خطوبة جوّية

خطوبة جوّية

المغرب اليوم -

خطوبة جوّية

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

أتابع باستمرار مؤشر «الأكثر قراءة» في الصحف التي أداوم على قراءتها، عربيةً وأجنبيةً. لا أهمية للمؤشر نفسه فيما يتعلق بأهمية الأخبار أو الكتاب، ولكنه يدل على أمزجة الناس واتجاهاتهم واهتماماتهم، سواء في الأزمات الكبرى أو في الأيام العادية.

نلاحظ أنه باستثناء حالات الخطر الشديد، مثل حرب غزة، يهرب الناس إلى أخبار مسلّية، وعلى جانب كبير من السخف، ولا يتغير في حياة الناس شيء. وقد تقدمت –على سبيل المثال– أخبار مندوبة أميركا السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، على جميع الأحداث الأخرى. ليس بسبب معركتها ضد دونالد ترمب، بل بسبب علاقاتها خارج الزواج.

حسناً. يمكن فهم الأمر هنا لأنه يتعلق بسيدة شهيرة. لكن في لبنان الغارق في الحرب والخطر، ظل الموقع الأكثر شعبية لخبر عن مسافر طلب يد مضيفة للزواج قبل نهاية الرحلة. لو كانت المضيفة تايلور سويفت والعاشق براد بيت، لتفهمنا الأمر. لكن المسألة كلها مضيفة ومسافر ورحلة عادية بين بيروت ومدينة أخرى.

يريد الناس الهرب إلى ما يريحهم. ومهما كان الأمر عادياً، أو بعيداً عن التصديق، يصدقون ما يتمنونه. يذهب الرجال والنساء إلى المنجمين لكي يسمعوا منهم ما يتمنون. أيُّ توقُّع غير ذلك يرفضونه ويعتبرون المنجّم فاشلاً.

في هذا المعنى، تبدو المؤشرات دليلاً على الحالة النفسية التي تمرّ بها الجماعات، وهشاشة الشعوب المتعبة. وتتصدر المؤشرات في الغالب أخبار الزيجات والطلاقات بين الفنانين. وهي متلاحقة، وتشبه المسلسلات التي يمثلونها. وقد سألت زميلة صحافية مَن أطلق عليها اسمها الطريف، فقالت إن والدتها سمعته في أحد المسلسلات.

الحقائق في عالمنا كثيرة وصعبة، ولذلك نعيش حياتنا في حالة فرار منها. تمر أيام عدة والحدث الأهم عند الناس أن شاباً طلب يد مضيفة ولكن في العلالي. والسبب أن جميع الأخبار الأخرى كانت مملة: لا رئاسة جمهورية، ولا رئاسة حكومة، ولا رئاسة أركان، ولا رئاسة مدرسة. إذن، خطوبة على 35 ألف قدم.

أرجو ألا يساء الظن بي. أنا لا أعترض على حالة الهروب، وإنما على بعض أشكالها. أي أنْ يصبح الهرب من الأخبار السياسية سبباً لجعل خطوبة جوية أهم أحداث اليوم. أو أن يصبح «تنبؤ» السيدة ليلى عبد اللطيف بطلاق أو زواج فنّي، حدث الأحداث. نحن جميعاً ندرك حالة الكآبة التي نمرّ بها. وحالة اليأس وحالة الخوف والضياع. ولكن إلى درجة أن يصبح «الأكثر قراءة» مسافر يطلب الزواج من مضيفة، ألم يكن في وسع البطل الانتظار إلى لحظة الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطوبة جوّية خطوبة جوّية



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 21:24 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 09:02 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 18:10 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 07:57 2016 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هافانا ذات الجو الحارّ غارقة في التاريخ ونابضة بالحياة

GMT 06:44 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

هنيئا لنا برئيس حكومتنا الذي يُضحكنا..!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib