على ما قال غوته

على ما قال غوته

المغرب اليوم -

على ما قال غوته

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كان هنري كيسنجر يبرر سياساته بترديد قول لشاعر ألمانيا غوته: «ظلم قليل أفضل من فوضى كبرى». قد لا يكون هذا العالم الهش في حرب كبرى اليوم، لكنه بالتأكيد في فوضى مخيفة تشبه الحروب من حيث الدمار والاتساع والخوف من التمدد في الرقع، والتمديد في الزمن.

وليس مفاجئاً ولا جديداً أننا نقع من هذه الفوضى على خط الاستواء، الدائم الحرارة، المفاجئ هو وقوع رئيس أميركا جو بايدن في فخ الملاحقة القانونية، التي قد تؤدّي إلى عزله أو بالأحرى الحكم عليه.

وقع بايدن في هذا المأزق فيما يخوض حربين شبه مباشرتين: أوكرانيا وغزة. وفي الحالتين هو في ورطة كبرى. من ناحية أتعبته أوكرانيا فبدأ في التراجع، ومن ناحية أخرى أرهقته الهمجية الإسرائيلية في غزة، وهو يحاول التراجع أيضاً. لكن انعكاس التراجعين سوف يكون مريراً عليه في حملته الانتخابية داخلياً، بالإضافة إلى ما لحق بسمعة أميركا في الخارج بسبب توأمتها مع إسرائيل في حرب غزة.

في المقابل «يتنمر» خصومه في روسيا والصين ومحورهما مع إيران، التي تعزف على أوتار الجبهات الممتدة من جنوب لبنان إلى منصة الصواريخ في صعدة. وتبدو مناوشات الصواريخ الحوثية مع الأساطيل الأميركية مسرحية كوميدية، لكنها ليست كذلك. فالقوة الإيرانية غير متساوية في المواجهة، لكنها قادرة على «التعطيل»، كما دأبت حتى الآن، في استغلال الجبهات دون إشعالها. وفي الاكتفاء بالتخويف، كما في تحذير وزير خارجيتها إلى الأميركيين بأن الانفجار قد يخرج عن السيطرة.

في الجانب الآخر يظهر للمرة الأولى خلاف، أو اختلاف، في المحور الأميركي - الإسرائيلي. بايدن يقول إن إسرائيل فقدت التأييد الدولي في الحرب على غزة، ووزير خارجية إسرائيل يعلن أنها مستمرة في الحرب، بدعم دولي أو من دونه. حروب ونزاعات مفتوحة، وآفاق مسدودة، وعجز سياسي عارم.

تفيد الدول غير «النظامية» من حالة الشلل والفراغ، وتطرح «ثورتها» بديلاً أو شريكاً. وتتحدث طهران الآن عن مياه الخليج مثلما عن بر المشرق وكأنهما حديقتها الخلفية، بينما تدمر إسرائيل حياة ومستقبل البشر، وتفتك بأرواحهم وأهلاكهم وأرزاقهم.

يشتد الحصار على القوى الطبيعية ودول البناء، وتخطف من أمامها مراحل الاستقرار والتخطيط. وتزداد كل يوم أعداد البائسين وفاقدي مقومات وسبل العيش. وتهلك وتحتقر مقاييس الإنسان. ويزداد الضعيف ضعفاً أمام هيجان الغطرسة والادعاءات الكاذبة وفجورها.

ارتفعت بورصة نيويورك أمس إلى أعلى رقم في تاريخها. السلاح تجارة تزدهر، والموت مزاد بلا حدود. لذلك فضل غوته القليل من الظلم على كل هذا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على ما قال غوته على ما قال غوته



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib