روسيا الخائفة روسيا المخيفة
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

روسيا الخائفة... روسيا المخيفة

المغرب اليوم -

روسيا الخائفة روسيا المخيفة

غسان شربل
بقلم : غسان شربل

سألني الدبلوماسي إن كنت أرى نقاط تشابهٍ بين الغزو الروسي لأوكرانيا والغزو العراقي للكويت. استغربت وأجبت أنَّ كلاً من الحدثين وقع في عالم مختلف ومنطقة مختلفة. ثم إنَّ روسيا ليست العراق. وفلاديمير بوتين ليس صدام حسين. ويفترض أن آلية صنع القرار في موسكو الحالية مختلفة عنها في بغداد صدام. ثم إنَّ روسيا دولة نووية وعضو دائم في مجلس الأمن. طبعاً مع الإشارة إلى أنَّ الغزو العراقي لامس عصب سلعة حيوية للعالم هي النفط، في حين تلامس الحرب الروسية في أوكرانيا عصب سلعتين حيويتين للعالم هما الغذاء والطاقة.
رأى أن أخطر تشابه بين الحدثين هو استخدام القوة لشطب حدود دولية معترف بها وضم أراضٍ وتهديد وحدة دولة مستقلة. ولاحظ أن الغزو من الخارج يختلف تماماً عن تغير الحدود بفعل تطورات من نوع الانفجار السوفياتي أو اليوغوسلافي أو السوداني أو انشطار تشيكوسلوفاكيا بفعل إشهار الطلاق بين المكونين الرئيسيين فيها.
لاحظ أن الولايات المتحدة شنت في القرن الحالي حربين كبيرتين في أفغانستان والعراق، لكنها لم تحاول فيهما تغيير خريطة البلد المستهدف. قصة أوكرانيا مختلفة فعشية إطلاق الحرب اعتبرها بوتين مجرد صناعة روسية أي أنها لا تمتلك شرعية الوجود كدولة مستقلة. واعتبر الدبلوماسي أن العالم الذي اكتوى بتجربة الحرب العالمية الثانية أدرج في باب المقدسات عدم جواز الاستيلاء على أراضي الآخرين بالقوة، ولذلك لا تعترف الشرعية الدولية بما نتج من سياسة الغزو الإسرائيلية. وشدد على أن الحرب الحالية التي تدور على الأرض الأوروبية ستؤدي بالتأكيد إلى ولادة عالم جديد. يدرك الأوروبيون، وفي مقدمهم الرئيس إيمانويل ماكرون، خطورة إذلال روسيا في أوكرانيا. يدركون في الوقت نفسه خطورة التسليم بأن من حق القوة تغيير الخرائط والتلاعب بالحدود الدولية المعترف بها. فإذا تغاضيت عن ضم روسيا لأجزاء من أوكرانيا، كيف يمكن أن تعارض ما تعتبره الصين حقها الطبيعي في إعادة تايوان إلى رحاب الوطن الأم وبيت الطاعة؟
يصعب تشبيه الاجتياح الروسي لأوكرانيا بالاجتياح العراقي للكويت. لم يظهر بوتين في العقدين الماضيين تهوراً في التعامل مع الأزمات التي تعني بلاده أو تهمها، وإن يكن أظهر حزماً. يمكن القول إنه أظهر براعة أوحت بأن مطبخ القرار في الكرملين يستند إلى معلومات تنقلها السفارات والأجهزة الأمنية العريقة. ويصعب الاعتقاد أن قوة السيد الرئيس تحول دون تمكن أبرز معاونيه من التعبير عن رأيهم أو مخاوفهم. ويصعب في الوقت نفسه تصور أن دبلوماسياً محترفاً من قماشة سيرغي لافروف لم يتوقع أن يصطدم غزو أوكرانيا برد غربي شديد. تذكرت ما سمعته قبل أسابيع من عراقي ربطته بطارق عزيز وزير الخارجية العراقي السابق علاقة عمل ومودة. قال إن عزيز كان معارضاً لغزو الكويت ومدركاً لمخاطر ضمها لكنه لم يستطع التأثير على مسار الأحداث. هل سيكتشف العالم ذات يوم أن لافروف كان في وضع يشبه وضع طارق عزيز، طبعاً مع الالتفات إلى الفوارق بين الحقب والرجال؟
تذكرت ما سمعته من حازم جواد الذي قاد «البعث» العراقي إلى السلطة في 1963. قال إن مجلس الوزراء كان منعقداً برئاسة الرئيس عبد السلام عارف. أثار أحد الوزراء شيئاً يتعلق بالكويت فنسي عارف أنه رئيس الجمهورية وأطلق جملة معبرة. قال: «عيّنوني قائداً للواء البصرة وأنا أحل لكم مشكلة الكويت»، وهو يقصد اجتياحها. وبعد عقود سيتوجه صدام حسين إلى منطقة البصرة ليقود من هناك اجتياح الحرس الجمهوري العراقي للكويت. وبعد عقود من استقلال أوكرانيا، سيعتبرها بوتين كياناً مصطنعاً وسيطلق جيشه في أراضيها.
سمعت أيضاً من عراقيين أن الخوف موجود في أعماق روح كيان العراق. حشرته الجغرافيا بين جارين قويين. يتذكر كل حاكم للعراق تلك الصفحات من التاريخ التي تروي كيف تقاتل الصفويون مع العثمانيين على أرض العراق. وفي التاريخ الحديث تتبدى في سياسات بعض الدول القائمة على ركام إمبراطوري ميول صريحة إلى توسيع مداها الحيوي على حساب الحلقة الضعيفة المتاخمة. بعض المشاهد طازجة. إيران تقصف أهدافاً في أربيل. وتركيا تتعقب أعداءها داخل الخريطة العراقية.
تاريخ روسيا صاخب هو الآخر. تتعرض لغزوات وتطلق غزوات. على مدى قرون كانت حدودها قلقة ومتحركة. في ذاكرتها قصص غزوات كثيرة وإن تكن الكتب تركز على مغامرة نابليون وجنون هتلر.
كان العراق خائفاً من قدرة إيران على امتلاك أوراق داخل أراضيه. ثمة من يقول إن خوف صدام من عبارتي «الولي الفقيه» و«تصدير الثورة» دفعه إلى إطلاق الحرب ضد إيران، معتقداً أنه إن لم يبادرها بالحرب في منطقة الحدود سيضطر إلى مقاتلتها لاحقاً في شوارع بغداد. بوتين بدوره اتهم أوكرانيا بالتآمر واعتبر الحرب عليها استباقية.
روسيا التي تقيم طويلاً تحت الثلج قارة ثرية بالنفط والغاز والمعادن. لكنها مصابة بعقدة الحصار والخوف على روحها. محاولة بطرس الأكبر استيراد أسباب التقدم الأوروبي لم تبدد خوفها الدائم من الغرب. من نموذجه المختلف وجاذبية ثقافته وأسلوب حياته، شيّد الاتحاد السوفياتي جدار برلين ليصد رياح النموذج الغربي لكن التاريخ اقتلع الجدار. ذهب الغرب بعيداً في ممارسة غطرسة المنتصر. حرك بيادق حلف «الناتو» باتجاه حدود روسيا وهو ما اعتبره بوتين إمعاناً في إذلال بلاده وتهديداً بغزوها تحت ستار العولمة و«الثورات الملونة». من هذا الخوف العميق ومن الركام السوفياتي جاء بوتين.
في برلين يشعر الصحافي الزائر بأن العالم وقع بفعل الحرب الروسية في أوكرانيا في فخ يصعب الخروج منه. روسيا الخائفة صعبة ومتعبة. وروسيا المخيفة مثيرة للقلق والذعر. والأكيد أن العالم الذي يدفع اليوم ثمناً باهظاً يتغير على وقع الأيام الأوكرانية فالدول خائفة والتطورات مخيفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا الخائفة روسيا المخيفة روسيا الخائفة روسيا المخيفة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib