لماذا استسلمنا للكسل اللذيذ

لماذا استسلمنا للكسل اللذيذ؟

المغرب اليوم -

لماذا استسلمنا للكسل اللذيذ

طارق الشناوي
بقلم : طارق الشناوي

هل نحن نسعى حقاً لتصحيح أخطائنا أم صرنا نستسهل الحكاية، ونردد تلك المأثورة التي أشك أصلاً في كونها مأثورة (خطأ مشهور خير من صواب مجهول)؟ مع الأسف نميل أكثر لإراحة عقولنا، ونعيد ترديد وتدوير الكذبة. عندما رحل الراقص الشعبي الأول بمصر الفنان محمود رضا، كرر الجميع في مختلف المواقع والقنوات الفضائية تلك المعلومة، وهي أن الراقصة نعيمة عاكف كانت هي المرشحة الأولى لتصبح بطلة الفرقة، وبعد رحيلها المفاجئ، اضطر الشقيقان محمود وعلي رضا، الاستعانة بفريدة فهمي، ولم يكن هذا صحيحاً على الإطلاق، فالفرقة بدأت عروضها عام 1959 بينما نعيمة عاكف رحلت 1966.

إليكم أيضاً تلك الكذبة، وهي أن الفنانة إنعام سالوسة تولت تدريب سعاد حسني على فن التمثيل، ولكن أكثر من مرة كذبتها إنعام، وتوضح أنهما التقيا في البداية كوجهين جديدين في فرقة عبد الرحمن الخميسي، إذ إن الممثل الكوميدي الراحل إبراهيم سعفان كان يدربهما معاً على فن الإلقاء، لأنه قبل احترافه التمثيل كان يعمل مدرساً للغة العربية. قطعاً من صالح سالوسة أن تصمت، لأن الأمر في النهاية يصب لصالحها، ويؤكد أنها ساهمت في صنع أسطورة «سندريلا التمثيل العربي»، ولكنها أرادت أن تكون صادقة مع نفسها، بينما «الميديا» تكره الصدق.

نكرر مثلاً أن المخرج العالمي ديفيد لين كان قد وقع اختياره في مطلع الستينيات على أحمد رمزي عندما شاهده بالصدفة في أحد الكازينوهات بمصر، واتفق معه على موعد الاختبار لفيلم (لورانس العرب)، إلا أنه لم يلتزم فرشح بدلاً منه عمر الشريف، الغريب أن الشريف ورمزي كذّبا الحكاية أكثر من مرة، بينما يحلو لنا ترديدها.

إليكم كذبة أخرى أحد أطرافها الرئيس جمال عبد الناصر، تؤكد أنه أصدر أوامره لأم كلثوم وعبد الوهاب باللقاء معاً فنفذا الأمر الرئاسي، لم يكن هذا أبداً صحيحاً ولكنهم وجدوا في ترديدها فرصة ليؤكدوا عملياً على حب ناصر لصوت أم كلثوم وموسيقى عبد الوهاب، والحقيقة كما رواها عبد الوهاب أن بذرة المشروع بدأت عند أم كلثوم، وهي التي طلبت منه عن طريق عازف الكمان الشهير أحمد الحفناوي وكان صديقاً مشتركاً، تقديم لحن لها، وبالصدفة كان يضع اللمسات الأخيرة لـ«أنت عمري»، فقرر أن يمنحها لأم كلثوم، كما أن محمد الدسوقي ابن شقيقة أم كلثوم الذي كان مسؤولاً عن كل مشاريعها الفنية، أكد في أكثر من تسجيل أن ناصر لم يكن طرفاً أبداً في الحكاية، إذ إن الموسيقار كمال الطويل روى لي أن خلافاً فنياً وقع بين أم كلثوم وعبد الوهاب أثناء البروفات، وقررت في لحظة غضب أن تطلب منه التلحين بدلاً من عبد الوهاب، إلا أنه اعتذر، لأن كل الناس كانت تنتظر «لقاء السحاب» بين ثومة وعبد الوهاب.

لو كانت تلك حقاً رغبة عبد الناصر، هل كانت تجرؤ أم كلثوم على الاتفاق مع الطويل، ومهما كانت المبررات؟ استسلامنا للمعلومات الخاطئة نوع من الكسل الذهني. اكتشفت مثلاً المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد عندما جاءت لمصر، قبل بضع سنوات للتكريم في مهرجان (أسوان) السينمائي، أن الصحافة تطلق عليها (بوحريد)، والسبب أن فيلم «جميلة» الذي أخرجه يوسف شاهين قبل نحو 60 عاماً، أخطأ في اسمها فصار الإعلام ينطقها على طريقة يوسف شاهين، متجاهلاً حقيقة اسمها في جواز السفر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا استسلمنا للكسل اللذيذ لماذا استسلمنا للكسل اللذيذ



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib