في مواكب الشجعان

في مواكب الشجعان

المغرب اليوم -

في مواكب الشجعان

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

بدأ الرئيس صائب سلام في وضع مذكراته في جنيف، حيث كان يعيش في منفاه الطوعي. وكان يعيد النظر في كل فصل حيث يصحح أو يمحو أو يلغي. ثم يعيد الكتابة. إنه يريد تدوين التاريخ لكنه لا يريد أن يغضب أحداً. وأخيراً قرر حفظ المذكرات وعدم نشرها وهو على قيد الحياة. وعندما سألته آخر مرة عن مصير المذكرات، قال إنه لا يريد أن تُنشر حتى بعد وفاته لأنه «لا يريد توريث العداوات إلى ابنه تمام».
كنت أحب في صائب سلام رجل الدولة والوعي والعدل بين الأسر التي يتكون منها لبنان. ولذلك كنت أتمنى أن تنشر مذكراته رضي من رضي وغَضب من غَضِب. إنها ملك التاريخ، والتاريخ قد أصبح تاريخاً، ومعظم الذين ترد أسماؤهم قد أصبحوا طي التاريخ هم أيضاً. وقبل نحو أربع أو خمس سنين، قال لي الرئيس تمام سلام: أعطينا مذكرات صائب بك للجامعة الأميركية. وما علينا سوى الأمانة للتاريخ.
في اعتقادي أن تمام سلام أعاد قراءة المذكرات مرة، أو مرات، قبل التوصل إلى صيغتها النهائية. ومن قراءة الحلقات الثلاث، التي نشرت هنا، تعرف لماذا أبقيت تلك المذكرات بلا نشر طوال أربعين عاماً. كان لصائب سلام رأي في بعض زملائه وأصدقائه السياسيين. وكان يفكر أن لا يعبر عنه. وفي الوقت نفسه كان يعتقد أن حقائق التاريخ تفترض ذلك.
والنادر في حياة صائب بك السياسية أنه كان زعيماً حقيقياً، سواء في الحكم أو خارجه. وكانت دارته، كما روى، مركزاً للرئيس ياسر عرفات وقيادته قبيل خروج منظمة التحرير من لبنان. وصدف أن ذهبت مرة مع العميد ريمون إده إلى زيارة صائب بك لقضية شخصية، عندما دخل عليه القائد العسكري أبو علي حسن سلامة. وكان أبو علي حسن يتصرف كأنه في بيته أو مكتبه. أما ريمون إده، الوحيد الذي رفض توقيع «اتفاق القاهرة» مع منظمة التحرير، فكان حضوره يطغى على المكان. وكنت قد جئت معه في سيارته التي دائماً يقودها. وكان الوضع في البلد مهتزاً وقاتماً. وطوال الطريق كان العميد يتطلع إليّ ساخراً: «شو قصتك؟ ما عندك ركاب (ركبتين)؟».
لم يكن أحد يتوقع أننا على مشارف حرب سوف تطول. وبعد نحو 6 سنوات خرج أبو عمار من بيروت بحماية أميركا، كما يروي صائب بك، وخرج صائب بك إلى جنيف، وخرج ريمون إده إلى باريس. وخرج نحو 800 ألف لبناني في كل اتجاه. من تونس أكمل أبو عمار الطريق إلى أوسلو «فالمقاطعة». وعاد صائب بك ليمضي سنواته الأخيرة يتلقى التهاني بالأعياد واقفاً مثل الرمح، باسماً كمن عاش 93 عاماً في أرفع عز سياسي، يضع قرنفلته في عروة سترته، متخلياً فقط عن سيجاره الشهير، بعد رفقة طويلة.
أما العميد فرفض العودة إلا جثماناً مسجى. قبل وفاته بيوم واحد عن 87 عاماً جاءه طبيبه. قال له العميد ضاحكاً: غداً تأتي لترافق جثماني. قال الطبيب: كبر عقلك يا عميد قدامك كتير. قال العميد: اسمع ما أقوله جيداً: أنا العميد... مش أنت العميد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مواكب الشجعان في مواكب الشجعان



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ المغرب اليوم

GMT 07:54 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
المغرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 09:49 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
المغرب اليوم - أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
المغرب اليوم - مقتل 54 صحافياً في عام 2024 ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية

GMT 10:25 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

بيل كلينتون يُطالب بايدن بعفواً استباقياً لزوجته هيلاري
المغرب اليوم - بيل كلينتون يُطالب بايدن بعفواً استباقياً لزوجته هيلاري

GMT 16:08 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إنستغرام تتخلص من التحديث التلقائي المزعج عند فتح التطبيق

GMT 16:24 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 06:43 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أمزازي يؤكد أن الإحباط يحدّ من الرقي بمستوى الجامعات

GMT 20:23 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

محمد برابح ينتقل إلى فريق نيميخين الهولندي

GMT 01:58 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

علامة صغيرة تشير إنك مصاب بفيروس كورونا

GMT 06:32 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم في إطلالة جذابة باللون الأسود

GMT 01:51 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين زفاف تُناسب شكل جسم العروس وتُظهر جمالها

GMT 14:27 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود الخطيب يُشعل حماس لاعبي "الأهلي" قبل مواجهة "الترجي"

GMT 06:12 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"إيتون Eaton- واشنطن" عنوان مميَّز للفنادق الفخمة

GMT 14:01 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حياة "غريس موغابي" المرفهة تتحول إلى أمر صعب للغاية

GMT 09:11 2017 الأحد ,06 آب / أغسطس

توقعات أحوال الطقس في تمارة الأحد

GMT 00:50 2014 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حقيقة التحاق الممثل "أمين الناجي" بتنظيم "داعش"

GMT 04:17 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

العثور على آثار من مصر والهند شرق إثيوبيا

GMT 16:07 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شاب يذبح غريمه في بني ملال ويُرسله للطوارئ في حالة حرجة

GMT 00:17 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

كاظم الساهر يغني في منتجع "مازاغان" الشهر المقبل

GMT 12:00 2016 الثلاثاء ,26 إبريل / نيسان

نجوم بوليوود في عيد ميلاد فارون دهاون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib