ماذا حل بالثمانيتين معاً

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

المغرب اليوم -

ماذا حل بالثمانيتين معاً

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

مرّ 8 فبراير (شباط) في العراق ومرّ 8 مارس (آذار) 1963 في سوريا، وهما لا يذكران ولا يُنسيان. يوم تولى الحكم في عاصمة العباسيين وعاصمة الأمويين، حزب اشتراكي يتزعمه معلم مدرسة مسيحي يدعى ميشال عفلق، وأستاذ رياضيات سني يدعى صلاح الدين البيطار. كلاهما حمل الأفكار الرومانسية نفسها من باريس والسوربون. وباريس التي ذهبا إليها بمنحة دراسية، كانت خارجة للتو من حربها مع الاحتلال النازي وداخلة الحلم الاشتراكي ومعها أدبيات الثورة الفرنسية وعنفها وما ترجمه القوميون العرب إلى «نار حديد دم»، هكذا بكل صراحة.
حمل «البعث» أملاً إلى كثير من الناس: وحدة حرية اشتراكية. وانضم إليه المثقفون. وبدل أن يكون لقب رئيسه «الزعيم» صار «أستاذ». لكن العسكر ظلوا في الصورة. وكما يحدث في السودان اليوم، قدموا للمدنيين فائق التقدير، لكنهم استولوا على السلطة، ثم راحوا يتناوبون عليها. وأدخل «الأستاذ» السجن وعُذّب. وفهمت الاشتراكية على أنها تأميم لمعالم الاقتصاد، وصارت الحرية بلا صحف، وأقفلت الصحف وتوسعت الزنازين المعتمة والباردة. وتبادل الرفاق شتى أنواع الإبعاد والنفي والذل والتحقير، ومعها الإعدام رمياً بالرصاص، أو تعليقاً في الساحات.
خرج المؤسسون من الصورة. ونفي عفلق والبيطار إلى بيروت، ثم إلى باريس، حيث قتل الثاني وأكمل الأول الطريق إلى بغداد صدام حسين، حيث للجميع دور واحد هو الصمت. أو الصمت الأكبر.
لم يلتق بعث العراق وبعث سوريا إلا برهات قصيرة. وما عدا ذلك عداء غريب في عمقه وعنفه. وحارب البعث السوري إلى جانب الكويت في حرب التحرير، مع أنه أبقى على الموقف الفخري بعدم دخول أراضي العراق. انتهى البعث في العراق وفكك وألغي، بينما ظل لقباً أخوياً في سوريا. ولم يبق الكثير، لا من الحلم ولا من الحقيقة. الحرية مبعدة والوحدة انقسام بين قرية وقرية. وبين فئة وفئة. وجيش العراق أصبح الحشد الشعبي العراقي. وسوريا خارج سوريا أكبر من سوريا ضمن حدودها. والاشتراكية كلمة لم تعد تتكرر حتى في المناسبات اللفظية المضجرة.
الذي صمد في عاصمتي أميّة والعباسيين هو سيل الصراع المستمر. الجفاف يضرب دجلة والفرات، ونهر بردى جفّ ولم يعد سلاماً أرق من دمشق. لم يعد الشعر يلقى ولا التاريخ يروى. حزينة أنهر العرب. وحتى العظيم يئن من مشهد الأمة المفزع. يكتب شاعر الجمعة وكاتب الأيام في «الأهرام» فاروق جويدة معاتباً «النهر الخالد»: ترى من نعاتب يا نيل، قل لي / ولم يبق في العمر إلا القليل / أسافر عنك فلمح وجهك في كل شيء / فيغدو المطارات / يغدو المقاهي / يسد أمامي كل الطرق / وأرجع يا نيل كي أحترق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا حل بالثمانيتين معاً ماذا حل بالثمانيتين معاً



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib