هوامش قمة البحرين

هوامش قمة البحرين

المغرب اليوم -

هوامش قمة البحرين

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

لا يمكنني أن أتجاهل المصادفة ولا التاريخ. منذ 60 عاماً على وجه الضبط، جئت إلى البحرين صحافياً مع وفد الجامعة العربية وأمينها العام عبد الخالق حسونة، ومساعده سيد نوفل، ومعهما وفد خليجي من السعودية والعراق والكويت.

لم تكن معظم بلدان الخليج قد استقلت بعد، ولا انضمت إلى الجامعة. وكانت البحرين أصغر دول هذا الساحل، يأتي إليها الخليجيون الآخرون للدراسة، أو للتجارة، في أوقات العطلة. وكانت في تواضعها وبساطتها، تشبه إلى حد بعيد أميرها الطيب الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة. وكان هذا الرجل بأسلوبه في التعامل مع الناس، يضاعف حجم الجزيرة، مساحة وسكاناً.

في اليوم الأول لوصول الوفد دعي الجميع إلى مائدة المضيف. وجلس الحاضرون إلى طاولة واحدة. وأدهشني أن السائقين الذين كانوا يتنقلون بنا في النهار، كانوا الآن يجلسون إلى جانبنا، وإلى الطاولة نفسها التي يترأسها الأمير.

لم تكن المنطقة قد دخلت زمن الخوف الكبير بعد. وكان الجميع لا يزالون يتطلعون إلى الأمام، وليس حولهم، ومن أمامهم، ومن ورائهم. طبعاً كان شاه إيران يرخي بظله على الجزيرة الهانئة، ويعتبرها جزءاً من إيران، ويعيّن لها نائبين في البرلمان الإيراني. كما كان يطلب (أيضاً في الظل) الاطلاع مسبقاً على القرارات الرئيسية في جميع بلدان الجوار. في قمة الدار البيضاء، عام 1987 ذهبت مع الزميل عثمان العمير للسلام على الشيخ عيسى في الفيلا المخصصة له. وسألته ماذا تفعل البحرين في هذا الجو العاصف؟ فقال: «رحم الله امرأ عرف قدر نفسه».

كانت البحرين دولة بلا نفط، وبالتالي بلا جاليات كبيرة، أو مشاريع ضخمة. لكنها بحثت في السعودية عبر الحدود عن توسع اقتصادي، وعن شراكة أمنية طبيعية. وعندما بدأت إيران سياسة التحريض وحرّكت تظاهرات «الدوائر»، رأى العالم الدولة الصغيرة ترد على المواجهة بالمواجهة. كان الشيخ عيسى متواضعاً، لكنه عارف أكثر من سواه بأوضاع المنطقة وميزان القوى والطموحات، الخفية والمعلنة. وإذ غاب مبكراً، ترك لولي عهده، الشيخ حمد، سلسلة من التحديات في عالم عربي تتنازعه المخاوف والتجاذبات وأسئلة المصير. لا تزال البحرين أصغر بلدان العرب، وبلا ثروة نفطية تذكر، لكنها بنت اقتصاداً حديثاً سليماً، ووسعت مساحتها بردم البحر الذي كان «يدخل البيوت»، كما فعل الهولنديون من قبل. وتجاوزت أزمات وجودية حادة، خصوصاً في الوضع الأهلي. كانت نموذج الدولة المحاطة بالمخاوف والقلق، لكنها دافعت عن استقلالها وحقوقها دون التخلي عن بوصة واحدة من سيادتها.

إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هوامش قمة البحرين هوامش قمة البحرين



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:34 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
المغرب اليوم -

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib