عادل إمام صوت الشعب أم السلطة

عادل إمام... صوت الشعب أم السلطة؟!

المغرب اليوم -

عادل إمام صوت الشعب أم السلطة

طارق الشناوي
بقلم : طارق الشناوي

ظهور عادل إمام عبر «الميديا» صار نادراً، ولا يتجاوز في العادة دقيقة أو اثنتين، مثلما حدث قبل نحو شهرين في عيد ميلاده، عندما اقتنص الإعلامي شريف عامر حواراً قصيراً، عبر برنامجه عبر «إم بي سي» مصر، كانت كفيلة بأن تضع حداً للشائعات التي تناولت حالته الصحية بكثير من المبالغات. عادل إمام غاب عن الاستوديوهات، نحو ثلاث سنوات، وأغلب الظن أنه لن يعود للتمثيل مجدداً، هذه الملاحظة مجرد اجتهاد شخصي من كاتب هذه السطور. إلَّا أنَّ عادل وما قدمه من رصيد ضخم، تبثه كل الفضائيات العربية، لا يزال مؤثراً بل وملهماً، وفي أي لحظة تدير «الريموت كونترول» سوف تشاهد عادل، في فيلم أو مسلسل أو مسرحية، وربما للمرة المائة، سوف تضبط نفسك وأنت تضحك، مثلما ضحكت أول مرة. مساء الجمعة الماضي، قدمت الإعلامية راندا أبو العزم عبر قناة «العربية» فيلماً وثائقياً «عادل أمام... ذاكرة مصرية»، المقصود أن مسيرة عادل الشخصية نسجت ملامح وحياة الوطن، فجَّرت راندا مفاجأة، أو بالأحرى وثَّقتها، وهي محاولة اغتيال عادل إمام في التسعينات، من خلال الإخواني التائب الذي كان مكلفاً بتنفيذ الجريمة أمام مسرح «الزعيم» بشارع «الهرم»، وحكي كيف أنهم كانوا يخططون لكي تصل الرسالة لبث الرعب في قلب كل من يفضح «الإخوان»، ليرتعد خوفاً من أن يلقى المصير ذاته، ستراق دماؤه على الأرض مثل عادل، الحراسة المشددة التي فرضتها الأجهزة الأمنية، دفعت التنظيم الدموي إلى إرجاء العملية أكثر من مرة. استضافت راندا العديد من الشخصيات الفاعلة، لتقديم شهادة حول تلك المعضلة الفارقة «عادل إمام والسلطة على صفيح ساخن». هل كان معبّراً عن السلطة فأصبح ذراعها الناعمة، لتوجيه ضربات قاتلة ضد تلك الجماعة، أم أنه كان معبّراً عن قناعاته الشخصية، الرافضة لحكم التيار الديني، من بين الذين وثَّقوا شهادتهم وزير الثقافة الفنان فاروق حسني وزير الثقافة التاريخي في زمن مبارك الذي استمر على الكرسي 25 عاماً، وغادره قبل أشهر قلائل من ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، وأيضاً الوزير حلمي النمنم الذي شغل المنصب نفسه ثلاث سنوات، والإعلامي والكاتب الصحافي والمنتج عماد أديب والمفكر دكتور مصطفي الفقي سكرتير الرئيس حسني مبارك للمعلومات سبع سنوات، من 85 حتي 92 والكاتب الأديب عمار علي حسن والفنانة يسرا وآخرون.

القضية لها أكثر من زاوية، الشريط في النهاية يؤكد أن عادل كان يعبّر عن قناعاته، ارتضى أن يقف في أول صفوف المواجهة، أغلب النجوم شاركوا في أعمال فنية ضد الإرهاب والتطرف، إلَّا أن جماهيرية عادل إمام الطاغية، وأيضاً إصراره على أن تظل تلك هي قضيته، وضعاه مباشرة كلوحة تنشين، في مواجهة نصل سكاكين الإخوان وأمام فوهات رصاص مسدساتهم. عادل لم ينضم رسمياً لأي حزب حاكم، سواء في زمن السادات أو مبارك أو مرسي، إلَّا أنَّه في الوقت نفسه كان يرسل إشارات للسلطة، تؤكد أنه لا يقف أبداً على الشاطئ الآخر، أمسك بمعادلة زئبقية فهو صوت الشعب للسلطة، وصوت السلطة للشعب. علينا ألا نغفل، أن أي عمل فني في عالمنا العربي، لا يمكن أن يرى الضوء الأخضر من دون موافقة الدولة، عادل استغل اقترابه من السلطة لكي يقدم مشروعه الفني.

عندما يتردد المسؤول في التصريح بتصوير الفيلم أو عرضه، يتواصل مباشرة مع الرئيس، فعلها ثلاث مرات مع مبارك في أفلام «الإرهابي» و«الجردل والكنكة» الجزء الثاني من «بخيت وعديلة»، و«السفارة في العمارة». عندما جاء مرسي للسلطة، كان عادل يدرك قطعاً أن المطلوب هو الانتقام منه، وقبل ذلك التشهير به، وحصلوا فعلاً على حكم بالسجن ثلاثة أشهر بتهمة ازدراء الأديان، وبعدها أقاموا دعوى بأثر رجعي ضد فيلم «طيور الظلام» وحصلوا أيضاً على حكم مبدئي بالسجن.

كان عليه أن يهادن محمد مرسي، في العام المظلم الذي حَكَمنا فيه الإخوان، وحضر واحدة أو أكثر من جلساته، وعندما خرج من الاجتماع قال إن مرسي مثقف ويشاهد السينما الأميركية ولا يعادي الفن.

لا تنتظر من فنان أو مثقف، أن يصطدم مباشرة، بسلطة تملك كل أسلحة الدمار الشامل، فهي في لحظات تستطيع مصادرة أمواله والزج به إلى السجن. بقدر المستطاع حاول عادل أن يتحلى بالمرونة، ويقف بثبات تحت هجير السلطة، في زاوية ما هو صوت السلطة للشعب، بينما الوجه الآخر للحقيقة أنه صوت الشعب للسلطة. دوماً كان وسيظل، أيقونة مصرية وعربية عصية على التكرار !.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عادل إمام صوت الشعب أم السلطة عادل إمام صوت الشعب أم السلطة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib