آيسلندا غريبة الأجواء

آيسلندا... غريبة الأجواء

المغرب اليوم -

آيسلندا غريبة الأجواء

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

آيسلندا عبارة عن أرض قاحلة مليئة بالبراكين، أو كل السخانات، وهي قمرية جداً لدرجة أن رواد فضاء «ناسا» تدربوا هنا. ينابيع ساخنة، وبرك طينية، وفتحات بخار أكثر من أي برية أخرى على وجه الأرض. حتى «الحضارة» هنا يبدو أنها لا تقدم إثارة للعقل: لا شيء منطقي تماماً. تفتخر آيسلندا بأكبر عدد من الشعراء والمطابع، والقراء، بالنسبة لعدد السكان في العالم: ريكيافيك لديها أربع صحف يومية.

لكي تتمكن الولايات المتحدة من مجاراة معدل الإنتاج الأدبي في آيسلندا، يتعين عليها أن تنشر ستمائة كتاب جديد يومياً. وتمتلك آيسلندا أقدم لغة حية في أوروبا، إذ يقرأ شعبها ملاحم القرون الوسطى، كما لو كانت صحيفة الغد، وجميع المفاهيم الجديدة، مثل «الراديو» و«الهاتف»، تعطي مرادفات مختارة شعرياً للقرون الوسطى. وقد تكون ريكيافيك تقريباً لعبة طفل صغير، نظيفة ومثالية مثل سفينة داخل زجاجة. تشتهر آيسلندا بعدم وجود قصور، أو أحياء فقيرة، بنفس الطريقة التي لا تحتوي لغتها على لهجات. ولأن جميع المنازل، تقريباً، يتم تسخينها بالحرارة الأرضية، فإن المدينة، التي يعني اسمها «الخليج الدخاني»، تتألق بصمت في الهواء الخالي من الدخان، واضحة كما لو كانت مرئية من خلال ألواح الزجاج المصقول.

ليس بسبب العاصمة يأتي الزوار إلى آيسلندا، الخلاء هو ما يبحثون عنه ويجدونه. أكثر من ثمانين في المائة من مساحة البلاد لا تتكون إلا من حقول الجليد والجبال القاحلة والحمم البركانية. مساحات شاسعة فارغة وغير مضيافة.

تبدو مثل هذه المستوطنات الموجودة بالفعل وكأنها ضواحٍ تبحث عن مدينة. مزرعة منعزلة هنا، ومنارة وحيدة هناك، وأحياناً برج منعزل: كتلة صغيرة من الخرسانة داخل مخلب عملاق خشن. الطبيعة تعشق الفراغ هنا. والأرض نفسها لا تشبه شيئاً بقدر ما تشبه كتاباً مدرسياً للجيولوجيا، فهي عبارة عن كتلة مثقوبة من الحفر البركانية، وأعمدة هسهسة من الدخان، حتى تبدو كما لو أن الأرض نفسها تنفث بخاراً. والتربة أجزاء منها شديدة الانحدار.

يقع أكبر نهر جليدي في أوروبا في مكان ما في هذا العدم، وأكبر حقل للحمم البركانية في العالم، تم إنشاء أقدم برلمان في أوروبا على هذه التربة الحديثة.

سيخبرك الآيسلنديون أنه بسبب تيار الخليج، لا يوجد في هذا البلد درجات حرارة قصوى. بعض السنوات لا تشهد ريكيافيك أي ثلوج على الإطلاق، وأدنى درجة حرارة مسجلة في العاصمة منذ ثلاثين عاماً هي خمس عشرة درجة فهرنهايت تحت الصفر

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آيسلندا غريبة الأجواء آيسلندا غريبة الأجواء



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib