السلام بين حكومة نتنياهو وقادة «حماس» شبه مستحيل

السلام بين حكومة نتنياهو وقادة «حماس» شبه مستحيل!

المغرب اليوم -

السلام بين حكومة نتنياهو وقادة «حماس» شبه مستحيل

بقلم - هدى الحسيني

بينما كان الحديث ينتشر عن قرب التوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل بدء رمضان المبارك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «لن نتراجع حتى نحقق انتصاراً تاماً على أعدائنا». ويصر نتنياهو على أن أي توقف في القتال يجب أن يكون مؤقتاً. «إنه تفكير بالتمنيات»، يرد المتحدث باسم «حماس» باسم نعيم من إسطنبول. وكان ممثلو «حماس» الآخرون واضحين لأسابيع أنهم يريدون وقفاً دائماً لإطلاق النار قبل إطلاق سراح أي رهائن آخرين.

المواقف متسقة ولا لبس فيها، وتثير سؤالاً أساسياً حول حرب غزة: هل يمكن توقيع اتفاق سلام بينما يقود نتنياهو إسرائيل ويحيى السنوار ومحمد ضيف وغيرهما من كبار قادة «حماس» الذين لا يزالون يسيطرون على الناس؟

يبدو ذلك غير محتمل. لأن نتنياهو يحتاج إلى انتصار حاسم للتغلب على مجموعة من المشاكل السياسية، ويجب عليه تلبية احتياجات القوميين المتطرفين في حكومته الذين لا يريدون تقديم تنازلات لـ«حماس». إذا قال نعم (للتنازلات)، فإن نتنياهو سيفقد الجناح اليميني وهذا من شأنه نظرياً أن يسقط حكومته، ويجب على نتنياهو ألا يفعل شيئاً يظهر الضعف لشركائه اليمينيين المتطرفين في الحكومة.

من ناحية قادة «حماس»، عليهم إظهار أنهم يستطيعون «الفوز» بوقف إطلاق النار، ووعد بدولة فلسطينية والإفراج عن أعداد كبيرة من الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية - وبالطبع يريدون إنقاذ حياتهم، وأي التزامات مضمونة من إسرائيل بعدم اغتيالهم.

إن فرص السلام مع نتنياهو على رأس القيادة وقادة «حماس» في غزة على سجيتهم بشكل كبير، ضئيلة. وقال نتنياهو إنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار حتى يتم تدمير «حماس» عسكرياً. طبعاً هذا لن يحدث إلا إذا قُتل السنوار أو قبض عليه، مع قيادته العليا، وتم تدمير أسلحة «حماس» - وبخاصة الصواريخ - والتخلص من الأنفاق.

مشكلة نتنياهو منذ البداية، أنه وعد «بالانتصار الكامل»، وهي لعبة مفتوحة غير محددة تشمل كما ذكرنا عودة الرهائن، والقضاء على «حماس» كقوة عسكرية وسياسية في غزة، وموت أو القبض على قائمة طويلة من كبار قادتها - بما في ذلك محمد الضيف والسنوار.

وبالإضافة إلى التحدي المتمثل في تحقيق أهداف الحرب هذه، يواجه نتنياهو قائمة طويلة من المشاكل السياسية المحلية التي يعتقد الكثيرون أنها تجعل المفاوضات صعبة. أظهرت الاستطلاعات منذ بدء الحرب، أن نتنياهو زعيم لا يحظى بشعبية كبيرة. قبل بدء الحرب، واجه اتهامات في سلسلة من محاكمات الفساد الطويلة الأمد. وبمجرد استئناف هذه الإجراءات، قد يواجه نتنياهو عقوبة السجن إذا أدين. كل هذا يعني أن نتنياهو يحتاج سياسياً إلى «فوز» من نوع ما في حرب غزة. إنه فوز ذو ارتفاع عال، بالنظر إلى الأهداف التي وضعها.

الآن، تعتمد قيادة نتنياهو على شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير وحزب السلطة اليهودية، وبتسلئيل سموتريتش وحزبه الصهيوني الديني، وكلاهما يعارض أي وقف لإطلاق النار وطلبا من الجيش الإسرائيلي الاستيلاء على غزة وإعادة دمجها في إسرائيل. هذا يجعل من الخطر سياسياً على نتنياهو وعلى غيره لاحقاً، أن يبدو أنه يرضخ - حتى بطرق صغيرة - لـ«حماس» أو للمفاوضين الخارجيين. يقرأ نتنياهو استطلاعات الرأي ويعتقد أن موقفه المتشدد من الحرب يحظى بشعبية.

قبل أسبوعين، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت نتنياهو وحكومته بدفع إسرائيل نحو «حرب شاملة» من شأنها أن تمتد إلى ما وراء قطاع غزة. في بودكاست بثته صحيفة «هآرتس»، وصف أولمرت حلفاء نتنياهو اليمينيين بأنهم «مجموعة من المهلوسين» الذين كانوا يخططون لما بعد حرب، أي لكارثة تجعل من الممكن طرد العديد من فلسطينيي الضفة الغربية.

وفي مقال رأي منفصل، قال أولمرت: «إن الهدف النهائي لهذه العصابة هو (تطهير) الضفة الغربية من سكانها الفلسطينيين، وتطهير جبل الهيكل من المصلين المسلمين وضم الأراضي إلى دولة إسرائيل».

بالطبع قادة «حماس» في غزة في موقف مختلف تماماً:

أولاً، على الرغم من كل التضحيات بينها «تشريد شعب غزة بعد تدميرها»، فإن «حماس» ليست أقرب إلى أهدافها المتمثلة في طرد إسرائيل من الشرق الأوسط وحكم دولة فلسطينية تمتد من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط. ولكن حتى لو غادر جميع القادة الحاليين المشهد غداً، فإن «اتفاق السلام الحقيقي» لا يزال بعيداً جداً.

الآن في غياب أحداث غير متوقعة، قد تكون النتيجة المرجحة هي العودة إلى ما كانت عليه الأمور قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ويشعر جزء كبير من الحكومة الإسرائيلية بالراحة مع العودة إلى الوراء غير البعيد، مع سياج أكبر حول غزة والسماح لأهل غزة بالغليان هناك.

من ناحية أخرى، هناك من لا يعتقد أن الأوضاع ستعود إلى ما كانت عليه قبل عملية «طوفان الأقصى»، بل إن الإسرائيلي لن يشعر بالراحة لعقود مقبلة. فإنهم يرون أن عملية توطين فلسطينيي غزة حُسمت وتم الاتفاق عليها. وبأي حال، ليس هناك غزة ليعود إليها سكانها. ويقولون إن العقدة الآن ليست غزة، بل الضفة الغربية؛ فإسرائيل تطمح إلى ترحيل فلسطينيي الضفة إلى دول الجوار. الولايات المتحدة تبدي بعض الحذر مما تفعله إسرائيل إلا أنها أصبحت عاجزة القرار قبل أشهر من موعد الانتخابات. إسرائيل بأغلبية ساحقة تريد دولة صافية العرق حتى لو كان هذا يتعارض مع عالم اليوم ولن يستطيع نتنياهو أو أي رئيس وزراء آخر إيقاف هذا التوجه. ويرددون أيضاً أنه في نهاية المطاف وبعد أحداث دموية عصيبة سيرحل كثيرون من الضفة هرباً من الفظائع وستقوم دول أوروبية ودول عربية بمد دول اللجوء بالمال وستوافق إسرائيل على بقاء نسبة محدودة من أهل الضفة مع ضمان حرمة المسجد الأقصى وقبة الصخرة. أما إيران فلن يكون لها دور حاسم وجُل ما ستطمح إليه هو الحفاظ على وجود ذراعها في لبنان بعد أن يتم القضاء على الذراع الحوثية.

بالملخص المفيد، يخلصون إلى القول إن ما يحصل هو إنهاء القضية الفلسطينية مرة لكل المرات، بتشتيت الشعب وإدماجه في مجتمعات ترزح تحت أوضاع معيشية بائسة، وبذلك يرتاح الجميع. في النهاية، بقاء نتنياهو أو رحيله ليس مهماً، وكذلك «حماس» وقيادتها، الموضوع يتعدى ذلك بكثير لأنه سيحدد مستقبل مئات الملايين من البشر وإعادة تكوين أنظمتهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلام بين حكومة نتنياهو وقادة «حماس» شبه مستحيل السلام بين حكومة نتنياهو وقادة «حماس» شبه مستحيل



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib