التاريخ والجغرافيا على صفيح ساخن

التاريخ والجغرافيا على صفيح ساخن

المغرب اليوم -

التاريخ والجغرافيا على صفيح ساخن

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

نتابع الآن على مواقع التواصل الاجتماعي ما يجري من تناقض في الآراء، حول مسلسل «الضاحك الباكي»، إخراج محمد فاضل، والذي يتناول حياة نجيب الريحاني، أحد أهم أساطين الكوميديا الذين أسعدوا الملايين، ولا تزال أفلامه تعد من المصادر الطبيعية للبهجة، أقصد -قطعاً- القليل الذي تبقى منها، أغلبها غير صالح للعرض هندسياً، والقسط الوافر منها لم يتم في التوقيت المناسب «ترميمه»، ويبقى في مكانة مميزة بالذاكرة، أشهرها «غزل البنات» الذي شارك ليلي مراد بطولته، فهو الأكثر نجاحاً، واحتل قبل أكثر من ربع قرن المركز «العاشر»، ضمن استفتاء أفضل مائة فيلم قدمتها السينما المصرية طوال تاريخها.
عندما يُقيّم شريط درامي لفنان له تاريخ حافل، ويُذكر بعض من السلبيات، هل يعني ذلك إهانة لتاريخه؟
إنها واحدة من المغالطات التي يتم ترويجها، بحسن أو بسوء نية، التاريخ يظل محتفظاً بكل إنجازات المبدع.
والمخرج محمد فاضل الذي ابتعد عن الساحة نحو عشر سنوات، له في رصيده عديد من المسلسلات الناجحة التي عبرت حاجز الزمن، وصارت تُشكل أعمدة راسخة في أرشيف الشاشة الصغيرة المصرية.
حالة المسلسل الأخير خيبت التوقعات، فهل يشفع له التاريخ لكي نتغاضى عن تراجعه في آخر أعماله؟
أتذكر أن يوسف شاهين قدم عام 2001 فيلم «سكوت ح نصور» ولاقى رفضاً وسخرية، إلا أنه بعد ذلك أخرج أفلاماً شاركت في مهرجانات دولية: «كان»، و«فينسيا»، مثل «إسكندرية نيويورك»، و«هي فوضى».
في البداية، دافع يوسف شاهين بضراوة عن «سكوت ح نصور»، وبعد عام أو اثنين، عندما تبددت مساحات الغضب، وتأمل بعين محايدة الشريط، أعلن في عديد من أحاديثه المسجلة أن الفيلم الذي يتمني إلغاءه من تاريخه هو «سكوت ح نصور».
وعندما نقيم الآن إنجاز يوسف شاهين على الشاشة الفضية، فمن المؤكد سوف نتجاوز عن عدد آخر أيضاً من الأفلام دون المستوى. وهو ما ينطبق في مختلف أنماط الإبداع على عديد من الكبار الذين أثروا حياتنا، وكالعادة تسقط بعض الأعمال الفنية.
لا يمكن لقصيدة أو لوحة أو فيلم أو أغنية تمتلك مقومات الجمال، أن ينال منها مقال أو رأي. بعض الأعمال التي استقرت في الوجدان العربي، في بداية انطلاقها، وُجهت لها انتقادات قاسية، إلا أن الزمن قال كلمته لصالحها، مثل فيلم «المومياء» لشادي عبد السلام. لم يلقَ استحساناً عند بداية عرضه، وذلك قبل نحو نصف قرن من الزمان، وفي عام 2013 أجرى «مهرجان دبي السينمائي الدولي» استفتاء لأفضل 100 فيلم عربي، احتل «المومياء» المركز الأول.
الشريط الدرامي يملك أسلحة للدفاع عن بقائه، ولو عدت للأرشيف فلن تجد أن شادي قد تورط في معركة أو استخدم أسلحة غير مشروعة، أو تجاوز في حق منتقديه. ألقى كل ذلك في ملعب الزمن الذي انحاز لفيلمه القادر على أن يحقق للسينما العربية -وليست فقط المصرية- مكانة خاصة عالمياً.
على الجانب الآخر، بدد عدد من صناع مسلسل «الضاحك الباكي» طاقتهم، ليس فقط في الدفاع، ولكن في وصف من يخالفهم الرأي بالمتربص والحاقد الذي يريد النيل من تاريخ مخرج المسلسل، أو بطلته فردوس عبد الحميد.
تاريخ الفنان لا يُقيّم بعمل فني واحد مهما بلغت رداءته، فلا تخلطوا أبداً بين التاريخ والجغرافيا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التاريخ والجغرافيا على صفيح ساخن التاريخ والجغرافيا على صفيح ساخن



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib