمه، عمر يقف على أعتاب المراهقة، استحوذ على مشاعر الجمهور فى مسلسل (تحت الوصاية) فى دور ابن منى زكى، وشاهدت مؤخرًا على (اليوتيوب) صفاء أبو السعود بعد كل هذا التاريخ الحافل الذى يتجاوز نصف قرن وهى ترقص وتغنى بعد تسلمها جائزة الإبداع، أقيمت احتفالية لتكريم المخرج عادل عبده لبلوغه (السن القانونية)، شاركت فيها صفاء، وملأت جنبات المسرح بحضورها نشوة، فهى واحدة من أهم عناوين البهجة المصرية طوال التاريخ.

هل تتساوى التكريمات؟، إجابتى هى قطعًا لا، استمعت إلى فنانة كبيرة تقول لدى غرفتان تمتلئان بالتماثيل وشهادات التقدير وأضفت لهما مؤخرا الثالثة، ورغم ذلك لا تزال تنتظر الغرفة الرابعة. نكرر السؤال هل تتساوى الجوائز؟، بداخل كل فنان حتى لو أنكر ذلك (ترمومتر) يؤكد له أنه يستحق أم لا، وفى العادة يكذب هذا الصوت لو كانت الإجابة هى لا!!.

قال لى مثلا وحيد حامد إنه فى نهاية عام 91 تلقى جائزة من إذاعة الشرق الأوسط باعتباره أفضل كاتب سيناريو سينمائى، وهو لم يكن بداخله يعتقد أنه الأفضل، كان يرى أن المخرج داود عبد السيد فى سيناريو (الكيت كات) المأخوذ عن قصة (مالك الحزين) لإبراهيم أصلان هو من يستحق لقب أفضل سيناريو.

وحيد حامد لا تتم مجاملته ولكن بقوة الدفع من خلال تكريماته السابقة، تمنح له الجائزة، إلا أنه استشعر أن داود أولى وأحق هذه المرة.

فى العادة الكل يقول هل من مزيد؟، وحيد حامد قتل بداخله تلك الرغبة، وقال لى إنه تخلص من أغلب الجوائز بعد أن أعاد تقييم ملابساتها ووجد أن ما يستحق الاحتفاظ به هو العدد الأقل. كلنا تابعنا الضربات تحت الحزام التى كان يتبادلها العديد من النجوم والنجمات، وخاصة النجمات، جوائز فى اللحظات الأخيرة أعيد توجيه مسارها من هذه الفنانة إلى تلك، لأسباب بعيدة تمامًا عن المنطق والعدالة، بين الحين والآخر أرى فنانة على المسرح أثناء التكريم تمثل الدهشة، هذا هو دورها، أن تصدر لنا كجمهور حالة الدهشة، حتى تنفى أنها أول من تعرف قطعًا التفاصيل وكيف آلت إليها الجائزة، إلا أنها فى النهاية تبحث عن اللقطة التى تنقلها الفضائيات محققة (التريند).

هل الفنان يقيم مع الزمن بعدد الجوائز؟، هل تعتقد مثلًا أن عبد الفتاح القصرى وزينات صدقى ومارى منيب وعبد السلام النابلسى وتوفيق الدقن وعبد المنعم إبراهيم، وغيرهم ممن أسعدونا، تلقوا فى حياتهم تكريمًا لائقًا؟، أغلبهم مع الأسف رحل بدون أن نقول له شكرًا، نقولها لهم الآن كلما شاهدناهم عبر الفضائيات.

الفنان ينتظر التكريم وفى التوقيت المناسب، وهو فى ذروة العطاء، وليس بعد أن يستعد للانتقال للشاطئ الآخر.

جائزة النيل (مبارك سابقًا)، عندما حصل عليها الناقد الكبير عبد القادر القط 2002 قالوا له (مبروك) أجابهم: (قولوا مبروك للورثة فهم من سيستمتع بفلوس الجائزة) ورحل بالفعل بعد أشهر قليلة. نال جوائز الدولة التقديرية عدد كبير من المبدعين فى سنواتهم الأخيرة، مثل كل من الملحنين الكبيرين، محمود الشريف ومحمد الموجى وهما على فراش الموت، وهو ما تكرر مع كاتبنا الكبير يوسف إدريس.

بينما كاتبنا الكبير عميد المترجمين محمد عنانى، الذى حصل هذا العام على جائزة (النيل) ستؤول فعلًا للورثة، القانون يفرض الترشيح فقط أثناء حياة المبدع، ولا يسقط بعد الرحيل، وهو ما حدث بالضبط قبل أعوام مع الكاتب الكبير المبدع لينين الرملى. التكريم أعظم إحساس فى الحياة، على شرط أن يأتى فى موعده، وإلا أصبح كما قال عنه برنارد شو (طوق نجاة يأتى لإنسان نجا من الغرق بعد أن وصل بدون مساعدة من أحد إلى الشاطئ)!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التكريم قبل أن نصل للشاطئ الآخر التكريم قبل أن نصل للشاطئ الآخر



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib