الصحافة تحوّل الحروب إلى رتابة

الصحافة تحوّل الحروب إلى رتابة

المغرب اليوم -

الصحافة تحوّل الحروب إلى رتابة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

للشاعر السوري نذير العظمة، الذي توقف مبكراً، قصيدة جميلة عنوانها «غداً تقولين كان». وهي مرثية للناس والأشياء والأحداث التي تمضي في هباء الزوال. لا أعرف كم تعيش أهمية الأحداث، لكن طبيعة الأشياء أنها لا تعيش طويلاً. سرعان ما يتحول الموت والعذاب إلى رتابة. وتسأم الناس القراءة والمتابعة. وبكل عفوية ينقل المحررون عناوين الصفحات الأولى إلى الصفحات الداخلية. ثم تصبح زاوية ثابتة مثل أخبار الوفيات. ولا يبقى سوى أن يتذكر الناس شيئاً ابتعد في الذاكرة وغداً تقولين كان.
لا ندري إلى متى سوف نظل نكتب لكم عن مشاهد أوكرانيا. الصحافة عمل قاس يتبع قواعد الإثارة والملل. ويلتزم قانون «الحدث» وقياس الأهميات المتوحشة. لكن حتى اللحظة أشعر أنني قادر على الإحاطة بما يجري في بقاع الرجل وتوابعها وملحقاتها. واليوم أقرأ مثلاً أن الأوكرانيين ليسوا وحدهم يهربون، بل الروس أيضاً. طبقة واسعة من الصحافيين والفنانين والمثقفين يهربون من خناق الحروب.
نحو 25 ألفاً منهم هربوا إلى تيبليسي، عاصمة جورجيا، ومهد ولادة ستالين. وليست هذه المرة الأولى التي تهرب فيها النخب الروسية، خصوصاً إلى باريس، التي استقبلت أوائل القرن الماضي أشهر الرسامين والموسيقيين. لكن فريقاً كبيراً من المعارضين كان يفضل البقاء في روسيا ويتهم الهاربين بالخوف والخيانة. وكانت أشهر هؤلاء الشاعرة آنا أخماتوفا التي كتبت عام 1922 «لست من أولئك الذين هجروا الوطن». ولا تزال تلك القصيدة مدرجة في برامج الدروس في روسيا إلى اليوم، وعلى كل تلميذ أن يحفظها غيباً. وكان زوجها الأول الشاعر نيكولاي غاميليوف قد أعدم، واعتقل ابنها ليو العام 1935 وأمضت هي سنوات عدة في السجن، حيث وضعت أشهر قصائدها، «مرثية». والعام 1953 توفي زوجها الأخير، نيكولاي بونين، في المعتقل.
تقول أخماتوفا في «مرثية»: «لقد اخترت البقاء مع شعبي، وإلى حيث قادتهم الكارثة، كنت هناك». كثيرون من المعارضين اقتبسوا هذه الأدبيات في ظل بوتين، متحدين شتى أنواع الاضطهاد. ومنذ عشرين عاماً يدور جدل وجداني بين المنشقين حول أخلاقية البقاء أو المغادرة. ويبدو أن الأكثرية تؤيد خيار أخماتوفا. لكن الدولة تزيد الضغوط. والقوانين الجديدة تساوي إذاعة الأخبار «الكاذبة» بالخيانة العظمى، وعقوبتها 15 سنة سجناً. وأقدمت السلطات في العام الماضي على إغلاق عدد من محطات التلفزيون وأعلنت أصحابها «عملاء للأجانب»، غير أنهم استمروا في البث عبر الإنترنت من دول مجاورة.
تغيرت المواقف بعد حرب أوكرانيا. وقرر الصامدون الهجرة «رافضين أن يجري الاعتداء باسمهم». لكن كما حدث في حالات كثيرة (بينها لبنان) فإنهم مرذولون وغير مُرحب بهم في الخارج، باعتبارهم «جماعة بوتين».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصحافة تحوّل الحروب إلى رتابة الصحافة تحوّل الحروب إلى رتابة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ المغرب اليوم

GMT 07:54 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
المغرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 09:49 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
المغرب اليوم - أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
المغرب اليوم - مقتل 54 صحافياً في عام 2024 ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية

GMT 10:25 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

بيل كلينتون يُطالب بايدن بعفواً استباقياً لزوجته هيلاري
المغرب اليوم - بيل كلينتون يُطالب بايدن بعفواً استباقياً لزوجته هيلاري

GMT 16:08 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إنستغرام تتخلص من التحديث التلقائي المزعج عند فتح التطبيق

GMT 16:24 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 06:43 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أمزازي يؤكد أن الإحباط يحدّ من الرقي بمستوى الجامعات

GMT 20:23 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

محمد برابح ينتقل إلى فريق نيميخين الهولندي

GMT 01:58 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

علامة صغيرة تشير إنك مصاب بفيروس كورونا

GMT 06:32 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم في إطلالة جذابة باللون الأسود

GMT 01:51 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين زفاف تُناسب شكل جسم العروس وتُظهر جمالها

GMT 14:27 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود الخطيب يُشعل حماس لاعبي "الأهلي" قبل مواجهة "الترجي"

GMT 06:12 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"إيتون Eaton- واشنطن" عنوان مميَّز للفنادق الفخمة

GMT 14:01 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حياة "غريس موغابي" المرفهة تتحول إلى أمر صعب للغاية

GMT 09:11 2017 الأحد ,06 آب / أغسطس

توقعات أحوال الطقس في تمارة الأحد

GMT 00:50 2014 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حقيقة التحاق الممثل "أمين الناجي" بتنظيم "داعش"

GMT 04:17 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

العثور على آثار من مصر والهند شرق إثيوبيا

GMT 16:07 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شاب يذبح غريمه في بني ملال ويُرسله للطوارئ في حالة حرجة

GMT 00:17 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

كاظم الساهر يغني في منتجع "مازاغان" الشهر المقبل

GMT 12:00 2016 الثلاثاء ,26 إبريل / نيسان

نجوم بوليوود في عيد ميلاد فارون دهاون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib