بقلم - طارق الشناوي
انتشر على كثير من المواقع الصحافية في الداخل والخارج الحذاء الاحترازي الذي اخترعه إسكافي روماني لضمان التباعد الاجتماعي؛ إذ يصل طوله إلى نحو متر، وهو بتلك الحيلة يضمن ألا يقترب منك أحد، لأنه سيقف مضطراً على مسافة تضمن سلامتك، من ثمّ أيضاً سلامته، ومن الممكن أن نتخيل أن أحدهم سيخترع نظارة احترازية، وقفازاً احترازياً، يمتد أمامك متراً، حتى يعيش كل منا في مساحته الآمنة. تلك الملابس تذكرني بشخصية «فطوطة» التي لعبها قبل نحو 40 عاماً نجم الكوميديا سمير غانم في الفوازير الشهيرة، وظل، حتى بعد توقفها، لها حضورها في الشارع العربي.
البعض يتعامل مع المؤقت على اعتبار أنه دائم، «كورونا» حالة عارضة مهما تعددت المخاوف، وأهمها تحور الفيروس إلى نوع أشد ضراوة، إلا إنه سيظل محاصراً في نهاية الأمر بفترة من الزمن، لن يتجاوزها.
لن نغير طقوس حياتنا من أجله. هناك مثلاً اتجاه لتغيير قواعد أشهر مسابقة في تاريخ الفن السابع «الأوسكار» في دورتها الـ93، لتتخلى عن أهم شروطها لقبول الأفلام؛ وهو العرض التجاري داخل قاعة سينمائية لمدة أسبوع في حد أدنى. المنصة الرقمية لن تصبح بديلاً عنها، هي فقط وسيلة موازية.
التعامل مع «كورونا» يجب أن نضعه في مصاف الضيف الثقيل وليس صاحب البيت، يوماً ما سنتمكن من طرده، فإذا كانت هناك إجراءات احترازية في المطارات وعند ركوب الطائرة، فلا أتصور أننا سنصنع طائرات من أجل «كورونا»، من المنطقي أن تظل الطائرة كما هي، فقط قبل توفر اللقاح سيراعى قدر من التباعد، وتستقبل الطائرة أقل من نصف عدد الركاب، وسيظل الأمر قائماً مدة زمنية حتى مع زوال الخطر... سنحتاج لمرحلة تسخين لنصبح مؤهلين لخوض غمار الدنيا كما ألفناها من قبل.
الحياة التي كانت تراها سعاد حسني «بمبي بمبي بمبي» صارت منذ مارس (آذار) الماضي لونها «كوروني كوروني كوروني». أشارك في لجنة تحكيم مسابقة للأفلام الوثائقية، تقيمها الجامعة البريطانية بالقاهرة، لاحظت بين 25 فيلماً، أن فيلماً أو اثنين فقط ابتعدا عن «كورونا»، والباقي توقف عند اللحظة العارضة، ولم يسأل أحدهم: ماذا بعد «كورونا»؟ ما الذي من الممكن أن يحل بالعالم بعد أن نجد نحو ربع مليار إنسان يتضورون جوعاً؟
أليس هذا هو الأجدى بالتفكير فيه من الآن؟ السينما والمسرح والمسلسل والأغنية ستتعامل مع الفيروس بعد زواله بروح كوميدية. انتهاء الخوف سيدفع بنا إلى مرحلة قهر «فوبيا» الخوف، ولن يأتي ذلك إلا بالسخرية؛ من هذا «الملعون»، الذي كان يقف قبل لحظات مستأسداً على بابنا.
تضاربت الأقوال بين كثير من الهيئات العلمية، وفي العالم كله، حتى علاج «الشلولو» الذي صار نكتة، لم يكن مصدره أحد العطارين كما قد يتبادر إلى الذهن، ولكن أستاذاً كبيراً في علم الأغذية، أشار إلى قدرة تلك «الطبخة» رخيصة التكلفة المعروفة في صعيد مصر، على قهر الفيروس، فعانى هذا الدكتور الكبير زخات متلاحقة من التنمر.
لو سألتني ما «الروشتة»؟ فلن أقول «شلولو»... سأعود مجدداً نحو 40 عاماً، وأنصحك بألا تستعين بحذاء «فطوطة» الاحترازي، فهو فوق طاقتنا الشرائية، فقط ستعيد قبل أن تخلد إلى النوم عبر «يوتيوب» أي فزورة لـ«فطوطة» الشهير بسمير غانم، ستضحك من كل قلبك، وسيقوي جهاز مناعتك، ولن يستطيع ولا مليون «كورونا» الاقتراب منك!