موجعة المقارنة مع الاستعمار

موجعة المقارنة مع الاستعمار

المغرب اليوم -

موجعة المقارنة مع الاستعمار

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

سمّي الحكم الفرنسي على لبنان انتداباً، بمعنى أنه توافق دولي وليس استعماراً. وكان الانتداب يعين رئيس الجمهورية. وقد عيّن لنا الفرنسيون حتى الاستقلال عام 1943. ستة رؤساء، كانوا الأكثر نزاهة وتقشفاً وتعففاً وعلماً وترفعاً وتمسكاً بالدستور، في تاريخ لبنان، كذلك كان رؤساء الحكومات. كذلك كان الوزراء والمديرون والقضاة. وعندما استدعى المفوض السامي القاضي الفرد نقاش ليبلغه تعيينه رئيساً للجمهورية قال معترضاً: «لكنك تعرف أنه لا يحق للقضاة التعاطي في السياسة».
كان لبنان العثماني فقيراً جائعاً إلى العلم والخبز والحرية. ولم يكن مسموحاً له الاعتراف بحق الشيعة كمواطنين. فأصبح له مع الانتداب، دستور وقوانين ونظام يضم 19 طائفة. اعتبر اللبنانيون أن الاستقلال صك تملك. ووضعوا للدستور مفسرين بعضهم على علم وخلق وحب لمواطنهم، وبعض على فسق وفساد وفجور.
كم يؤلم القول إن أولى علامات سقوط الدولة بدأت مع الاستقلال. لكن مع الحفاظ على ما أمكن من أسسها. ظلت السياسة في أيد ضنينة بحقوق الناس وأصول الحكم. وظل الميثاق الوطني محترماً برغم الشطط. وتكاثر المتهافتون، لكن الصورة العامة ظلت معلقة على جدار الأمم. وظل ممكناً للبنانيين، برغم العنصر الخارجي، أن يأتي إلى الرئاسة أكفاء أنقياء مثل فؤاد شهاب وإلياس سركيس، أو علماء في السياسة والتاريخ مثل شارل حلو. كما ظل البرلمان مفتوحاً أمام شخصيات مثل كمال جنبلاط ونصري المعلوف وريمون إده وغسان تويني، برغم محاولات التزوير.
لكن حركة السقوط العام لم تتوقف، وقضت الحرب على المقاييس، وحاول كل فريق أن يأخذ لبنان إلى جهته، ليس لنفسه، بل لحساب أسياده. فالمزاد كان علنياً والاحتفال بفقد العذرية كان عرساً من أعراس الدم، يُهتف ويصفق له مثل الأعراس في عصور الأصنام.
لبنان الذي اقترع أمس، كان مجموعة مآتم تحاول الاختباء خلف أقنعة مخيفة. انتخابات ليس فيها حرية ولا خيار ولا ناخب حقيقي. جرت على وقع طائفي ومذهبي كاسر أكثر مما في ذروة أيام الحرب. البلد يقطر دماً، والوجوه تقطر سماً. ولماذا الانتخابات إذا كانت وسيلة أخرى لذرّ الشر والتدمير النفسي والوطني؟
انتخابات فوق عشرة آلاف كيلومتر مربع غاب في معظمها، لبنان. هو وشعاراته وأعلامه. مَن يرِد الفوز، عليه أن يتبرأ أولاً من علاقته بأرضه. وأن يعلن ندمه على فكرة الاستقلال. استمر الانتداب الفرنسي 20 عاماً، كم هو مؤلم وموحش القول إنها كانت أفضل مراحل لبنان كدولة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موجعة المقارنة مع الاستعمار موجعة المقارنة مع الاستعمار



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ المغرب اليوم

GMT 07:54 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
المغرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 16:08 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إنستغرام تتخلص من التحديث التلقائي المزعج عند فتح التطبيق

GMT 16:24 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 06:43 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أمزازي يؤكد أن الإحباط يحدّ من الرقي بمستوى الجامعات

GMT 20:23 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

محمد برابح ينتقل إلى فريق نيميخين الهولندي

GMT 01:58 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

علامة صغيرة تشير إنك مصاب بفيروس كورونا

GMT 06:32 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم في إطلالة جذابة باللون الأسود

GMT 01:51 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين زفاف تُناسب شكل جسم العروس وتُظهر جمالها

GMT 14:27 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود الخطيب يُشعل حماس لاعبي "الأهلي" قبل مواجهة "الترجي"

GMT 06:12 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"إيتون Eaton- واشنطن" عنوان مميَّز للفنادق الفخمة

GMT 14:01 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حياة "غريس موغابي" المرفهة تتحول إلى أمر صعب للغاية

GMT 09:11 2017 الأحد ,06 آب / أغسطس

توقعات أحوال الطقس في تمارة الأحد

GMT 00:50 2014 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حقيقة التحاق الممثل "أمين الناجي" بتنظيم "داعش"

GMT 04:17 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

العثور على آثار من مصر والهند شرق إثيوبيا

GMT 16:07 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شاب يذبح غريمه في بني ملال ويُرسله للطوارئ في حالة حرجة

GMT 00:17 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

كاظم الساهر يغني في منتجع "مازاغان" الشهر المقبل

GMT 12:00 2016 الثلاثاء ,26 إبريل / نيسان

نجوم بوليوود في عيد ميلاد فارون دهاون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib