تضاعف «الممحيين»

تضاعف «الممحيين»

المغرب اليوم -

تضاعف «الممحيين»

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كتب شاعر اليونان نيكوس كازانتازاكس، صاحب «زوربا»، أواخر الخمسينات، أن جزيرة صغيرة تدعى قبرص سوف تضع نهاية الخريطة الإمبراطورية البريطانية. كان القبارصة يومها يقاتلون في الجبال وعلى السواحل، ويطالبون البريطانيين بإخلاء قواعدهم. وبدا الصراع الدموي وكأنه مضحك: أصغر جزر الأرض تقاوم الجزيرة التي حكمت العالم ذات يوم. ولم تكن الشمس تغيب عن أراضيها.

يذهب الشاعر إلى تاريخ وآداب اليونان، المليئة بالأساطير وملاحم الحروب بحثاً عن حالة تشبه الحالة القبرصية. وسرعان ما يعثر على حكاية الملائكة و«حاكم الأرض». وخلاصتها أن ملاكاً نزل إلى الأرض ذات مرة، فشاهد حاكمها الجبار وغضب غضباً شديداً، فما كان منه إلاّ وأن امتشق سيفه وهوى به على الملاك وشقه إلى قسمين. وعلى الفور أصبح كل ملاك ملاكين. وعاد حاكم الأرض إلى سيفه وشق الملاكين فأصبحا أربعة، والأربعة ثمانية، والثمانية ستة عشر، وما لبثت الأرض أن امتلأت بالملائكة.

كلما شاهدت أطفال غزة ملفوفين بأكفان بيضاء ملطخة بالدماء، أعود إلى كازانتازاكيس وأساطير اليونان وحروبه من أجل الحرية حتى آخر لحظة في حياته. قال وزير الدفاع الإسرائيلي إنه سوف «يمحو» الغزيين، لكن ها هم يملأون الأرض. يخرج أطفالهم من تحت الركام، ويقاتل أهلها تحت الأرض وفوقها.

يقول كازانتازاكيس إن القاعدة الغامضة في مسار التاريخ البشري لا تخطئ: في البداية، الشر هو الذي ينتصر، وفي النهاية خسارته حتمية. لكن ما بين الخسارة والانتصار، الطريق طويل، وشاق، ومليء بالعذاب والألم والدماء، وأكفان الأطفال البيضاء، التي ترشح منها الدماء.

عبأت غزة العالم أجمع من حولها. وأثار مشهد أطفالها في أكفانهم نقمة الناس جميعاً. خاض بايدن معركته الرئاسية الأولى على أنه الرجل الذي عاش أحزاناً عائلية كثيرة. المعركة الثانية يقودها مرشحًا للغطرسة على لائحة أكثر رجال إسرائيل خراباً ودماراً. في مجيئه إلى تل أبيب، وإرساله حاملات الطائرات إلى المنطقة منذ اللحظة الأولى، طرح بايدن نفسه شريكاً في الحرب، وليس مجرد حليف تقليدي ضمن إطار محدد. ولعل هذه كانت أقوى عناصر التشجيع على حملة الانتقام الجنونية التي يمضي فيها نتنياهو منذ أن أفاق ذات يوم ليجد جيشه نائماً. فكان أن أصدر أمراً بأوسع حملة تعبئة في التاريخ حتى بالنسبة إلى أميركا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تضاعف «الممحيين» تضاعف «الممحيين»



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib