عاربون وسام الغرابة

عاربون: وسام الغرابة

المغرب اليوم -

عاربون وسام الغرابة

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

ماذا عن الجراد؟ ألم يكن أيضاً مزعجاً؟

بالنسبة إلى المزارعين في الواحات، نعم، ولكن ليس بالنسبة إلى البدو. قالوا إن كل ما أكله الجراد عاد مرة أخرى أفضل من ذي قبل. كان الرعي أفضل بعد ذلك، كانت تصيبنا أحياناً أوبئة الجراد في أوائل الربيع.

وأتذكر ذات يوم في ساحة السوق، عندما بدأ الظلام يحلّ قليلاً، رأينا فجأة تلك الصقور والنسور الكبيرة تُحلّق في السماء. كانت تهاجم الجراد، وجاء هذا السرب حتى أظلمت السماء كلياً تقريباً.

أعتقد أن ذلك كان يحدث مرة كل أسبوعين تقريباً في الشتاء والربيع. كانت السحب منها تأتي... وإذا ما أتت قرب المساء، تستقر على الشجيرات. وبعد أن يصبح الجو دافئاً قليلاً ويصبح لديهم طعام جيد، وبعد هطول الأمطار، يضعون بيضهم في أماكن رملية. ثم بمجرد هطول المطر التالي، يخرج المئات من صغار القافزات. في البداية كانت رقعة صغيرة، ولكن كل يوم كانت تكبر وتقفز أكثر فأكثر، حتى يصبح المكان كله كتلة من النطاطات.

لكن مع الجراد الطائر كان الأطفال يقضون وقتاً ممتعاً. فكانوا يخلعون أغطية الرأس، ويطرحون الجراد الطائر أرضاً ويصطادونه. وكانت اللذة الكبرى هي اصطياد الإناث قبل ان تضع بيضها عندما تكون ممتلئة. وكان الجميع يصطادونها، ويبيعونها في السوق. وكانوا يسلقونها في الماء المغليّ والملح. عندما كنت أذهب لمناداة السيدات هناك، كنّ يحضرن دائماً صينية من الجراد المسلوق الدسم، ويقطعن الرؤوس والأرجل والأجنحة، ثم يقدمنها. كان البدو يجففونه على خيامهم، ويحتفظون به طوال العام. لقد فاجأني ذلك. لطالما اعتقدتُ أنهم تسببوا بالكثير من الضرر.

هل تغيّرت حياة البدو كثيراً؟

نعم، حياتهم كلها تتغير. أسرع مما كنت أعتقد حقاً أنها ستتغير.

خذ الإبل على سبيل المثال. في الأصل كان اقتصاد البدو يعتمد على الإبل -عندما كانت هناك سوق لها بوصفها وسيلة للنقل. ولم يكن بإمكان البدو امتلاك كثير من الأغنام، لأن الأغنام تحتاج إلى الماء كل يوم. ولكن الآن تغير كل ذلك. فبعد الحرب بدأ الجميع بشراء شاحنات صغيرة ليذهبوا بها إلى البئر، ويملأوا براميل الماء للأغنام. اليوم، كثير من الخيام لديها حتى شاحنة. بل إن بعض البدو اشتروا شاحنات صهريجية حتى يتمكنوا من الذهاب بعيداً للحصول على الماء. والآن أصبحوا يفتقرون إلى الشباب لرعاية الحيوانات من أي نوع. وهذه هي مشكلتهم التالية. وتدريجياً مع ازدياد شركات النفط، بدأوا يأخذون الشباب إلى الصناعة. لا يريدون رعاية الأغنام بعد اليوم، بل قيادة السيارات.

هل حياة الترحل كما عرفتها انتهت؟

أعتقد في الكويت، بالتأكيد نعم. انتقل الكثيرون من الخيام الآن إلى الأكواخ في ضواحي المدينة. في البداية كانوا يحتفظون بخيامهم لأنهم في الربيع لا يزالون يرغبون في الابتعاد في الصحراء. ولكن الآن تقوم الحكومة ببناء صفوف من المنازل لذوي الدخل المحدود لإزالة كل هذه الأكواخ، وإسكان الناس في منازل. أفترض أن الشباب يعتقدون أن الانتقال إلى منزل هو خطوة للأعلى، لكنّ كبار السن بائسون للغاية. يشعرون بأنهم محاصَرون هناك.

إلى اللقاء في حلقة إكسترا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاربون وسام الغرابة عاربون وسام الغرابة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 16:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
المغرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib