مدن الصيف النهر والبحر

مدن الصيف... النهر والبحر

المغرب اليوم -

مدن الصيف النهر والبحر

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

يتعرّف عاشق الأدب إلى دنيا المياه من خلال تُحفتين: قصة قصيرة كتبها البولندي جوزف كونراد، بعنوان «قلب الظلمة»، ورواية قصيرة (94 صفحة)، كتبها إرنست همنغواي، بعنوان «الرجل العجوز والبحر»، وقد ترجمها البعض «الشيخ والبحر»، والبعض الآخر «العجوز والبحر»، وأرجّح أن الأولى هي الأقرب إلى درامية النص.

في قصة كونراد يجري صراع الفرد الضعيف على مسرح المياه العذبة؛ نهر التيمز ونهر الكونغو. وفي رواية همنغواي المسرح هو البحر، المياه المالحة، والبطل صيّاد كوبي في هزيعه الأخير، يقع على سمكة قرش ضخمة، ويحاول القبض عليها، لكنها غنيمة غير سهلة. الرواية كلها عبارة عن مشهد واحد: بقائية الحياة، بين صيّاد فقير عاش عمره على قارب صغير يطارد أسماك البحر الكاريبي، وحوت كبير يرفض الاستسلام.

الروعة في النصين ليست في الحبكة، بل في السرد، كلاهما -البحّار البولندي والمراسل الأميركي- يكتب زهرة تجارية في عالم متحارب ومُتعادٍ، وباحث عن ضحية يعتدي على حريتها، وأملاكها، وحتى حياتها.

البرّ ليس أقل عدوانيةً وافتراءً، لكننا اعتدنا عليه، أما حين تكون على سطح سفينة، وتتأمّل نفسك بين السماء والمياه، ولا شيء أمامك سوى حافة الأفق، الذي ليس خلفه سوى أفق آخر، لا متناهيات الآفاق والمياه، فإنك تشكر الله على اختراع المواني التي أُنشئت على الطريق، وثمة دلائل كثيرة على أنك أصبحت قريباً منها، بينها أطراف اليابسة، وطيور النورس التي تبدأ في الحَوم والتحليق والانقضاض، وكأنها تستطلع وتتبادَل الرسائل حول ما ينتظرها من آدام وطعام.

وإذ تطلّ اليابسة كلها، ترى أمامك فجأة فرقة من الدلافين الضاحكة ترقص في الهواء، قفزاً ولعباً وفرحاً، تغوص راقصة، ثم تقفز فوق سطح المياه لاهية كأنها تقدّم عرضاً خاصاً للقادمين الجدد إلى عالم البحر والمحيطات، الذي تبدو اليابسة أمامه جزءاً صغيراً من هذا الكوكب.

إلى اللقاء.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الصيف النهر والبحر مدن الصيف النهر والبحر



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib