«الطيب» عميد الواقعية الحديثة

«الطيب» عميد الواقعية الحديثة!

المغرب اليوم -

«الطيب» عميد الواقعية الحديثة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

بعد عام من رحيل عاطف الطيب أعلن مهرجان القاهرة السينمائى نتائج أول استفتاء لأفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية، ويأتى اسم «سواق الأتوبيس» رقم «8» فى القائمة، وهو المخرج الوحيد فى جيله الذى وصل لتلك المكانة، وكان له أيضا «البرىء» احتل المركز 28، و«الحب فوق هضبة الهرم» رقم 68، فى القائمة، وسقط ولا أدرى لماذا فيلمه «الهروب»، والمؤكد أن «ليلة ساخنة» الذى عرض بعد الاستفتاء، لو لحق به لدخل على الفور إلى دائرة المائة!!. الطيب كان أغزر أبناء جيله، لحق به فقط فى السنوات الأخيرة «محمد خان».

فى مجمل أفلام «الطيب» تستطيع أن ترى أنه يقدم السينما كما يراها هو، وبشروط لا تتناقض مع السوق، اختلفت عن السائد بدرجة، إلا أنها لا تصل إلى حد التناقص، واتفقت أيضا مع السوق بدرجة، لكنها لم تصل لحد التطابق، وجاء فيلمه «سواق الأتوبيس» متصدرا سينما هذا الجيل، ومعلنا ليس فقط عن اسم «عاطف الطيب»، لكن أيضا عن كل الجيل من المخرجين.

القفزة الثانية للطيب بعد «سواق الأتوبيس» تتجسد فى قصة نجيب محفوظ «الحب فوق هضبة الهرم»، شارك هذا الفيلم فى قسم (أسبوع المخرجين) بمهرجان «كان»، كاتبنا الكبير «نجيب محفوظ» قال عنه شهادة للتاريخ: (لم أكن قد سمعت عنه بسبب بعدى عن المجال السينمائى، لكنى بعد أن شاهدت الفيلم اكتشفت فيه عبقرية واعدة، وعجبت حين علمت أنه مازال شابا، وتنبأت له، منذ ذلك الحين، بمستقبل كبير فى السينما المصرية، قدمت لى السينما المئات من الأفلام، لكنى أعتقد أن «الحب فوق هضبة الهرم» من المعالجات السينمائية الجيدة التى لم تستغل الأصل الأدبى لأسباب لا تمت للأدب أو الفن بصلة، إنما حول القصة الأدبية إلى شكل سينمائى متميز، جعل منها بالفعل علامة مهمة فى تطور السينما فى مصر، وجعل من مخرجها بحق عميدا للخط الواقعى فى السينما المصرية الحديثة).. انتهت كلمات أديبنا الكبير!!. «عاطف» ليس مجرد مخرج حرفى، يرسم (الديكوباج)، تقطيع اللقطات، محددا الأحجام والزوايا، الفيلم عنده حالة أعمق من كل ذلك، طفل له مرحلة حمل وحضانة وطفولة ومراهقة، كل التفاصيل الدقيقة التى تسبق ولادة الفيلم يعيشها «عاطف الطيب»، ليتنفس بعد ذلك فيلمه على الشاشة ناطقا باسمه!!.

ومن أفلامه الاستثنائية «البرىء»، الفيلم يضع البراءة فى قفص الاتهام، فى لحظة يصبح السجين هو السجان، وتختلط جدران السجن بحدود الوطن. يوصف فيلم «الهروب» بأنه الأجرأ، لكن ليست الجرأة فقط هى سر هذا الفيلم، ويوصف «الهروب» أيضاً بأنه كان الأسبق فى انتقاد العديد من السلبيات الاجتماعية والسياسية، ليس السبق وحده هو سر هذا الفيلم، ربما يأتى ما هو أجرأ، وربما كان ما هو أسبق، لكن لا شك أن الهروب هو الأصدق!!. زاوية رؤية المخرج ليست هى فقط تشكيل الصورة فى الفيلم، لكن اكتشاف زاوية أداء مختلفة داخل الممثل، وعاطف كان دائما قادرا على اقتناص لمحة جديدة ونبرة أكثر صدقا، ربما لم يكن يدركها الفنان من قبل، هذا هو ما يمكن أن نكتشفه فى «ليلة ساخنة» فى أداء بطلة الفيلم لبلبة، أتذكر أننى كتبت بعد عرض الفيلم: الفيلم مع لبلبة لم يكن (ليلة ساخنة) لكن منحة من عاطف الطيب، وحظيت فعلا لبلبة بعدها على نحو 10 جوائز!!. «ليلة ساخنة» هو فيلم الوداع. عرض له بعد رحيله (جبر الخواطر)، الذى لم يشرف على المونتاج النهائى له، ولهذا لا أعتبره هو آخر أفلامه، المونتاج بالنسبة لعاطف هو الفيلم. (ليلة ساخنة) ترنيمة شجية لمخرج ودع حياتنا لكنه لايزال يسكن مشاعرنا!!. كانت الحرية والرغبة فى تحطيم القيود هى الهاجس الذى يحرك شحنة الإبداع داخل «عاطف الطيب»، ولأنه كان صادقا فى انفعاله فإن روحه أيضا تحررت مبكرا من قيود الجسد، أتوبيس «الطيب» السينمائى لايزال منطلقا، أراه دائما كلما لمحت عملا سينمائيا ينضح بالجمال والصدق والإبداع، أو شاهدت مخرجا جادا فى عمله، على الفور أتذكر أنه كان يعيش بيننا قبل 29 عاما عنوانا مضيئا للجمال والصدق والإبداع، وكما وصفه بحق نجيب محفوظ قائلا: «عميد الواقعية فى السينما المصرية الحديثة

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الطيب» عميد الواقعية الحديثة «الطيب» عميد الواقعية الحديثة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 21:52 2019 السبت ,03 آب / أغسطس

"الفيل الأزرق 2" يعيد قوة موسم الصيف

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 14:20 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

طارق مصطفى يساند المنتخب أمام ساحل العاج

GMT 00:51 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إسعاد يونس تعدّد صفات شريف مدكور برسالة دعم

GMT 09:39 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتسريحات الشعر الكيرلي في المنزل

GMT 05:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

قطر تُقرر مقاطعة نجوم " روتانا " بسبب الأزمة الخليجية

GMT 03:41 2015 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ستيفن كاري يشيد بجهود ليونيل ميسي مع "برشلونة" في الدوري

GMT 01:31 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحمد صلاح حسني يشيد بشخصيته في مسلسل "أبواب الشك"

GMT 18:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الديكورات الفرنسية الكلاسيكية لمنزل أكثر أناقة

GMT 14:23 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان الإيطالي يبدأ التفاوض مع لاعب تشيلسي فابريغاس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib