من طرد من وأين

من طرد من... وأين؟

المغرب اليوم -

من طرد من وأين

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

حاول جنابك، أن توضّب هذه المكعّبات حسب ألوانها: سوناك ريشي، رجل من الهند. نديم الزهاوي رجل من العراق. الأول يقيم في 10 داوننغ ستريت، مقر رئاسة الوزراء في بريطانيا العظمى. الثاني يقيم في مقر زعامة المحافظين. الأول يطرد الثاني من منصبه. إلى أين يذهب الزهاوي من هناك؟ لا تحاول أن تحزر، وتوفيراً للوقت سوف أبلغ جنابك بأن المستر زهاوي، المطرود من زعامة حزب تشرشل، وماكميلان، وثاتشر، وغلادستون، فعل ما يفعله أي عاقل في الناس. لقد عاد إلى منزله. ومنزله، حفظك الله، يقع في مدينة ستراتفورد أون آيفون، حيث ولد وعاش ومات كبير القوّالين، السيد وليم شكسبير. أو المستر إذا شئت. لكن بعد أن انتخب سكان ستراتفورد السيد زهاوي بأكثرية عشرين ألف صوت، أصبح من الممكن أن يُلقّب أبناؤها بالسادة، كما أصبح من الممكن القول السيد هاملت والسيد ماكبث، وخصوصاً السيد عطيل ببشرته الحارقة وقلبه المحترق خلف الآنسة ديّدَمونة.
ممتع هذا العالم أحياناً. ما أن طرد الهنود جيش اللوردات حتى لحقوا بهم إلى قلب الأميرالية وموقع الحكم. وما أن طرد العراقيّون الإنجليز، حتى أرسلوا مندوباً عنهم مباشرة إلى مهد شكسبير، من دون المرور بأحياء لندن وحدائقها، التي يفتقدها المرء أينما كان في الدنيا، خصوصاً بعد أسابيع قليلة عندما تطلع زهور «الدافوديل» من مخابئها.
ليس ببساطة أصبحت بريطانيا أم المسرح بعد اليونانيين. وهو غالباً مسرح اللامعقول، والحقائق المستبعدة، وتعدد الألوان الجميلة على ظهور البط في بحيرات الحدائق. كلما ازداد المرء علماً، اغتنى معرفة، وكلما كثُر علمه ومعرفته قلّت عنصريته. وإلى عقود قليلة خلت، كان ممنوعاً على «المُلوّنين» في بريطانيا دخول بعض المطاعم. وثمّة نصيحة شهيرة للسيد وينستون تشرشل يوم اقترح إبادة الأفارقة بالرصاص الحي. لكن الأرض تدور، ومع كل دورة تتقدم الناس قليلاً، إلا في ديارنا السعيدة. فالإنسان مقسّم إلى طوائف وجهات وألوان. وأهلاً بمواكب الأهل يحلّون بين ظهرانينا هنا، ويلمعون ويبرعون، فتكون زها حديد سيدة الهندسة، ويكون زهاوي زعيم حزب المحافظين، ولو إلى حين، بل حتى لو أقدم على طرده السيد سوناك ريتشي.
قد تلمس في الانشغال بلعبة الليغو السياسية، حنيناً مبطّناً إلى لندن. وهذا صحيح. ولطالما شعرت بالحنين إلى مجلس اللوردات، ومجلس العموم، وقصر باكنغهام، والمتحف البريطاني، وجناح الأنتيكا في هارودز، ونادي السيارات. وقد يتساءل بكل حق إن كان لي أي علاقة بكل هذه الأمور. والجواب طبعاً لا. لكن ليس ما يمنع أن أحن إليها. ألم يطرد السيد ريتشي السيد زهاوي من زعامة حزب المحافظين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من طرد من وأين من طرد من وأين



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib