«السيد قشطة» يجبر الجمهور على مغادرة دار العرض غاضبًا

«السيد قشطة» يجبر الجمهور على مغادرة دار العرض غاضبًا!

المغرب اليوم -

«السيد قشطة» يجبر الجمهور على مغادرة دار العرض غاضبًا

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

مع كلمة النهاية تعالت الأصوات الغاضبة داخل دار العرض، ولم تكن المرة الأولى التى يخترق فيها أذنى هذا الصوت الذى يستخدمه البشر وبكل لغات العالم للتعبير عن الاستهجان، أكثر من فيلم- حتى كتابة هذه السطور- لاقى نفس المصير، إلا أن تلك المرة ربما كانت الأعلى والأكثر مباشرة فى الإعلان.

دعونا أولا ننتقل من النهاية إلى البداية، شاهدت مساء أمس الأول الطابور الطويل قبل بدء العرض، وأخذت دورى فى الانتظار، الطابور دلالة إيجابية قطعا لأى فيلم، وعامل جذب، خاصة أنه يعرض فى المسابقة الرسمية التى يتقدم إليها عادة آلاف الأفلام من مختلف دول العالم ويتم انتقاء 20 فقط.

الشريط يحمل عنوان (فرس النهر) إنتاج مشترك يجمع بين أكثر من دولة: الدومنيكان ونامبيا وألمانيا.

الزمن يمتد نحو ساعتين، ويقع فى إطار الفيلم التسجيلى، ووصل عددها حتى الآن فى المسابقة الرسمية إلى نحو أربعة أفلام، وهى نسبة تقترب من 25 بالمائة، بالمقارنة بكل النوعيات الأخرى، أراها هى الأكثر بين أغلب المهرجانات الكبرى.

مهرجان برلين بالمناسبة كثيرا ما منح الفيلم التسجيلى أرفع جوائزه (الدب الذهبى) وآخرها العام الماضى وكانت من نصيب (سور لادامنت) الذى تدور أحداثه فى سفينة تصبح مستشفى العلاج النفسى بفرنسا، وعلى المسرح سخر المخرج الفرنسى لأنه لم يكن متوقعا حصوله عليها، فقط كان سقف أحلامه لا يتجاوز المشاركة فى (برلين)، وبالمناسبة كان من أقوى وأهم الأفلام المشاركة فى التسابق فى الدورة السابقة التى حملت رقم 73.

ويبقى السؤال: كيف يتنافس فيلمان من نسيج فنى مختلف على جائزة واحدة، أدوات التعبير للمخرج تتباين بين التسجيلى والروائى، الأول يسقط الخيال بمعناه العام ويتحول إلى توثيق والثانى يضع الخيال كأول سلاح له فى التعبير، ورغم ذلك فإن هناك مساحة من الخيال لصانع الفيلم التسجيلى، تمنح الشريط خصوصية فى التعبير، بالإضافة إلى أن الفيلم الروائى لا يخلو من هامش وثائقى، كما أن معيار الجمال الفنى من الممكن لأى لجنة تحكيم أن تستند إليه ولا يفرق بين الروائى والتسجيلى.

بطل الفيلم هو (فرس النهر) الذى نطلق عليه فى مصر اسما شائعا وهو (السيد قشطة)، ويقال إن حارس حديقة الحيوانات هو الذى نعته بهذا الاسم الذى يحمل دلالتين، فرط السمنة وفرط الاحترام، القشدة هى أغلى مستخرجات اللبن، و(السيد) دلالة على المكانة الرفيعة التى حققها هذا الحيوان ضخم الجثة، والذى يحظى بحب الجميع وأولهم الأطفال، ويقال إن أول فرس نهر جاء إلى حديقة الحيوان كان يفضل أكل القشدة، ومن هنا ظل الاسم لصيقا به، فهو ليس من أكلة اللحوم مكتفيا بالأعشاب التى يلتهمها طازجة من أعماق النهر، وهذا الحيوان المسالم يمتلك أسلحة خاصة للحماية، لا تستطيع حتى التماسيح الاقتراب منه لأن جلده صلد يشكل له درعا، فهو حائط الدفاع الأول ولا تخترقه أسنان التمساح الحادة.

هذا الحيوان البرمائى رغم أنه لا يمتلك خياشيم، لكنه يستطيع العيش تحت الماء نحو 16 دقيقة، مهدد بالانقراض، وهذا الفيلم أقرب إلى إنذار للعالم كله، يطالب الجميع بحماية هذا الحيوان من غدر البشر، الذين يبيعون كل شىء، جلده وقرونه وغيرها.

المخرج نيلسون كارلوس دى لوس سانتوس درس كل التفاصيل حتى يقدم فيلما توثيقيا لا يخلو من هامش مقنن من الخيال.

واللغات المستخدمة الإفريقية والإسبانية والألمانية، البطل هو صوت صناعى يروى من خلاله (السيد قشطة) حكايته مع البشر وخداعهم له، إلا أنه كان من الممكن اختصاره على الأقل إلى نصف المدة.

يبدو أن إدارة المهرجان كانت فى الأسابيع الأخيرة وقبل بدء الفعاليات تتحرك على سطح صفيح ساخن، بسبب ضعف الاختيارات الفنية وكذلك تناقضات القرارات التى يختلط فيها الفنى بالساسى، الإدارة سوف تتغير فى العام القادم، وهذا قطعا يؤثر سلبا على صانع القرار التعامل مع مسؤول يغادر موقعه بعد أيام قلائل، يفرض على كل قراراته حالة من الهوان وهكذا تعددت الأفلام محدودة المستوى بداية بفيلم الافتتاح (أشياء صغيرة كهذه).

لدى مبدأ أطبقه على نفسى فى الداخل والخارج وهو أى عمل فنى مهما بلغ مستواه على أن أكمله حتى النهاية، وكثير من الأفلام المصرية أدخل دار العرض ولا أجد فى الصالة أكثر من أربعة أشخاص، ومن الممكن فى الاستراحة أن أكتشف أن العدد لا يتجاوز فقط (العبد لله)، ورغم ذلك أكمل المشاهدة حتى كلمة النهاية.

بينما فى فيلم (السيد قشطة)، استمر التناقص العددى، داخل دار العرض، تقريبا نصف المشاهدين غادروا القاعة، بينما النصف الآخر استمر متشبثا بالكرسى حتى يتمكن فى نهاية العرض من إعلان احتجاجه كنوع من التنفيس على ضياع الوقت، وأيضا يحمل إنذارا للمهرجان لعله يصل للمسؤول القادم فى الدورة رقم 75.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«السيد قشطة» يجبر الجمهور على مغادرة دار العرض غاضبًا «السيد قشطة» يجبر الجمهور على مغادرة دار العرض غاضبًا



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 16:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك
المغرب اليوم - مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 08:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:18 2022 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

« بكتيريا متطرفة » لإزالة التلوث النفطيِ

GMT 23:41 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

هامبورغ أكثر الأماكن المذهلة لقضاء شهر العسل

GMT 14:14 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

اتحاد طنجة يخطط لضم نعمان أعراب من شباب خنيفرة

GMT 16:18 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الإتحاد الأوروبي يطلّق تحقيقاً مع تيك توك ويوتيوب

GMT 22:58 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

الأحرش بطلا للمغرب في القفز على الحواجز

GMT 02:12 2021 الجمعة ,17 أيلول / سبتمبر

أجمل المعالم السياحية في جزيرة كريت اليونانية

GMT 16:08 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

بني ملال تبحث تدبير ما بعد فترة "الحجر الصحي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib