قصور الثقافة

قصور الثقافة

المغرب اليوم -

قصور الثقافة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

لا مبالغة في القول إن وليد جنبلاط هو كبير المثقفين السياسيين في لبنان. ويتميز أيضاً بأنه يشارك أصدقاءه في قراءاته، وهي غالباً قراءات المتعة الصافية، أي الأدب للأدب، وليس لغرض أو مناسبة أو توظيف. ويعجب المرء أن يكون للرجل كل تلك الهموم، ومع ذلك يعثر على الوقت للأدب الخالص، والرواية والوجدانيات الخلابة.

عندما دعانا إلى العشاء في منزله أخيراً، ذهبت الى المكتبة بحثاً عن إصدار جديد أحمله معي. والخيار ليس صعباً لأن «سيد المختارة» يقرأ باللغات الثلاث، العربية والفرنسية والإنجليزية، وإن تكن الفرنسية أكثرها طلاقة بتأثير من والده ووالدته معاً.

لكنني وجدت صعوبة في الانتقاء. فقد أصبحت الإصدارات الحديثة قليلة جداً في بيروت. ومعظمها من النوع السياسي المحدود الذي يعثر على زبائنه بسهولة. وليس هذا ما ينقص في مدينة غارقة في الرتابة والتكرار والملل وسطحيات الأرض. وكدت أعود خائباً. لكنني حملت معي المجلات الأدبية الدورية ومنها «نيويورك ريفيو أوف بوكس».

أحياناً أعثر في هذه المطبوعة الراقية على موضوعين أو ثلاثة، أو خمسة، تلتقي مع ذائقتي الأدبية، وأحياناً لا شيء. وفي هذا العدد، لا شيء. ثم وقعت عيني على ترجمة جديدة لقصيدة من ملحمة هوميروس المعروفة بـ«الأوديسة».

ما هو «الجديد» في ملحمة منذ القرن الثامن ق. م. وهي أسطورة في أي حال؟ هذا هو الجديد، أن هوميروس لا يزال حياً ولم يقم شاعر ملحمي يتفوق عليه حتى الآن. هؤلاء هم العباقرة الكلاسيكيون الذين ينتقلون معنا من عصر إلى عصر، ومن زمن إلى زمن وهم يزدادون ألقاً و«حداثة». وهذا هو يوليسيس، بطل هوميروس، يعطي اسمه لكبار أبطال الحداثيين، مثل جيمس جويس، لأن موقعه لا يتغير في الشعر والفكر والأسطورة.

بدل أن أحمل كتاباً حديثاً إلى مكتبة وليد جنبلاط، اقتطعت فقط، الصفحة 27: «يوليسيس ينقذ من البحر، نقلها عن اليونانية دانيال ماندلشون». الإيقاع الشعري، الوصف ما فوق الشِعر. محنة الإنسان الفرد تضربه العاصفة على الصخور، تحمله الموجة العالية العاتية وترميه مرة أخرى، فيحاول التعلق بطرف صخرة «ومن ثم انجرف ماؤها في دائرة - يومان وليلتان - تدفعه الأمواج المتصاعدة. وتطلع قلبه في الدمار وجهاً لوجه، ولكن عندما حمل الفجر اليوم الثالث إلى العالم، تلاشت الرياح وهبط هدوء وانقشاع وسكون، ثم آه، يا له من مشهد، لقد لمح طرف اليابسة أمامه هناك».

أمضينا الأمسية عند نورا ووليد جنبلاط، خارج لبنان. لا أحد تحدث عن الرئاسة. لم يأت أحد على ذكر سياسات لبنان. إلا في بعض النكات. تحاشينا جميعاً ذكر شيء، أو أحد، يفسد جو المكتبة وأضواء الكتب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصور الثقافة قصور الثقافة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 21:52 2019 السبت ,03 آب / أغسطس

"الفيل الأزرق 2" يعيد قوة موسم الصيف

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 14:20 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

طارق مصطفى يساند المنتخب أمام ساحل العاج

GMT 00:51 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إسعاد يونس تعدّد صفات شريف مدكور برسالة دعم

GMT 09:39 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتسريحات الشعر الكيرلي في المنزل

GMT 05:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

قطر تُقرر مقاطعة نجوم " روتانا " بسبب الأزمة الخليجية

GMT 03:41 2015 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ستيفن كاري يشيد بجهود ليونيل ميسي مع "برشلونة" في الدوري

GMT 01:31 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحمد صلاح حسني يشيد بشخصيته في مسلسل "أبواب الشك"

GMT 18:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الديكورات الفرنسية الكلاسيكية لمنزل أكثر أناقة

GMT 14:23 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان الإيطالي يبدأ التفاوض مع لاعب تشيلسي فابريغاس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib